انتقد رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة أنس العبدة، تواطؤ الدول الغربية وازدواجيتها في "المذبحة" التي تجري بسوريا، مقابل محاولة حماية أوكرانيا وشعبها بسبب التدخل الروسي. وفي حديث له مع الأناضول، تطرق العبدة إلى مواقف الدول الغربية وسرعة تدخلها في دعم الشعب الأوكراني وفرض العقوبات على روسيا وتباطؤها حول ما جرى في سوريا. وقال العبدة: "في سوريا هناك مذبحة بحق شعب كامل أمام مرأى العالم وبتواطؤ دولي، بينما في أوكرانيا العالم الغربي كله يحاول حمايتها وشعبها". وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، شرعت روسيا في شن هجوم عسكري على أوكرانيا، ما دفع عواصم ومنظمات إقليمية ودولية إلى فرض عقوبات على موسكو شملت قطاعات متعددة، منها الدبلوماسية والمالية والرياضية. ازدواجية غربية العبدة تحدث عن الازدواجية الغربية بالقول: "نحن مع حماية الأوكرانيين من سلاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكن نحن ضد تلك الازدواجية الفجة والعلنية للدول الغربية". واعتبر أن "قتل الإنسان ينبغي ألا يُسكت عنه مهما كانت جنسية الضحية أو معتقده". وأضاف العبدة، "ندعم ونثمن مواقف الدول الداعمة للصمود الأوكراني في وجه الاجتياح والغزو الروسي، لأن البقاء دون حراك يعني إعطاء روسيا دفعة قوية للاستمرار في إجرامها وانتهاكها لحقوق الإنسان، وتنفيذ نشاطاتها التوسعية التي لا تراعي أي قانون أو احترام للحريات" وفق تعبيره. وشرح متابعاً أنه "لا يخفى على أحد أن الموقف الأمريكي والغربي في الملف الأوكراني أقوى بكثير من مواقفهم في الملف السوري، وهذا يدل على خلل في استراتيجية تلك الدول التي تراخت في الحالة السورية". مواقف متباينة القيادي في المعارضة تحدث عن هذه المواقف المتباينة مبيناً أن هذا التراخي في سوريا، "أعطى الجانب الروسي دعماً مباشراً وغير مباشر للقيام بمغامرات جديدة قد لا تقف عند حدود أوكرانيا". وأردف أن "عدم استشراف وتوقع الخطر قبل تشكّله واقعاً على الأرض، هو أكبر فشل يمكن أن تقع فيه قيادة أي دولة". ويرى العبدة أن "تسارع الدول الغربية لاتخاذ مواقف صلبة ضد روسيا في غزوها لأوكرانيا هو نتيجة الشعور بالتهديد المباشر الذي يشكله هذا الغزو على مصالحهم وأمنهم القومي". وتابع: "بينما في سوريا كانت مواقفهم أضعف ضد رئيس النظام بشار الأسد وروسيا، وذلك ليس لأنهما لا يهددان أمنهم القومي، بل لأن الدول الغربية لم تستشعر حقيقة ذلك التهديد؛ هم يخسرون الشرق الأوسط ويتركونها لروسيا وإيران". واستدرك العبدة بالقول: "لكن هذا السلوك اللامبالي سينعكس عليهم، فروسيا وإيران جعلت المنطقة مرتعاً للإرهاب العابر للحدود، وحولت سوريا إلى معمل مخدرات يفتك بالشعوب جميعها". مقاربة مختلفة ورداً على سؤال عن كيفية قياس فرق المقاربة بين ما حصل في سوريا ويحصل في أوكرانيا، أجاب العبدة أن "هناك تشابهاً بين ما حصل ويحصل في سوريا وبين ما يحصل في أوكرانيا". وأوضح أن "غزو روسيا لأوكرانيا هدفه إضعاف الغرب والسيطرة السياسية والاقتصادية في منطقة ذات بعد جيوسياسي وجيواستراتيجي مهما". لكن العبدة أشار إلى فروقات عديدة بين الحالتين، قائلا إن "حكومة أوكرانيا دعمت نضال شعبها ضد المطامع الروسية وقادته، بينما في سوريا وقف النظام خادماً للمصالح الروسية والإيرانية مستدعياً لتدخلهما المباشر بالإضافة للمليشيات الطائفية الإرهابية". واستطرد: "كما استخدم الأسد كل الأسلحة الممكنة لقتل الشعب السوري فقط لأنّ هذا الشعب أراد حريته وكرامته". وأشار العبدة إلى أن "روسيا قتلت الشعب السوري على مدار سنوات بسلاح روسي وبيد النظام، ثم دخلت في العام 2015 رسمياً بعتادها وسلاحها، تقتل وتفتك بالشعب السوري، والعالم يصمّ أذنيه عن صرخات السوريين واستغاثاتهم". ازدواجية الإعلام الدولي كما تطرق العبدة إلى ازدواجية معايير في الإعلام الدولي بتناول الحديث عن اللاجئين، بالقول: "الإشكالية في الملف السوري أن إعلام بعض الدول عمل على شيطنة المعارضة السورية وسلاحها، حيث كانوا يروجون إلى أن المعارضة تخدم منظمات إرهابية". وأشار إلى أن "هذا القالب الخاطئ تماماً والمعاكس للحقيقة تمّ نشره بطريقة غير بريئة أبدًا ودعمته الماكينات الإعلامية التابعة لروسيا وإيران والأسد، وهو ما جعل التعاطي مع اللاجئ السوري الهارب من نظام الأسد على أنه قد يكون إرهابياً محتملاً". وزاد العبدة، "لا أقول إن الشعب الغربي أو الدول الغربية بريئة وضحية تضليل؛ ما أريد قوله أن تلك الدول كانت واعية تمامًا للتضليل الحاصل ومحاولات وصم المعارضة السورية والشعب السوري بالإرهاب، وكانت صامتة حيال ذلك". وأشار إلى أن "هذا الموقف أضر بنا وبكفاحنا ضد النظام الفاشي في دمشق وداعميه، كفاحنا من أجل حريتنا ومستقبل بلادنا". وأشاد العبدة "بموقف الدول الغربية حيال حق الشعب الأوكراني في مواجهة قوة احتلال كروسيا"، مستدركاً، "لكن عليهم أن يتذكروا أن خسارة سوريا لصالح روسيا وإيران لن يكون أقل خطورة عليهم من ترك أوكرانيا لروسيا". ويرى رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، أن "إيران تريد السيطرة على الشرق الأوسط لتتحدى العالم، وروسيا تريد السيطرة على الشرق الأوسط من أجل تعزيز قوتها في مواجهة الغرب". وختم بالقول: "لا بد من توسيع الموقف الغربي ضد روسيا إلى الملف السوري، هذه فرصة دولية لإضعاف الغطرسة الروسية والإيرانية بشكل نهائي، إذا فاتتهم تلك الفرصة فربما لن تعود في المدى القريب والمتوسط". وفي مارس/ آذار 2011، اندلعت بسوريا احتجاجات شعبية مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكن النظام أقدم على قمعها عسكريا، ما زج بالبلاد في حرب مدمرة، أسفرت بحسب تقرير أممي نشر في سبتمبر/ أيلول 2021 عن مقتل نحو 350 ألف شخص. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :