طرح خبراء بارزون في طب الأطفال وعلم المناعة والأمراض المعدية سؤالا أقض مضجع الآباء في جميع الدول، وتم طرح ذلك السؤال ضمن ورقة بحثية في شهر نوفمبر في المجلة الطبية ‘سجل الأمراض في مرحلة الطفولة’ “هل يجب تطعيم الأطفال ضد فايروس كورونا؟”. وهو سؤال صعب، وقد توصل الخبراء إلى نتيجة عدم وجود جواب سهل، ولا يوجد “إجماع حول ما إذا كان يجب تطعيم جميع الأطفال الأصحاء الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما ضد فايروس كورونا”. والقليل من الآباء والأمهات على استعداد لحساب نسبة المخاطر والفوائد من ذلك اللقاح، ولكن جميعهم يواجهون الآن معضلة محيرة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن ما يصل إلى 60 في المئة من الآباء مترددون حول تطعيم أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما. ◙ اللقاحات التي تعتمد على الحمض النووي الريبوزي تقوم فقط بتعليم أجسامنا التعرف على البروتينات التي تنتجها الفايروسات أو البكتيريا وتحفيز الاستجابة المناعية وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية فتحت السلطات الصحية في دولة تلو الأخرى برامج التطعيم ضد فايروس كورونا للأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن خمس سنوات. وستكون غالبية الآباء من بين 62 في المئة من سكان العالم الذين حصلوا على جرعة واحدة على الأقل من لقاح فايروس كورونا، وعليه فقد وثقوا في الإجماع العلمي حول فعالية وسلامة اللقاح. ولكن عندما يتعلق الأمر بتقرير ما إذا كان يجب تطعيم الأطفال أم لا، فإن العديد من الآباء سيميلون غريزيا إلى التردد في أخذ اللقاح، معتقدين أن الخبراء قد يكونون محقين في الشك في أمره. وخلُص مؤلفو الدراسة الجديدة إلى أن قضية تطعيم الأطفال الأصحاء أكثر صعوبة من البالغين حيث أن التوازن بين مخاطر وفوائد لقاح فايروس كورونا لدى الأطفال أكثر تعقيدا، حيث لم يتم البت بعد في الأضرار النسبية الناجمة عن التطعيم والمرض لهذه الفئة العمرية. ونصيحتهم هي حسنا، بالطبع، لا توجد إجابة بسيطة بـ”نعم” أو بـ”لا”. والسؤال الأول الذي يجب على الوالدين طرحه هو “لماذا؟” يعد فايروس كورونا أكثر اعتدالا عند الأطفال منه لدى البالغين، وحتى عندما يكون شديدا عند الأطفال، فهو لا يؤدي إلى الوفاة إلا في حالات نادرة. ولن يمثل التردد عزاء لعائلة تفقد طفلا، فلماذا لا تحصل على التطعيم على أي حال، فقط لتجنب الخطر المحتمل؟ وهناك موضوع آخر، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين تم تطعيمهم، سواء كانوا من فئة البالغين أو الأطفال، كلما ضعف انتشار فايروس كورونا. وينقل الأطفال أيضا فايروس كورونا إذا أصيبوا به مثلهم مثل البالغين، حتى لو لم تظهر عليهم أي أعراض. ◙ قضية تطعيم الأطفال الأصحاء أكثر صعوبة من البالغين وقالت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في شهر أكتوبر إنه تمت دراسة سلامة اللقاح وفعاليته في مجموعة تضم حوالي 3100 طفل، ووجدت أنه فعال بنسبة 90.7 في المئة في الوقاية من فايروس كورونا. وهناك فوائد أخرى لتطعيم الأطفال، مثل التخفيف من آثار توقف النظام التعليمي. إذن ماذا عن سلبيات التطعيم، هل هناك آثار جانبية محتملة؟ الحقيقة هي أن تلك الآثار هي نادرة للغاية عند الأطفال، فقد يعاني الطفل من ألم في موقع الحقن أو قد يشعر بالتعب لفترة من الوقت، أو الصداع، وآلام العضلات أو المفاصل، وحتى الحمى والقشعريرة، ولكن دائما ما تكون تلك الأعراض لفترة قصيرة من الزمن. وأسوأ أثر جانبي محتمل بالطبع، هو الموت، كما عبّرت عنه إحدى المختصرات الشائعة على فيسبوك، والقائلة “طُلب منا أن نجعل أطفالنا يقفون في الطابور للحصول على شيء قد يقتلهم، لحمايتهم من شيء لا يمكن له قتلهم”. لكن من الواضح أن هذا تخويف كاذب، حيث وجدت دراسة نُشرت في نوفمبر 2021 حول وفيات فايروس كورونا في إنجلترا، أن 25 مريضا مصابا دون سن 18 عاما ماتوا بسبب الإصابة بالفايروس، وفي الوقت نفسه، لم يمت أي طفل نتيجة التطعيم، من بين ثلاثة ملايين طفل تلقوا التطعيم. ووافقت هيئة مراقبة الأدوية في المملكة المتحدة في شهر ديسمبر الماضي على استخدام لقاحي فايزر وبيونتيك للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما، بعد مراجعة بيانات السلامة التي أخذت في عين الاعتبار حقيقة أنه في تلك المرحلة كان هناك أكثر من 5.5 مليون جرعة من اللقاح، والتي تم إعطاؤها للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما في الولايات المتحدة وحدها، دون وجود أي عواقب سلبية. وهناك بُعد أخلاقي لذلك التردد بالنسبة إلى البعض، حيث يتساءلون: هل من الصواب أن يحمي الكبار أنفسهم من خلال تعريض الأطفال لخطر التطعيم؟ والجواب هو “نعم”، فتطعيم الأطفال يحمي المجتمع بأسره، وليس البالغين فقط. وبالإضافة إلى ذلك، كلما كان برنامج التطعيم أكثر شمولا، قل احتمال ظهور متغيرات أخرى، متغيرات قد تشكل تهديدات لمجموعات معينة، بما في ذلك الأطفال الصغار. ويخشى البعض الآخر من أن إعطاء أطفالهم عقارا جديدا، دون أي بيانات عن سلامته للمدى البعيد، قد يكون مخاطرة، لكن هذا بسبب سوء فهم طبيعة اللقاحات. ◙ استطلاعات الرأي أظهرت أن ما يصل إلى 60 في المئة من الآباء مترددون حول تطعيم أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما فالتقنية القائمة على الحمض النووي الريبوزي والكامنة وراء لقاحات مثل فايزر وبيونتيك المعروضة للأطفال الصغار في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، هي ليست جديدة، كما أنها لا تُدخل أي مواد خطرة إلى الجسم. حيث تعمل بعض اللقاحات عن طريق إدخال فايروس ضعيف أو ميت إلى أجسامنا لتحفيز الاستجابة المناعية، ومن ناحية أخرى، فإن اللقاحات التي تعتمد على الحمض النووي الريبوزي تقوم فقط بتعليم أجسامنا التعرف على البروتينات التي تنتجها الفايروسات أو البكتيريا وتحفيز الاستجابة المناعية. وفي نهاية المطاف، على الرغم من أن قرار تلقيح الأطفال يجب أن يقع على عاتق والديهم، إلا أني أقول أنا أخذت اللقاح كاملا ولي طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، وبعد الكثير من البحث المضني، قررت أنا وزوجتي أنه ينبغي أن تحصل بنتنا على اللقاح. لقد توصلنا إلى هذا القرار لسببين، الأول هو أنها معرضة لخطر الإصابة بفايروس كورونا وإن كان خطرا ضئيلا للغاية، وذلك الخطر هو أكثر بكثير من خطر التطعيم. والثاني هو أن تلقيحها سيمثل خطوة صغيرة، ولكنها مهمة نحو الانتصار النهائي للجنس البشري على فايروس أودى حتى الآن بحياة ما يقرب من ستة ملايين شخص. وفي النهاية القرار يرجع لك، فقط تأكد من أن قرارك مبني على الحقائق وليس على مخاوف لا أساس لها. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :