أعجب وفد سياحي إسباني بحجم القدرات السياحية الهائلة التي تتمتع بها منطقة الطاسيلي ناجر الممتدة عبر أقاليم محافظتي إيليزي وجانت، وذلك خلال رحلة سياحية استكشافية يقوم بها إلى هذه المنطقة. واستمتع الوفد السياحي المكون من 14 فردا بجمال الكثبان الرملية الشاهقة والطبيعة العذراء وزخم الموروث الثقافي المنتشر عبر هذه المنطقة الشاسعة، والتي تعكس العمق التاريخي والامتداد الحضاري لمنطقة الطاسيلي ناجر. وتعني كلمة الطاسيلي “السلسلة الجبلية التي يغطيها السواد”، مثلما يشير إلى ذلك الباحث إبراهيم العيد بشي، أما كلمة آجر أو ناجر، فاختلفت التعريفات بشأنها، بين من يقول إنها تعني “جلد الثور المسلوخ” أو “رأس الأقرع”، حتى إن هناك من قال إن معناها “النهر” أو “البحيرة”. في سنة 1982 صنّفت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم موقع “طاسيلي ناجر” بالجزائر في قائمة التراث العالمي المحميّ. إنها مجموعة من الجبال الصخرية والبركانية والمواقع المترامية جنوب البلاد، تقول “اليونسكو” إن تاريخها يعود إلى أكثر من 6 آلاف سنة قبل الميلاد. وتقول دراسة نشرها أستاذ علم الآثار في الجزائر عبدالحميد بعيطيش، إن “الدراسات التي تناولت موضوع النقوش والرسومات الصخرية، تُجمع على أن منطقة الطاسيلي كانت منذ القدم ملتقى الحضارات، بدليل وجود معالم أثرية تدل على استمرارية حضارية بالمنطقة، ويعود تاريخ الاستيطان البشري بها إلى عصور ما قبل التاريخ، كما شهدت أوج ازدهارها في مرحلة العصر الحجري الحديث أو النيوليتي حوالي 8000 ق.م، ما جعلها مركزا رئيسيا لحضارة كبيرة شملت الصحراء الوسطى وامتد إشعاعها إلى باقي أجزاء أفريقيا خلال فترة ما قبل التاريخ”. وفي حديثه لوكالة الأنباء الجزائرية أبدى ألكسندر شافي انبهاره الكبير بحجم الثراء والتنوع الطبيعي الذي تتميز بهذه المنطقة بالرغم من زيارته لها للمرة الثانية، مشيرا إلى أن لهذا المكان ”جاذبية وسحرا يشدانك إليه لاكتشافه أكثر والاستمتاع بتفاصيله التي تحمل قصصا ضاربة في عمق التاريخ”. الاكتشاف والمغامرة الاكتشاف والمغامرة ومن جهتها، أعربت مواطنته آلان هي الأخرى عن سعادتها وهي تكتشف لأول مرة صحراء الجزائر والتي سمحت لها -حسب قولها- بالتعرف عن كثب على خصوصية هذه المناطق ونمط العيش فيها. وسيطلع الوفد السياحي خلال هذه الرحلة التي تدوم نحو 10 أيام وعلى مسار سياحي يمتد من محافظة إيليزي إلى غاية جانت على مختلف المقومات السياحية والبيئية بإقليم الحظيرة الثقافية الطاسيلي ناجر والتي تتنوع فيها الوجهات الطبيعية والأثرية بين برك ومسطحات مائية ومساحات خضراء ومعالم جنائزية وغيرها من التشكيلات الجيولوجية والكهوف البركانية والنقوش الصخرية ورسومات تعود إلى ما قبل التاريخ. وشهدت المنطقة توافد ما لا يقل عن 8556 سائحا أجنبيا وجزائريا منذ افتتاح موسم السياحة الصحراوية شهر أكتوبر الماضي. ويصف موقع “اليونسكو”، هذه المنطقة الأثرية كما يلي “يأوي هذا المنظر القمري الغريب الذي يتمتّع بأهمية جيولوجية كبيرة أحد أكبر المجّمعات الفنية الصخرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ في العالم، 15 ألف رسم ومنحوتة تعود إلى عام 6 آلاف قبل الميلاد وتستمرّ حتى القرون الأولى من عصرنا”. وتشكّل بانوراما التكوينات الجيولوجية مصدر اهتمام استثنائي بفضل الغابات الصخرية، التي تتشكّل من الصلصال الرملي المتآكل. وضمن جهود ترقية الحركية السياحية بالمنقطة تعمل مصالح القطاع على إدراج عدد من المسارات السياحية الجديدة قصد تعزيز وجهات استقطاب السياح وتنويعها والاستثمار في القدرات السياحية غير المستغلة التي تزخر بها المحافظتين، لاسيما تلك المنتشرة عبر مواقع تماجرات وأفرا وتاست وعرق إيسوان وواد جرات، وفقا لما صرح به مدير السياحة في محافظة إيليزي عزيز عوامر. وتستقطب منطقة الطاسيلي ناجر بأقصى الجنوب الشرقي للبلاد سنويا أعدادا معتبرة من السياح الأجانب والوطنيين لاسيما خلال موسم السياحة الصحراوية (أكتوبر – أبريل)، حيث تعتبر هذه المنطقة قبلة وملاذا لهواة السياحة والاكتشاف والمغامرة.
مشاركة :