ضجيج قيادة إقليم كردستان بشأن النفط يقابله صمت القوى السياسية في العراق

  • 3/4/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا تهدأ تصريحات قيادة إقليم كردستان في شمال العراق، الرافضة لقرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز في الإقليم، يقابلها في ذلك صمت مطبق للقوى العراقية في موقف بدا رهين حسابات سياسية. وتقول أوساط دبلوماسية عراقية إن مواقف القوى السياسية في العراق تعود لعدم رغبتها في فتح مجال لتوترات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر على الإقليم، وذلك إلى حين أن تهدأ التجاذبات التي تشهدها البلاد منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، بشأن العملية السياسية. وتشير الأوساط إلى أن التيار الصدري في حاجة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني حاليا لتشكيل تحالف أغلبي يضمن له القدرة على تشكيل حكومة وطنية، وبالتالي فإن إبداء أي موقف بشأن قرار المحكمة الاتحادية قد يقود إلى توترات هو في غنى عنها. وتلفت الأوساط إلى أن هذا الموقف ينسحب أيضا على الأطراف المقابلة وبينها الإطار التنسيقي، المظلة السياسية للقوى لموالية لإيران، التي تسعى لتجنب أي احتكاك مع الحزب الديمقراطي وزعيمه مسعود بارزاني بانتظار اتضاح مآلات العملية السياسية. مسرور بارزاني: إربيل ستواصل العمل بقانون النفط والغاز الخاص بها وأعلن رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني الخميس رفضه قرار المحكمة الاتحادية بشأن النفط المُنتج في الإقليم، مشددا على أن إربيل ستواصل العمل بقانون النفط والغاز الخاص بها. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده بارزاني الخميس في عاصمة الإقليم، تعليقا على الحكم الذي أصدرته المحكمة الاتحادية، التي تمثل أعلى سلطة قضائية في العراق، في الخامس عشر من فبراير الماضي، يلزم الإقليم بتسليم النفط إلى الحكومة الاتحادية. وقال بارزاني إن قرار المحكمة الاتحادية “بعدم دستورية قانون النفط والغاز في الإقليم يعتبر انتهاكا للدستور لشعب كردستان”. وقرارات المحكمة الاتحادية العليا قطعية واجبة التنفيذ وغير قابلة للطعن عليها. وتابع بارزاني “طلبنا من الحكومة العراقية منحنا فرصة للحوار بشأن النفط والغاز، إلا أنه للأسف لم يتم منحنا هذه الفرصة وتم اتخاذ هذا القرار المنفرد المخالف لروح الدستور والمبادئ الأساسية للنظام الاتحادي”. وشدد على تمسكه بـ”الدفاع عن الحقوق الدستورية لشعب كردستان التي انتهكت وتُنتهك”. واعتبر أن القرار يعد “انتهاكا للدستور العراقي”، و”اعتمد على قانون تابع للنظام السابق (حزب البعث) صدر عام 1976”. وزاد “ليس من حق الحكومة الاتحادية إجراء تغيير في الدستور العراقي، كما أن النفط والغاز في العراق ليس ملكا للحكومة لوحدها”. وكانت رئاسة إقليم كردستان العراق أعلنت الاثنين الماضي عن تحفظاتها على الحكم الصادر بشأن أنشطة الإقليم في مجال النفط والغاز، وقالت إنها ستواصل ممارسة حقوقها الدستورية في هذا الصدد. واعتبرت في بيان أن “قرار المحكمة العليا الاتحادية مخالف لنص وروح ومبادئ النظام الاتحادي الحقيقية، وانتهاك صريح ومعلن للحقوق والصلاحيات الدستورية لإقليم كردستان”، مشددة على أن قرار المحكمة هذا، وبصورة غير مباشرة تعديل غير دستوري للدستور، لأنه أدى إلى سلب صلاحية دستورية من الأقاليم ومنحها للسلطة الاتحادية. وتحكم عائلة مسعود بارزاني قبضتها على السلطة في كردستان، ويدر عليها النفط عائدات مالية مهمة لضمان سيطرتها على الإقليم، وتطمع هذه العائلة لأن يكون لها أيضا ثقل في إدارة دفة العراق من خلال التمسك بمنصب رئيس الجمهورية، الذي لطالما كان محسوبا على الاتحاد الوطني الكردستاني في اتفاق ضمني بين الحزبين الكرديين. التيار الصدري في حاجة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني لتشكيل تحالف أغلبي يضمن له القدرة على تشكيل حكومة وطنية وتقول الأوساط السياسية إن آل بارزاني يصرون على جمع كل الصلاحيات والامتيازات لصالحهم، وهم لا يتوانون عن ابتزاز الطبقة السياسية في العراق، على غرار ما يحصل اليوم حيث يضغط آل بارزاني على التيار الصدري لدعم مرشحهم لرئاسة العراق مقابل المضي قدما في تحالف معه. وتشير الأوساط إلى أن آل بارزاني قد ينجحون في مساوماتهم للقوى العراقية، لكن ذلك لن يدوم طويلا حيث من المتوقع أن تنفجر الخلافات بينهما بعد هدوء غبار الخلافات الدائرة اليوم حول من يتولى قيادة المرحلة المقبلة في العراق، وأحد هذه الخلافات ملف النفط والغاز. وتلفت الأوساط إلى أن “استعادة السيادة” هي أحد الشعارات البارزة التي رفعها التيار الصدري الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأحد أوجه السيادة هو استعادة العراق للنفط والغاز اللذين يجري استخراجهما من أراضي الإقليم أو المناطق المتنازع عليها. وتقول الأوساط إن التيار الصدري قرر على ما يبدو تأجيل فتح هذه المعركة إلى حين ضبط سيطرته على الوضع السياسي وتمكنه من تشكيل حكومة جديدة “لا شرقية ولا غربية” كما يطمح، لافتة إلى أن آل بارزاني قد يواجهون مشكلة كبيرة مع حليفهم التيار في حال لم يتعاطوا بواقعية مع ملف النفط. وكان الرئيس العراقي برهم صالح دعا إلى التفرع عن المزايدات، وحث الحكومة الاتحادية في بغداد ونظيرتها في أربيل إلى “حوار جاد” لحسم ملف تصدير نفط وغاز الإقليم. ومنذ سنوات، تتولى أربيل تصدير نفطها بمعزل عن الحكومة الاتحادية، مستندة إلى قانون النفط والغاز في الإقليم، الذي صوت عليه برلمانه عام 2007، وتعتبره بغداد مخالفا للدستور الاتحادي. وكانت الحكومة الاتحادية في بغداد تصرف شهريا 453 مليار دينار (نحو 380 مليون دولار) لرواتب موظفي الإقليم، لكن أوقفتها بعد إجراء الإقليم استفتاء غير دستوري على الاستقلال من جانب واحد، وبسبب عدم التزام أربيل بتسليم إنتاجها النفطي وفقا لبنود الموازنة الاتحادية.

مشاركة :