أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، أنه بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، تبنّت دولة الإمارات منهجية تعتمد على الشراكات، وتركز على تمويل المشاريع في الدول التي تعتبر أكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وذلك انطلاقاً من قناعتها بأن تعزيز مرونة الاقتصادات المحلية يسهم في تعزيز مرونة الاقتصاد العالمي، حيث قدمت الإمارات ما يزيد على مليار دولار من المساعدات لدعم العمل المناخي في أكثر من 40 دولة، مع التركيز بشكل خاص على الدول الجزرية والأقل نمواً. كما قدمت الدولة مساعدات تُقدر بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة لدعم جهود الإغاثة في الدول التي تعاني النزاعات والكوارث الناجمة بصورة رئيسية عن التغيير المناخي. جاء ذلك في الكلمة الرئيسية التي ألقاها معاليه، خلال ترؤسه الاجتماع الذي نظمته دولة الإمارات على المستوى الوزاري لمجلس الأمن، والذي ركز على الدور المهم لاقتصاديات العمل المناخي في تعزيز الأمن العالمي. وتضمن الاجتماع كلمة تقديمية لمعالي السفيرة لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية والمندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، وحضره كل من جون كيري، المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ، وألوك شارما، رئيس الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ. وأكد معاليه، في كلمته، أن تفعيل اقتصاديات وآليات تمويل العمل المناخي يسهم في تعزيز الأمن العالمي، داعياً المجتمع الدولي إلى معالجة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي والتي تؤدي إلى توترات جيوسياسية تزعزع الاستقرار وتهدد الأمن والسلم الدوليين. وقال معالي الجابر: «تؤكد تجربة دولة الإمارات في تمويل العمل المناخي على أن العالم يستطيع أن يوجه التمويل إلى القطاعات ذات الأولوية، مثل الأمن الغذائي والمائي، خاصةً إذا ما تم النظر إلى العمل المناخي كأحد أدوات تحقيق الأمن العالمي». وأوضح معاليه أن دولة الإمارات قدمت نماذج مبتكرة في تمويل العمل المناخي، بما في ذلك مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ» التي أطلقتها الإمارات العام الماضي بمشاركة 38 دولة لتوسيع نطاق الاستثمارات في مختلف مجالات الابتكار الزراعي، بما يشمل البذور المقاومة للجفاف، وتقنية الزراعة العمودية، والنظم الموفرة للمياه، وغيرها. وأكد معاليه الحاجة لتبني منهجية شاملة تُركز على التمكين الاقتصادي للمرأة ودمجها، وضمان مساهمة تمويل العمل المناخي في تحقيق التنمية المستدامة المتوازنة، مشيراً إلى أن التمويل العادل والمتوازن لمثل هذه المبادرات يسهم في تعزيز مرونة المجتمعات على المدى القريب، ودعم وترسيخ السلم في المستقبل. وقال: على الرغم من أن تمويل العمل المناخي يُعد من أهم متطلبات إدارة مخاطر تأثيرات تغير المناخ، إلا أن المجتمع الدولي لم يفِ حتى الآن الوفاء بتعهداته التي قدمها منذ أكثر من عقدٍ من الزمان، والمتمثلة بتوفير تمويل بقيمة 100 مليار دولار سنوياً لدعم العمل المناخي في البلدان النامية. يضاف إلى ذلك أن العديد من الدول المتأثرة بارتفاع مستوى منسوب مياه البحر تؤكد أن حجم التمويل الذي تم تحديده لمساعدتها لن يكون كافياً بمفرده للحد من مخاطر تأثيرات تغير المناخ. وأضاف معاليه: إن توفير تمويل كافٍ ومستدام للعمل المناخي، يمثل أحد عوامل التمكين الرئيسية لجهود الحد من تداعيات تغير المناخ، كما تُعد سهولة الوصول إلى مصادر التمويل أمراً بالغ الأهمية