أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن السعودية تتطور وفقًا لمقوماتها الاقتصادية والثقافية وشعبها وتاريخها، وأنه لا توجد قوة في العالم تستطيع إفشال «رؤية 2030»، مضيفا إن معتقداتنا تمثل روحنا والتخلص منها يعني انهيار البلد.وقال سمو ولي العهد في حوار مع مجلة أتلانتيك، إن المملكة لديها اثنان من أكبر 10 صناديق في العالم، كما تمتلك واحدة من أكبر احتياطيات العملة الأجنبية، وبمقدورها تلبية 12% من الطلب على البترول في العالم. مبينا أن الملكية الدستورية لن تنجح بالمملكة، وأن البلاد تدار بالسلطات الثلاث. مشددا على أن مكافحة الفساد أمر حتمي، وأن الكل يدرك حاليا أن من يسرق 100 دولار سيدفع الثمن.وفيما يلي نص الحوار:ليس لأفراد الأسرة المالكة حق خاص يمارسونه ضد الشعبلدينا اثنان من أكبر 10 صناديق في العالمأتلانتيك:إنني أتردد على البلاد منذ عام 2019م. وفي كل مرة أصل فيها أرى تغييرًا، ومزيدًا من الحداثة، ومزيدًا من التقدم، إننا نقترب من 2030م، وقد أصبحت البلاد مشابهةً لدبي، ومشابهة أيضًا بصورة بسيطة لأمريكا. هل تعتقد أن السعودية ستتغير عن حالها وتصبح مثل بقية العالم؟ولي العهد:إننا لا نحاول أن نكون مثل دبي أو أمريكا، بل نسعى إلى أن نتطور بناءً على ما لدينا من مقومات اقتصادية وثقافية، وقبل ذلك الشعب السعودي وتاريخنا. نحن نحاول أن نتطور بهذه الطريقة.ولذا لا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى، بل نريد أن نضيف شيئًا جديدًا للعالم، فالكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تُعد فريدة من نوعها، إنها مشاريع ذات طابع سعودي، فإذا أخذنا العلا على سبيل المثال، فهي موجودة في السعودية فقط، لا يوجد أي نموذج مثلها على هذا الكوكب. وإذا أخذنا أيضًا على سبيل المثال مشروع الدرعية، فهو أكبر مشروع ثقافي في العالم، ويُعد فريدًا من نوعه. كما أن المشروع يعد مشروعًا تراثيًّا ثقافيًّا ذا طابع نجدي. وإذا رأينا على سبيل المثال مشروع جدة القديمة، فهو مشروع تطويري قائم على التراث الحجازي، وهذا يعد أمرًا فريدًا من نوعه كذلك، وإذا أخذنا نيوم على سبيل المثال، وذا لاين، المدينة الرئيسية في نيوم، فهي تمثل مشروعًا فريدًا من نوعه تم إنشاؤه وصنعه بواسطة السعودية. إنه لا يعد مشروعًا منسوخًا من أي مشروع آخر موجود في أي منطقة في العالم. بل يمثل تطورًا وإيجادًا للحلول التي لم يتمكن أحد من إيجادها. ولنأخذ على سبيل المثال مشروع القدية في الرياض، الذي يُعد أكبر مشروع ترفيهي/ ثقافي/ رياضي في العالم، حيث تبلغ مساحته 300 كيلو متر مربع تقريبًا، وهي المساحة التي تعتبر أكبر من مساحة العديد من دول العالم. ويشمل هذا المشروع كذلك مشاريع ضخمة مثل: مدينة الملاهي، المشاريع الثقافية، المشاريع الرياضية، والمشاريع العقارية، وجميع هذه المشاريع تم عملها بطريقة لم تشهدها مدن أخرى مثل: أورلاندو على سبيل المثال، ولا أي مكان آخر حول العالم؛ لذا فإننا نؤكد مجددًا أننا لا ننسخ المشاريع، بل نحن نحاول أن نكون إبداعيين. إننا نحاول استخدام الأموال التي نملكها في صندوق الاستثمارات العامة، والأموال التي نملكها في ميزانية الحكومة بطريقة إبداعية تعتمد على ثقافتنا وعلى الإبداع السعودي.أعطني مثالًا على أن أحد المشاريع منسوخة؟.. لا يوجد.أتلانتيك:هل يمكنكم تحديث البلاد إلى درجةٍ تُصبح فيها هوية السعودية الإسلامية أكثر ضعفًا؟ولي العهد:جميع الدول في العالم قائمة على معتقدات، فعلى سبيل المثال، أمريكا قائمة على أساس المعتقدات التالية: الديمقراطية، والحرية، والاقتصاد الحر وغيرها، والشعب يكون متحدًا بناء على هذه المعتقدات، فإذا طرحت السؤال التالي: هل جميع الديمقراطيات جيدة؟ وهل جميع الديمقراطيات مجدية؟ بالتأكيد لا. إن دولتنا قائمة على الإسلام، وعلى الثقافة القبلية، وثقافة المنطقة، وثقافة البلدة، والثقافة العربية، والثقافة السعودية، وعلى معتقداتها، وهذه هي روحنا، وإذا تخلصنا منها، فإن هذا الأمر يعني أن البلد سينهار. والسؤال الأهم هو: كيف يمكننا وضع السعودية على المسار السليم، وليس المسار الخاطئ؟ السؤال ذاته يواجه أمريكا: كيف يمكن للمرء أن يضع الديمقراطية والأسواق الحرة والحرية على المسار السليم؟ لأن هذه الأمور قد تسلك المسار الخاطئ، لذا فإننا لن نقلل من أهمية معتقداتنا، لأنها تمثل روحنا، فالمسجد الحرام يوجد في السعودية، ولا يمكن لأحد أن يزيله. لذا فإننا بلا أدنى شك لدينا مسؤولية مستمرة إلى الأبد تجاه المسجد الحرام.أتلانتيك:لكن أعتقد أنك ستتفق أيضًا كون أن طريقة الترويج الحالية للإسلام المعتدل هي مختلفة جدًّا مما كنا سنراه من شخص شاغل منصبك في عام 1983م.ولي العهد:مصطلح «الإسلام المعتدل» ربما يجعل المتطرفين والإرهابيين سعيدين، حيث إنها أخبار جيدة لهم إذا استخدمنا ذلك المصطلح. فإذا قلنا «الإسلام المعتدل» فإن ذلك قد يوحي بأن السعودية والبلدان الأخرى يقومون بتغيير الإسلام إلى شيءٍ جديد.نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية، التي عاش بها الرسول "عليه الصلاة والسلام" والخلفاء الأربعة الراشدون، حيث كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة، وكان عندهم مسيحيون ويهود يعيشون في تلك المجتمعات، وأرشدتنا هذه التعاليم أن نحترم جميع الثقافات والديانات بغض النظر عنها. وهذه التعاليم كانت مثالية، ونحن راجعون إلى الجذور، إلى الشيء الحقيقي. إن ما حدث هو أن المتطرفين اختطفوا الدين الإسلامي وحرَّفوه، بحسب مصالحهم، حيث إنهم يحاولون جعل الناس يرون الإسلام على طريقتهم، والمشكلة هي انعدام وجود من يجادلهم ويحاربهم بجدية، وبذلك سنحت لهم الفرصة في نشر هذه الآراء المتطرفة المؤدية إلى تشكيل أكثر جماعات الإرهاب تطرفًا، في كلٍّ من العالمين السني والشيعي.
مشاركة :