كل الوطن، أسامة الفيصل، بيروت:لماذا ينجذب الشباب والشابات إلى المقاهي الراقصة؟ ولماذا يحرص الكثيرون منهم على المواظبة على الحضور فيها؟ لماذا ينسى هؤلاء أنفسهم أمام المتع التي تزيد من توترهم وحتى انهيارهم؟ لماذا لا يقضي هؤلاء أوقاتهم في أشياء مفيدة تبعدهم عن السهر القاتل وتصل بهم الى بر الأمان؟ ماذا يقول الشباب حول ذلك، ولماذا خيارهم المقهى الراقص؟ وهل التقدم الاجتماعي، او الايجابية الاجتماعية، هي بالخروج الى المدينة وتبني ظواهرها، ولعب الورق في المقهى، والخروج مع الصديقة لزيارة السينما، وغير ذلك فهو الرجعية؟ أسئلة كثيرة طرحت، وأخرى أكثر لم تطرح... ما هي آراء الشباب حول المقهى الراقص... ولماذا يختارونه؟ في الماضي كان الأدباء والشعراء قبل الحرب العالمية الأولى، يجتمعون عند أبو متري، وكانت له قهوة في ساحة البرج، مقصودة لطيب مقبلاتها ، ومما يُروى عن أبو متري المذكور، أن إحدى السهرات امتدت ذات يوم حتى ساعة متأخرة من الليل، فلما أنفض الاجتماع حوالى الساعة الثالثة صباحاً، تناول أبو متري المكنسة وأيقظ الجارسون النائم على الكرسي وقال له: "قوم يا صبي، كنّس أشعار". أيام زمان وكانت مقاهي فلسطين وفاروق وكاراج صيدا ومقهى أرسلان المحيط بساحة عصور الأكثر أهمية وازدحاماً، فهناك كانت كاراجات الصاوي وزنتوت للسيارات المنطلقة إلى صيدا وصور والقادمة منها، وكان مقهى فلسطين ملتقى الركاب القادمين من عكا وحيفا ويافا عن طريق كاراجات فلسطين لأصحابها فستق ومحيو، وكان إسم مقهى فلسطين (مقهى الجنوب)، إلا أن النزوح الأول عام 1936م إثر الثورة الفلسطينية الكبرى، أوجد تجمعات فلسطينية من الوجهاء والتجار التي كان يرأسها تجار من آل بدر عاصي، وأحمد الكعكي من عكا، وآل سفيان من حيفا وغيرهم. أما مقهى فاروق، فقد كان مقهى النخبة أن صح التعبير، كان يقع في بناية قدّورة الشهيرة بزخارفها ونقوشها، كان لكل جماعة من الزبائن زاوية خاصة، من زبائنه: الشيخ جميل الحسيني المدقة شيخ الطريقة الصوفية الرفاعية، والشيخ عبد الحليم بدير المصري الواعظ والداعية المشهور في زمنه، والأستاذ المدير محمد عمر منيمنة، والسيد عبد النبي حمادة، وبعض التجار من آل الشلاح والعيتاني والقباني وغيرهم. كان الشاعر أحمد الصافي النجفي يلازم الرصيف طوال النهار وبعض الليل، ويتردد عليه الشاعر محمد كامل شعيب العاملي والشاعر محمد على الحوماني، فيتحلق الناس حولهم، لسماع المناقشات والمطارحات الأدبية والشعرية الزجلية حتى الظهر، حيث ينتقلون إلى مطعم فلسطين المواجه، والذي أنشأه عام 1936م الفلسطيني رشيد كامل النابلسي، القادم من نابلس.... زحام شديد أما اليوم فيعتبر ارتياد المقاهي أمر لابد منه لأنالكثير من الناس ممن اعتادوا مغادرة المنزل ولو لبعض الوقت، ولا يجدون سوى المقهىيتوجهون إليه... والبعض يرى أن المقاهي أصبحتفي الآونة الأخيرة من أهم مسببات الرشوح والتهاب القصبات لانعدام الرقابة الصحيةوكذلك انعدام التهوية اللازمة.. الأمر الذي يدفع بصاحب المقهى إلى فتح النوافذ رغمانخفاض درجات الحرارة وخصوصاً في ساعات الزحامحيث لا يبقى في المقهى متسع لرجل وهو واقف فكيف الحال إذا كان جالسا وهذا ما يدعوصاحب المقهى إلى لصق الطاولات بشكل يدعو للاستغراب والدهشة ... أما الأسعار فالحديث عنها يطول إذيكفي صاحب المقهى أن يقوم بإجراء بعض الإصلاحات ليقوم بعدها بمضاعفة الأسعار علماأن أسعار المواد الأولية للسكر والشاي والتنباك هي هي لم تتغير ورغم ذلك فقد تضاعفتالأسعار أكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات الأخيرة ... لا تخلف عن الحضور!! ويقول رامي: "آتي إلى المقهى منذ 3 سنوات تقريباً، ونادراً ما تخلفت عن الحضور. أما لماذا أجيء إلى هنا؟ بصراحة لأنني أعشق أجواء الحرية، فأنا عندما آتي إلى المقهى أشعر بحرية أكبر: أرقص، أصفق بشكل كبير، أشرب النرجيلة، باختصار أكون على سجيتي"... اقتناص الفرص السانحة وتقول فاتن: "أنا أحب السهر كثيراً، واقتنص كل فرصة ممكنة من أجل أن أغيّر جو، وأخرج من روتين المنزل والجامعة. وأكثر ما يثيرني في هذا الجو وجود الجمعة من الشباب والصبايا، والتحرر منقيود والتزامات لا يجب برأيي أن التزم بها، ولكن الأهل والمجتمع يفرضونها علينا". وعند سؤالنا عن هذه القيود التي تتحدث عنها: أجابت فاتن: "أصبحت هذه الأمور معروفة: السهر في الليل، اللباس المتحرر، الصداقة بين الشاب والفتاة"... التعرف على فتيات أما سامر ع. فيشرح قائلاً: "بصراحة أنا آتي إلى المقهى كي أفضفض عن نفسي، وأزيل عنها إرهاق أسبوع كامل من العمل المضني. الأجواء الراقصة وdjتريح نفسي. كما أن التعرف إلى الفتيات وأيضاً الشباب ـ مع أني أركز بصراحة على الفتيات ـ فهنا الجميع متساوون ومن السهل أن تتحدث مع فتاة، أو أن تأخذ رقم هاتفها، ومن ثم تدعوها إلى الطاولة التي تجلس إليها. وفي الأسبوع الذي يليه تأتي وإياهاللسهر معا". فرفشة ورقص ولكن سميرة ج توضح:"مع أني أحب السهر والفرفشة إلا أن ممارسات بعض الشباب أثناء السهرات تثير حنقي. فالبعض منهم، أو ـ قل الكثيرين ـ، يتعاملون مع المرأة، وخصوصاً في المقهى على أنها ملك لهم. وليست إنساناً مثلهم لها الحق في السهر والفرفشة مثلهم تماماً. فمنهم عندما يرى فتاة تدخل إلى المقهى/ الراقص تجد عيونهم خرجت من مكانها، وينظرون إليها نظرة الجائع إلى صحن طعام لن يستطيع الحصول عليه"... وتضيف: "رغم أنني فتاة، معطاة لي الحرية المطلقة، أذهب إلى الخارج يوميا، دون رقابة، أدخل على صفحات الإنترنت، أقرأ ما أريد، وأقوم بـ" معاكسة" بعض الشباب وأواعدهن سراً... المهم عندي أن أعيش حياتي كما أريد لا كما يريد الآخرون لي أن أعيشها". وتقاطع فاتن حديث زميلتها لتقول: "منذ أيام كنت جالسة في المقهى بعد أن رقصت وإلى جانبيصديقاتي وأمي، وإذ بشاب يأخذ بيدي ويجرني من أجل الرقص معه.أحدث ذلك صدمة لدي ولدى أمي، وكل الجالسين. ولولا تدخل صاحب المقهى لا أدري ماذا كان حصل؟". معارضة وحتى تكون القضية مستوفية الشروط من كافة جوانبها، سألنا عدداً من الاشخاص الذين لا يحبذون، بل ومن خلال كلامهم تظهر معارضتهم الشديدةلها. فهذا غسانيقول: "هذه المقاهي تلهي الشباب عن القضايا المهمة". وأضاف "أتمنى على كل شاب وفتاة أن يتقوا الله وأن يسيروا وفق ما يريد حتى يسود الحب بين الناس. لا التوتر والقهر. وعلينا بإجمال أن نعمل معشر الشباب لتزداد قوة المجتمع الناتجة عن التراحم والحرص على التواصل والتخفيف من آلام الناس ومشاركتهم أحزانهم كي ننجح فعلاً، وبغير ذلك سنبقى في ذيل الأمم المتقدمة وخادمين لها".
مشاركة :