أم المسلمين اليوم 1443/8/1هـ لصلاة الجمعة في المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل جميل غزاوي، فتحدث في خطبته الأولى عن التوجيهات النبوية فقال: إن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم الرصينة تضمين لقواعد متينة وقيم عظيمة في جميع جوانب الحياة، يتبين للمسلم من خلالها المنهج الصحيح؛ ليكون وفق ما أراد الله ولا يحيد عن هداه، وبها تقوم التصورات وتصوب الاجتهادات وتحل المشكلات.إن الحقوق في الإسلام مصانة، والمؤمن الحق من يعطي كل ذي حق حقه، من أجل استقرار حياته وتحقيق التوازن المطلوب، فلا يطغى جانب على جانب؛ فلما زار سلمان الفارسي أبا الدرداء رضي الله عنهما نصح له وأرشده بكلمات نافعة في مسيرة حياته فقال: إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فاعط كل ذي حق حقه، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم صحة ما وجه به سلمان فقال: ( صدق سلمان ) فأقره وصدقه في كل ذلك؛ إذ هو توجيه سديد يدعو إلى التوفيق بين الحقوق والواجبات. وكم حصل من التقصير والتفريط بسبب مخالفة هذا المبدأ المهم العظيم وعدم العمل بهذا التوجيه النبوي الكريم. وتحدث فضيلته عن حث الشارع على صلة الرحم فقال: لقد حث الشارع على صلة الرحم، وبين ما فيها من عظيم الأجر، ورغب في كل وسيلة مشروعة للإحسان إلى الأقربين، فلما أعتقت ميمونة زوج النبي وليدة لها، وأشعرت النبي بعد ذلك، نصح لها ودلها على ما هو أفضل لها وأقرب نفعا فقال صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك) يعني: كان أكثر ثوابا لك من إعتاقها؛ لحاجتهم إلى من يخدمهم. وفي هذا توجيه إلى مساعدة ذوي القربى وبرهم وإيصال ما أمكن إليهم من الخير، وأن يحرص المسلم على ما يعود عليه من الأعمال بأكثر نفع وأعظم أجر.كما جاء الإسلام ليقضي على كل سنن الجاهلية، وكل دعوى باطلة لها، ومن هذه الدعاوى: العصبية القبلية التي بين الشرع تحريمها وذمها أشد الذم قال تعالى :{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } وجعل التقوى هي ميزان التفاضل فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ} ولما كان الصحابة رضي الله عنهم في غزاة كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فعابه مستهجنا له وقال: ( ما بال دعوى أهل الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم، فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري، فقال صلى الله عليه وسلم: دعوها، فإنها خبيثة) . وتحدث فضيلته عن حماية أعراض الناس واتقاء الشبهات فقال : الدين الإسلامي دعا إلى حماية أعراض الناس وصيانتها، وحرم الاعتداء عليها بما يتوافق مع فطرة الغيرة على العرض، ومن أجل ذلك أحاط الأسرة بسياج حصين يمنع وقوع الرذائل ويكون وقاية من الافتتان كما حذر من الوسائل المؤدية إلى ذلك ، وأعظمها الخلوة بالأجنبية قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) ومن الناس من يتساهل في دخول بعض القرابة غير المحارم على النساء مع تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله: (إياكم والدخول على النساء!)، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال (الحمو الموت)، والحمو قرابة الزوج كأخ الزوج وعمه وخاله وغيرهم، وخص (الحمو) لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي. اتقاء الشبهات والتورع عن الحرام مطلب لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) فلما تزوج عقبة بن حارثة أتته امرأة فأخبرته بأنها أرضعته والفتاة التي تزوج بها فأنكر ذلك ثم سأل أهل الفتاة عن صحة وقوع هذا الرضاع فنفوا علمهم بذلك، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في المسألة كان لا بد من جواب حازم حاسم وعندئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل؟! ففارق عقبة التي نكحها ونكحت زوجا غيره.والشاهد في القصة قوله صلى الله عليه وسلم: وكيف وقد قيل؟!» أي: كيف تبقيها عندك تباشرها وتعاشرها وقد قيل: إنك أخوها من الرضاعة؟! اتقاء للشبهات أو لفساد النكاح.وهذا توجيه عظيم لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الابتعاد عن مواطن التباس الحلال بالحرام واجتناب ما لم يتيقن حله، وحمل نفسه على الاحتياط في دينه.وهذا ما نتعلمه هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أقل الأشياء
مشاركة :