اللبنانيون يحبون الكتاب لكنهم يحتاجون إلى الرغيف أكثر

  • 3/8/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يقف اللبناني إيهاب معلوف في كشك “دار نلسون للنشر” اللبنانية بمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، ويختار بحرص كتابين باللغة العربية من ضمن دائرة اهتماماته بالقراءة. وقال الرجل البالغ من العمر (33 عاما) لوكالة أنباء (شينخوا) إنه اختار الكتابين بعناية حتى لا يندم على خياره لاحقا بعدما دفع مقابلهما 550 ألف ليرة لبنانية (27.5 دولار أميركي) وهو مبلغ كبير مقارنة براتبه المتواضع. كذلك قالت الشابة اللبنانية رنا مهاوج إنها اشترت رواية باللغة الإنجليزية مقابل 200 ألف ليرة لبنانية (10 دولارات)، وهو ثمن باهظ للغاية مقارنة بأسعار الكتب قبل انهيار العملة المحلية. ويمر لبنان بأزمة اقتصادية ومالية هي الأسوأ في تاريخه، وقد صنفها البنك الدولي بين الأزمات الثلاث الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الـ19، إضافة إلى أزمة كورونا وتداعيات انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020. وقالت رنا “أشعر بحزن شديد لأن الأزمة الاقتصادية قد تمنعني في مرحلة ما من شراء جميع الكتب التي أريدها وتحرمني من هوايتي المفضلة في القراءة”. مخاوف كبيرة بين الناشرين المشاركين مع انخفاض الطلب على الكتب بنسبة تصل إلى 70 في المئة في أعقاب الأزمة وتشير إلى أن الكثير من أصدقائها زاروا المعرض فقط للاطلاع على العناوين الجديدة، فهم عاجزون عن توفير ثمن كتاب والرغيف في هذه الظروف يصبح أولى رغم أهمية الكتاب بالنسبة إليهم. وأدت الأزمة وتداعياتها إلى انهيار العملة المحلية بنسبة تزيد على 90 في المئة وأوقعت 82 في المئة من السكان في هوة الفقر وأصبحوا عاجزين عن توفير خبز عائلاتهم، وفقا للأمم المتحدة، مما اضطر اللبنانيين إلى تركيز نفقاتهم على الاحتياجات الأساسية بما في ذلك الغذاء والدواء والتعليم. وأثار تدهور الأوضاع المعيشية في لبنان مخاوف كبيرة بين الناشرين المشاركين في الدورة الـ63 من المعرض التي انطلقت في الثالث من مارس الجاري وتستمر حتى الثالث عشر منه، إذ قال بعضهم إن الطلب على الكتب انخفض بنسبة تصل إلى 70 في المئة في أعقاب الأزمة. وقال صاحب ومدير دار “نلسون” سليمان بختي “نحن قلقون للغاية بشأن قدرة الناس على شراء الكتب، وهذا هو السبب في أننا نقدم حسومات تشجيعية تصل إلى 60 في المئة في المعرض”. وأشار إلى أن “النادي الثقافي العربي”، الذي ينظم المعرض، قام بدوره بتأجير الأكشاك للناشرين بأسعار مخفضة لتشجيعهم على تقديم تخفيضات للزبائن والقراء. وأوضح أن ارتفاع أسعار الكتب يرجع إلى ارتفاع أسعار مستلزمات النشر والطباعة من أحبار وأوراق وغيرها من المواد المطلوبة التي يدفع ثمنها بالدولار في وقت يعمد فيه الناشرون إلى بيع كتبهم بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف الدولار البالغ في السوق الموازي 20 ألف ليرة. للأطفال نصيب من غذاء العقل للأطفال نصيب من غذاء العقل وقال صاحب دار نشر ومكتبة “بيسان” اللبنانية عيسى أحوش إنه لاحظ انخفاضا كبيرا في مبيعات الكتب في مكتبته، مستبعدا أن يكون الطلب على الكتب جيدا في دورة المعرض الحالية. وأضاف “لا أتوقع الكثير من الطلب لكن مشاركتي هي شكل من أشكال الإعلان لمكتبتي، كما أنها دعم للناس لتوفير بعض الكتب للقراء بأسعار جيدة لأنه يجب أن نساعد بعضنا البعض خلال هذه الأوقات”. وكان المعرض توقف إجباريا خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب التوترات السياسية عام 2019، ثم بسبب جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت الذي أدى إلى تدمير أحياء عدة في بيروت وبينها منطقة “سي سايد أرينا” الموقع الدائم للمعرض. وقال فادي تميم أحد المشاركين في تنظيم المعرض ومسؤول العلاقات العامة، إنه تمت إعادة تأهيل 4 آلاف متر مربع فقط من أصل 10 آلاف متر مربع من المنشأة، مما أجبر “النادي الثقافي العربي” على استضافة 90 ناشرا مقارنة بأكثر من 200 في الماضي. وشدد على أهمية هذا الحدث الذي يظهر أن لبنان كان وسيظل على الخارطة الثقافية وأن بيروت قادرة على النهوض من جديد. وأكد ناشرون أنهم حريصون على المشاركة في المعرض على الرغم من تدهور الأوضاع في البلاد لإعطاء بصيص أمل للشعب اللبناني. وقال أحوش “من المهم استضافة مثل هذه الفعاليات بعد سنوات من الجفاف الفكري والثقافي في البلاد”. وأضاف “مشاكلنا في البلد لن تنتهي في غضون شهر أو شهرين ويجب أن نستأنف مثل هذه الأنشطة بغض النظر عن الوضع”. PreviousNext فيما قال بختي إن “المعرض يساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية للبلاد، كما يعزز الحوار والتواصل بين الناس”. وكان معرض بيروت العربي الدولي للكتاب قد نظم للمرة الأولى في بيروت عام 1956، وترافق دوراته برامج ثقافية وسلسلة من الفعاليات والندوات الثقافية. ويواصل المعرض فعالياته وحفلت الأجنحة والقاعات بعدد من تواقيع الكتب، حيث وقع علي شكر كتابه بعنوان “مئة ورقة عن مئة عام”، كما وقع أيسر نورالدين كتابه بعنوان “جذلان بعد خذلان”. ونظم “دار المجمع الإبداعي” حفل توقيع “رواية أو إكس” ومجموعة قصصية بعنوان “اختلاج”. أما المركز الاستشاري للتوعية الأسرية فقد أقام حفل توقيع كتاب للشيخ محمد حجازي بعنوان “التربية الربانية وأثرها في تطوير المسار العلمي الاجتهادي”. ومن الفعاليات المقبلة توقيع سعد محيو لكتابه “من نحن؟ القيم المشرقية المتوسطية في مواجهة العولمة التكنو ـ رأسمالية”، وتوقيع كتاب “حوارات في الثقافة والتاريخ” لخالد زيادة في جناح “دار رياض الريس للكتب والنشر”، وكذلك ندوة بعنوان “أمكنة الرواية والارتحال نحوها” بمشاركة كل من الروائي الجزائري واسيني الأعرج، وناريمان علوش وتحاور الروائي الشاعرة منى مشون ويدير الندوة كلود صوما.

مشاركة :