هل نحن في حاجة إلى التجنيد الإجباري (1)

  • 11/28/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان سلف الأمة يربُّون أبناءهم على التدريب العسكري، وأن تكون متعتهم التي يلجأون إليها للتخفيف من ضغوط التعليم، هي التدرب على الرمي، ليكونوا على استعداد تام عند الحاجة إليهم يمر بلدنا في السنوات الأخيرة بمرحلة مهمة، حيث يواجه أعداء في الخارج، وأشد منهم في الداخل من الغلاة، الذين يندسُّون بين الآمنين. ومن المقولات الخالدة لباني القوة الأمنية في بلدنا، الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله: «المواطن رجل الأمن الأول». وقد لاحظنا أن بعض العمليات التخريبية قلَّت آثارها بشكل ملحوظ بسبب صمود بعض المواطنين ووقوفهم في وجه المخربين، وفي هذا تأكيد لأهمية البناء العسكري لشباب الوطن عبر التربية الجادة في المدارس، كما هو موجود في كثير من الدول. وتبدأ التربية الجادة بتقوية أبدان أبنائنا المترهلة جراء الأكل غير الصحي، واللعب الإلكتروني، ما جمع على صغارنا سوء التغذية، وقلة الحركة، والخمول الممرض. ومن المسابقات التي تحفِّز على تقوية البدن: رياضة رفع الأثقال، التي تتميز بعدم وجود ضرر على الآخرين، وهذه الرياضة من الرياضات الفردية، التي لا تخلو من الفائدة. وقد مر ابن عباس، رضي الله عنهما، بعدما ذهب بصره بقوم يجرُّون حجراً، فقال: ما شأنهم؟ قال: يرفعون حجراً، ينظرون أيهم أقوى. فقال ابن عباس: عمال الله أقوى من هؤلاء. رواه عبدالرزاق في المصنف 11/444 (20960). كما أن «مسابقات المطارحة»، والألعاب القتالية الحديثة مثل: الكاراتيه، والتايكوندو، والجودو، من الرياضات النبيلة، التي لا يقع فيها أذى على أي طرف، وكانت تُعرف في السابق بالمصارعة، وهي أشبه ما تكون بالرياضة الرومانية، التي ليس فيها قصد بأن يُلحق أحد المصارعين الأذى بالآخر، وقد ورد في المصارعة أن سمرة بن جندب، ورافع بن خديج، رضي الله عنهما، تصارعا بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم يوم أحد. رواه الحاكم والطبراني. وذلك ليتبين الأقوى، فينال شرف الجهاد. وفي حديث ركانة بن عبد يزيد، قال: كنت أنا والنبي، صلى الله عليه وسلم، في غنيمة لأبي طالب نرعاها في أول ما رأى، إذ قال لي ذات يوم: هل لك أن تصارعني؟ قلت له: أنت؟ قال: أنا، فقلت: على ماذا؟ قال: على شاة من الغنم، فصارعته فصرعني». رواه البيهقي. وقد أفادت هذه المصارعة إسلام ركانة، لأنه علم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، معانٌ من الله تعالى، وردَّ عليه النبي، صلى الله عليه وسلم غنيمته. وننبه هنا إلى أن الألعاب القتالية العنيفة لا تتفق مع الأحكام الشرعية مثل: المصارعة، والملاكمة. وقد كان سلف الأمة يربُّون أبناءهم على التدريب العسكري، وأن تكون متعتهم التي يلجأون إليها للتخفيف من ضغوط التعليم، هي التدرب على الرمي، ليكونوا على استعداد تام عند الحاجة إليهم. ومن أجمل وأمتع وسائل الترفيه الرمي بالسلاح للتمرُّن على الإصابة والدقة فيها، فقد ثبت في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر، رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو على المنبر يقول: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي». وخرج النبي، صلى الله عليه وسلم، على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً..». رواه البخاري. بل حذر النبي، صلى الله عليه وسلم، من نسيان الرمي، حيث قال: «مَنْ تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا». رواه مسلم. ومما ورد في فضل الرماية ممارسة وتعلماً وتعليماً حديث جابر، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة». أخرجه النسائي في الكبرى. ولذا حرصوا على هذا الأمر، حيث كانوا يتواصون به، فكتب عمر، رضي الله عنه، إلى أبي عبيدة، رضي الله عنه: أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي. رواه أحمد. وقال سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه: عليكم بالرمي فإنه خير لهوكم. وكان أنس، رضي الله عنه، يجلس، ويطرح له فراش، ويجلس عليه، ويرمي ولده بين يديه، فخرج يوماً وهم يرمون، فقال: يا بني بئس ما ترمون، ثم أخذ القوس فرمى فما أخطأ القرطاس. وأوصى عمر بن عبدالعزيز، رحمه الله، مؤدِّب ولده سهلاً قائلاً: «وليفتح كل غلام فيهم بجزء من القرآن يثبت في قراءته فإذا فرغ تناول قوسه ونبله وخرج إلى الغرض حافياً فرمى سبعة أرشقة ثم انصرف إلى القائلة». ولك أن تلاحظ في هذه الوصية، كيف أنها جمعت ما بين التعليم، والعبادة، والترفيه، والراحة، فيبدأ بحفظ حزبه القرآني، وبعد انتهائه منه يذهب ليتدرب على الرماية، ويكون ذلك حالة الاحتفاء ليعتاد على الخشونة، فإذا أصاب الهدف سبع مرات، سمح له المؤدب بالذهاب إلى القيلولة والراحة.

مشاركة :