طغت المخاوف حيال احتمال حدوث اضطرابات في الإمدادات النفطية في ضوء استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، على الحديث عن سحب عالمي منسق من مخزونات الخام لتهدئة الأسواق بعدما حلّقت الأسعار فوق مستوى المئة دولار للبرميل. وارتفع سعر خام برنت المرجعي الأوروبي أكثر من 5 في المئة الثلاثاء مقتربا من 103 دولارات للبرميل للمرة الأولى منذ منتصف 2014، وسط تصاعد قلق المستثمرين من ارتباك أكبر في السوق قد لا يتمكن أحد من السيطرة عليه مع تشديد العقوبات الغربية على موسكو. ولامس خام برنت القياسي أعلى مستوى في سبع سنوات عند نحو 105.8 دولار بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا الأسبوع الماضي. لويز ديكسن: ستظل أزمة الطاقة في التفاقم إذا تصاعد الصراع أكثر وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم أبريل بمحو 3.8 في المئة ليبلغ 99.6 دولار للبرميل. وكانت عقود الخام الأميركي قد لامست مستوى مرتفعا عند حوالي 99.1 دولار للبرميل الاثنين الماضي، وسجلت عند التسوية ارتفاعا بأكثر من 4 في المئة. ويأتي انتعاش الأسعار بينما تستعد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون، من بينهم روسيا، ضمن تحالف أوبك+ لعقد اجتماع الأربعاء والذي من المتوقع أن يُبقوا على زيادة تدريجية مزمعة في الإمدادات خلال أبريل بمقدار 400 ألف برميل يوميا. واستبقت السعودية أكبر مصدّر للنفط في العالم على الرغم من أنها تأتي ثالثة في حجم الإنتاج بعد روسيا والولايات المتحدة بالتأكيد الثلاثاء على أنها حريصة على استقرار أسواق النفط وتوازنها والتزامها باتفاق تحالف أوبك+. إلا أن موسكو قد يكون لها موقف مغاير، للضغط على مستهلكي الطاقة، كورقة لتحقيق مكاسب سياسية في أزمتها مع كييف. وكتبت لويز ديكسن كبيرة محللي سوق النفط في ريستاد إنرجي في مذكرة إن “الوضع الهش في أوكرانيا والعقوبات المالية وعقوبات الطاقة ضد روسيا ستبقي أزمة الطاقة متفاقمة”. ورجحت “أن يظل سعر النفط الخام يرتفع إلى ما يزيد كثيرا عن 100 دولار للبرميل على المدى القريب، بل وأكثر إذا تصاعد الصراع أكثر”. وأعلنت كبرى شركات النفط والغاز العالمية، مثل بي.بي وشل وتوتال وإكوينور النرويجية، عن خطط للخروج من العمليات الروسية والمشاريع المشتركة. ويواجه مشترو النفط الروسي صعوبة بشأن المدفوعات وتوافر السفن مع فرض العقوبات. ومع ذلك، تلقت معنويات السوق دعما من بحث الولايات المتحدة وحلفائها سحبا منسقا من مخزونات الخام لتخفيف اضطراب الإمدادات. وذكرت وسائل الإعلام أن هذا السحب قد يصل إلى ما بين 60 و70 مليون برميل. وكتب محللون في كومنولث بنك أوف أستراليا في مذكرة “هذا السحب المحتمل يحدّ من ارتفاع أسعار النفط في الوقت الحالي”. وتصدر روسيا، التي تصف تحركاتها في أوكرانيا بأنها “عملية خاصة”، ما بين 4 و5 ملايين برميل يوميا من النفط الخام، وما بين مليونين وثلاثة ملايين برميل يوميا من المنتجات المكررة. وبدأت الدول المنتجة للنفط ضمن تحالف أوبك+ في تنفيذ اتفاق تاريخي يقضي بخفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا اعتبارا من مايو 2020، ولاحقا تم تقليص الخفض تدريجيا. Thumbnail ونجح التحالف منذ ذلك الحين في إعادة استقرار سوق النفط العالمية بعد أن شهد برميل نفط برنت مستويات دون 16 دولارا في أبريل 2020، بسبب تفشي الجائحة، وانهيار الطلب على المشتقات. ويقضي اتفاق تخفيف قيود الإنتاج الحالية والمتبعة منذ شهر سبتمبر الماضي بتخفيف القيود بمقدار 400 ألف برميل يوميا وصولا إلى خفض يبلغ صفر برميل بحلول سبتمبر المقبل. ويتوقع محللو سوق الطاقة أن يقترح التحالف خلال اجتماعهم الأربعاء بتخفيف قيود الإنتاج بمقدار 600 إلى 800 ألف برميل، اعتبارا من أبريل، وربما خلال مارس الجاري، إن كانت التوقعات تشير إلى استمرار أزمة شرق أوروبا. وقد تستخدم روسيا ورقة قوتها في التحالف وتعارض ضخ كميات إضافية عن المتفق عليه لتحقيق عوائد مالية مقابل الخسائر المتلاحقة التي ستتكبدها بسبب العقوبات الغربية. وسيفتح هذا الرفض باب المعارضة في التحالف من جانب بعض الأطراف التي قد تتأثر بأي ضغوط غربية وخاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا لزيادة كميات الإنتاج. وهذه النقطة ربما تعمق أي خلافات داخل التحالف، حيث تحاول واشنطن لعب دور محوري في اتخاذ قرار يخالف اتجاه موسكو. وتعي روسيا أن قوى أخرى خارج التحالف، قد يكون لها رأي مؤثر على أي من الأعضاء الثلاثة والعشرين، وهو ما سيدفعها نحو رفض أي مقترحات بعيدة عن الخطة المنفذة اعتبارا من سبتمبر الماضي.
مشاركة :