طرابلس - أدت الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا الخميس اليمين القانونية أمام مجلس النواب المنعقد في طبرق (شرق)، في ظل غياب عدد من الوزراء، وبعدما اتهمت الحكومة المنافسة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بمحاولة عرقلة العملية. ومنح مجلس النواب الثلاثاء الثقة لحكومة باشاغا لتحل محل حكومة الدبيبة الذي يرفض التنازل عن منصبه إلا "لسلطة منتخبة". وأدّى فتحي باشاغا مع عدد من وزرائه اليمين القانونية أمام مجلس النواب. ونقلت عدد من القنوات والمواقع الجلسة مباشرة على الهواء. ولم يتمكن ثلاثة وزراء من حضور الجلسة بعد احتجازهم من طرف مسلحين، وفق ما ذكرت تقارير إعلامية وباشاغا نفسه، فيما أعلن وزير الاقتصاد انسحابه من الحكومة قبل الجلسة. وتغيّب وزراء آخرون من دون معرفة الأسباب. وتتألف التشكيلة الحكومية من أربعين وزيرا في بلد يعاني منذ سنوات من حروب متلاحقة وأزمات مالية واقتصادية وسياسية عميقة. وقال باشاغا في كلمة ألقاها عقب أداء اليمين القانونية "أدين حالة التصعيد غير المبررة من بعض الأطراف لمنع بعض الوزراء من أداء اليمين، كما أدين العمل الجبان الذي نفذته مجموعة مسلحة بالاعتداء وحجز حرية ثلاثة وزراء، ومنعهم من الوصول إلى طبرق لأداء اليمين". وكان يشير إلى وزراء الخارجية والثقافة والتعليم التقني. وأضاف "نحن دعاة سلام قولا وفعلا واليوم يريد البعض جرنا للحروب والاقتتال، لكن لن نعطيهم فرصة ولن نسفك قطرة دم واحدة". ثم استدرك قائلا "لكن لن نسمح باستمرار هذا، وباشرنا بإجراءات استلام السلطة من داخل طرابلس بقوة القانون"، مجددا التأكيد على العمل "بكل قوة على إنهاء المراحل الانتقالية والوصول إلى الانتخابات". وكان باشاغا اتهم صباحا الدبيبة بمنع أعضاء حكومته من السفر من طرابلس إلى طبرق في شرق البلاد حيث مقر البرلمان، وذلك بإغلاق المجال الجوي. ولم تصدر حكومة الدبيبة أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات. وأعلن وزير الاقتصاد جمال شعبان رفض منصبه "رفضا مطلقا وتضامنا مع الشعب الليبي"، مشككا بعملية التصويت التي حصلت في جلسة الثقة. وكانت الأمم المتحدة عبرت عن قلقها من الأجواء التي رافقت عملية منح الثقة للحكومة الجديدة. وأكدت في بيان صحافي أنها "قلقة من التقارير التي تفيد بأن التصويت في جلسة مجلس النواب لم يرق إلى المعايير المتوقعة والشفافية، مع حدوث تهديد سبق الجلسة". وعيّن مجلس النواب مطلع الشهر الماضي وزير الداخلية السابق والسياسي النافذ فتحي باشاغا (60 عاما) رئيسا للحكومة. وجاء ذلك بعدما اعتمد المجلس خارطة طريق جديدة يعاد بموجبها تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات في غضون 14 شهرا كحد أقصى، ما تسبب في انقسام ورفض حول إرجائها إلى هذا التاريخ الذي اعتبره البعض بعيدا، بينما كان من المفترض أن تكون هذه الانتخابات أجريت في نهاية السنة الماضية. وعيّن ملتقى الحوار السياسي الليبي قبل سنة الدبيبة على رأس حكومة انتقالية مهمتها توحيد المؤسسات وقيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية حدد موعدها في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي. لكن الخلافات العميقة أدت إلى تأجيل هذه الانتخابات إلى أجل غير مسمى. وكان المجتمع الدولي يعلق آمالا كبيرة عليها لتساهم في استقرار بلد مزقته ولا تزال الفوضى منذ 11 عاما. ويوجد حاليا رئيسان للوزراء في السلطة ولم يتضح بعد موقف المجتمع الدولي من ذلك، وتتصاعد التحذيرات من أن يكون وجود حكومتين بداية لانقسام سياسي جديد كالذي شهدته البلاد مع "رأسين تنفيذين" على مدى أعوام طويلة قبل التوصل إلى اتفاق سياسي برعاية الأمم المتحدة بدأ تنفيذ مساره مع تولي الدبيبة رئاسة حكومة وحدة وطنية. وتعارض أطراف سياسية وعسكرية في غرب البلاد حيث مقر الحكومة ومؤسسة النفط والبنك المركزي ومعظم المؤسسات السيادية، تولي باشاغا رئاسة حكومة جديدة، معتبرين أنها جاءت بموجب صفقة أبرمها مع قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد. وترى معظم الأطراف المؤثرة في غرب ليبيا أن حفتر هو جزء من المشكلة وليس الحل. ويقول المحلل السياسي عماد جلول إن "الجميع يعرف جيدا أن وصول باشاغا لهذا الموقع جاء عقب اتفاق مع حفتر على إزاحة الدبيبة الذي يعد منافسهما القوي في الانتخابات الرئاسية". وأضاف "اليوم الرسالة الأولى وصلت له بحجز حرية ثلاثة وزراء من حكومته، وهي رسالة مفادها بأن حكومة باشاغا لا تحظى بدعم في موقع القرار السياسي في غرب البلاد وطرابلس خاصة". ورأى أن الدبيبة "فتح باب المواجهة مع باشاغا دون تردد، بل هدد باستخدام القوة في حال التعرض لمقرات الحكومة في العاصمة"، مشيرا إلى أنه على الرغم من إعلان باشاغا أنه يريد تسلم السلطة سلميا، "لا أحد يمكنه تجاهل فيصل المواجهة العسكرية".
مشاركة :