يشكل الاقتصاد الصيني قاطرة للنمو الاقتصادي العالمي، وتسير هذه القاطرة بثبات إلى الأمام، الأمر الذي يزيد التفاؤل بإمكانية إنقاذ البيئة الاقتصادية العالمية من حالة الركود التي تهددها. هناك عوامل كثيرة أسهمت في هذا النجاج الذي يحققه الاقتصاد الصيني، على رأسها القاعدة الثابتة التي يستند إليها هذا الاقتصاد، والإجراءات الشاملة التي اتخذتها القيادة الصينية لتحفيز الاقتصاد من جهة، ولإحتواء آثار جائحة فيروس كورونا بنجاح كبير من جهة أخرى. لقد شهد الاقتصاد الصيني خلال الفترة الماضية نمواً كبيراً، وبعد سنوات من النمو السنوي الثنائي العدد، استقر هذا النمو على أرقام لا تقل عن ستة بالمئة إلا برقم ضئيل، ويزيد في أحيان كثيرة عن ثمانية بالمئة، كما حصل العام الماضي، إذ وصلت نسبة النمو إلى 8.1 بالمئة وهي من أعلى نسب النمو في الدول المتطورة. يمكن القول إن الاقتصاد الصيني هو اقتصاد متنوع، تديره خطط منظمة وشاملة تضعها قيادة مؤمنة بالعمل لتحقبق مصالح الشعب، مستندة إلى معلومات واضحة وتقديرات واقعية ومنطقية، ويتم تنفيذها بدقة ومرونة وسعة أفق واستفادة قصوى من الإمكانيات والمتغيرات، كل هذا يؤدي إلى تحقيق معدلات نمو تعجز عنها الكثير من الاقتصاديات العالمية، الكبيرة منها والصغيرة. في هذا العصر، صار يمكن القول بكل ثقة، إنه طالما الاقتصاد الصيني بخير، فإن الاقتصاد العالمي هو بخير أيضاً، فالصين هي مصنع العالم، وتؤمن الكثير من الاحتياجات العالمية على صعد الصناعة والتكنولوجيا وغير ذلك، وعندما يسير الاقتصاد الصيني صعوداً فإنه يقود معه الكثير من الاقتصاديات العالمية، في الدول الكبرى والصغرى على حد سواء. وقد نجحت المعارض التجارية اامختلفة التي أقامتها الصين ، على الصعيدين الإقليمي والدولي، في خلق حركة تجارية واسعة النطاق، من خلال تصدير السلع الصينية إلى الخارج بأفضل جودة وأنسب الأسعار، وكذلك من خلال استيراد سلع وبضائع أجنبية بعشرات المليارات من الدولارات، وهذا يشكل إضافة حيوية جداً لإقتصاديات الكثير من دول العالم. تستفيد الدول العربية بشكل كبير من النمو الذي يشهده الاقتصاد الصيني، سواء تلك الدول التي تزوّد الصين بالبترول والغاز وغيرهما من المواد الأولية كالحديد والمعادن الأخرى، أو تلك التي تقيم شراكات اقتصادية استراتيجية شاملة، الأمر الذي رفع التبادل التجاري بين الجانبن العربي والصيني إلى ما يقارب المئة وخمسين مليار دولار، وهو رقم مهم ويمثل إبماناُ من الجانبين بأهمبة مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي حين بينغ والآفاق الكبرى التي تفتحها لاقتصاديات العالم، وللاقتصاد في الصين والدول العربية بشكل خاص. وبالرغم من هذه الأرقام المبشرة للتبادل العربي الصيني، فإن إمكانية تطوير هذه الأرقام متاحة بشكل كبير، في حال حزمت بعض الدول العربية أمرها، وتخلّت عن التردد الذي يسيطر على قرارها بالتوجه شرقا للاستفادة إلى أقصى حد ممكن من الإمكانيات التي يؤمنها التشبيك الاقتصادي الاستراتيجي مع الصين.
مشاركة :