أيضاً. وأكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر دعم دولة الإمارات لتوفير تمويل كافٍ وفعّال للعمل المناخي، مُجدِداً التزام الدولة، بصفتها شريكاً عالمياً مسؤولاً، بمساعدة الدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. وقال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر: يسلّط أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الضوء على المخاطر المتزايدة لتأثيرات تغير المناخ، حيث يشير إلى أن حوالي 3.6 مليار شخص معرضون الآن بشكل كبير لتأثيراته، ومن المرجح أن تؤدي إلى هجرات قد تتسبب في حدوث العديد من النزاعات والاضطرابات في المستقبل في حال عدم التصدي لها وإيجاد الحلول لمعالجتها، مما يوضح أن تداعيات تغير المناخ أصبحت تمثل تهديداً متزايداً على الأمن والسلم في العالم. وأضاف معاليه: يستعرض التقرير أيضاً بعض البوادر المشجعة على التقدم المحرز في جهود التصدي لتأثيرات تغير المناخ، والتي من الممكن البناء عليها خلال الشهور والسنوات القادمة لصياغة خطة عمل توضح وسائل حماية وتقوية المجتمعات الأكثر ضعفاً في العالم. وأوضح معاليه أن الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP26» توصلت لتوصيات جديدة يمكن البناء عليها لتعزيز تنفيذ التزامات الدول فيما يتعلق بالعمل المناخي من خلال الإجراءات التي وحدت جهود 90% من الاقتصاد العالمي في مسار تنموي نحو الحياد الكربوني، داعياً إلى إجراء تغيير تدريجي مماثل بشأن التكيف مع تأثيرات تغير المناخ، خاصةً في المجتمعات الأكثر عرضة لها. واستعرض معاليه كذلك أهمية توفير تمويل كاف لجهود مكافحة تغير المناخ، وحثّ المجتمع الدولي على مضاعفة الجهود لدعم الدول النامية. ومن بين الشخصيات البارزة الأخرى التي حضرت الاجتماع، معالي أسامة محمود، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، والدكتور محمد مبارك بن دينة، المبعوث الخاص لشؤون المناخ لمملكة البحرين، وجينيفر مورجان، المبعوث الخاص للعمل المناخي الدولي لألمانيا، ومعالي باربرا بومبيلي، وزيرة التحول البيئي في فرنسا، ومعالي شيت غرين، وزير الخارجية والهجرة والتجارة في أنتيغوا وبربودا، ومعالي أحمد خليل، وزير الدولة للشؤون الخارجية في جزر المالديف، ونفيسة أبوبكار، رئيسة أمانة منظمة أمن الطاقة للمرأة الريفية «RUWES»، ويانيك جليماريك، المدير التنفيذي لصندوق المناخ الأخضر، وعدد من الوزراء والسفراء من جميع أنحاء العالم. الحد من المخاطر دعا معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، في ختام كلمته، دول العالم إلى تحقيق المواءمة بين أهداف الأمن العالمي واستراتيجيات المناخ بشكلٍ أكبر، خاصة في الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ. وقال: نعلم أن المناخ ليس دائماً عاملاً من عوامل الأمن، لكننا ندرك أيضاً أنه كلما استطعنا المواءمة بين الأمن واستراتيجيات المناخ في الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، زادت قدرتنا على الحد من هذه المخاطر، وتعزيز المرونة، وتسريع النمو الاقتصادي المستدام. وتتولى دولة الإمارات الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لشهر مارس الحالي، وتتولى مهمة وضع جدول أعمال المجلس لهذا الشهر بالاتفاق مع الأعضاء الآخرين، حيث تترأس الدولة اجتماعات المجلس لتطوير الاستجابات للتحديات الأمنية العالمية الملحة بشكل جماعي. ويُذكر أن دور مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يتمثل في تحمل المسؤولية الأساسية عن صون السلم والأمن الدوليين.
مشاركة :