من داخل وسط ثقافي متخم بالكتب والناشرين استطاع هاني عبدالله برصيد كبير من الشغف بعالم الكتب وخبرة في تسويق الكتاب، أن يطلق داره “الرواق” في العام 2011 لتصبح اليوم واحدة من أبرز دور النشر المصرية والعربية التي تستقطب فئات كبيرة من عشاق الكتب. وعن رحلته تلك كناشر شاب يواجه كثيرا من التحديات المتلاحقة والأزمات التي ضربت حركة النشر العربية والتي لا تبدأ فقط بارتفاع تكاليف إنتاج الكتب وعزوف قطاع كبير من القراء عن شراء الكتب الورقية ولا تنتهي عند جائحة كورونا التي عمقت من أزمة النشر في الوطن العربي، يتحدث الناشر عبدالله لـ”العرب” عن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه صناعة النشر العربية اليوم. روافد جديدة للنشر المعارض أهم منافذ نشر الكتاب العربي المعارض أهم منافذ نشر الكتاب العربي عن رؤيته لواقع الكتاب العربي اليوم في ظل تداعيات كورونا، يؤكد عبدالله أن الجائحة أثرت على واقع الكتاب العربي، لافتا إلى أن الكثير من دور النشر حاولت مواجهة الأزمة وهو ما دفع بتلك الدور في نهاية المطاف إلى الخفض من إنتاجيتها كما توقفت دور أخرى تماما، غير أن هذا المسار شهد بعض التحول في الآونة الأخيرة، نظرا إلى عدة عوامل في مقدمتها استئناف تنظيم معارض الكتب العربية التي يقول لـ”العرب” إنها باتت منافذ مهمة وحيوية ومؤثرة لاستمرارية الناشر في ظل الظروف الراهنة، مشيرا إلى أن أغلب المعارض لعبت دورا مهما في دعم الناشرين عن طريق إلغاء قيمة الاشتراك أو تخفيضها في أعقاب جائحة كورونا وهو ما انعكس إيجابيا على صناعة النشر. وحول رؤيته لمستقبل النشر العربي عموما وأبرز التحديات التي تواجه الناشر العربي اليوم، يقول مدير دار الرواق لـ”العرب” “أرى أن النشر العربي حدثت به طفرات إيجابية في آخر عشر سنوات تمثلت في ظهور العديد من دور النشر الجديدة التي تحمل وجهات نظر ورؤى جديدة مما ساعد بشكل كبير في تطوير المهنة كون هذا الجيل لديه الكثير من الاطلاع على العناصر القادرة على تطوير المهنة كاستغلال وسائل التواصل الاجتماعي للتسويق للأعمال أو لمعرفة توجهات الجمهور وكذلك الاطلاع الواسع على كافة أسواق النشر العالمية”. لدعم الكتاب العربي يجب اتخاذ كافة الإجراءات التي تخفف العبء عن الناشر والقيام بمبادرات لنشر ثقافة القراءة أما التحديات التي تعارض طريق الناشرين العرب على وجه التحديد فيعتقد أن أخطرها هو القرصنة، ويقول “ظاهرة تقليد وتزوير الكتب أصبحت بارزة في كثير من العواصم العربية مثل سرطان ينهش جسد تلك المهنة ويجب أن تتحرك الدول للحد من هذه الظاهرة، كما يوجد تحد آخر كبير أيضا وهو ارتفاع أسعار مدخلات الصناعة بشكل كبير جدا”. وحول أهم العوامل التي ساهمت في رفد حركة النشر العربية وتحديثها وضخ الدماء في عروقها خلال العقد الأخير، يتابع عبدالله “يوجد حراك كبير في صناعة النشر في العالم العربي في آخر عشر سنوات حيث ظهرت العديد من دور النشر في العقد الأخير بما تحمله من روح الشباب والاطلاع على كافة أسواق النشر العالمية وامتلاك الأدوات الحديثة في التواصل مع القارئ، من وجهة نظري كان لذلك أثر إيجابي كبير في زيادة رقعة ومعدلات القراءة في العالم العربي، وأرى أن هناك اهتماما كبيرا في جانب الترجمة من اللغات الأجنبية هذا أيضا يثري الحالة العامة للنشر بإدخال شرائح جديدة مهتمة بالاطلاع على ثقافات مختلفة، وأتمنى أن تحدث طفرة أيضا في جانب ترجمة الإصدارات العربية للغات الأجنبية ليحدث التوازن الذي يأتي بالأثر الإيجابي على الناشر العربي”. وفي إجابته على سؤال لـ”العرب” حول كونه أحد المتشائمين حيال تأثير الكتاب الإلكتروني على الكتاب الورقي في المستقبل القريب، يجيب الناشر “أعتقد أن الكتاب الإلكتروني سوف يحتل مكانة كبيرة لدى القارئ العربي لكني لست متشائما بشأن انتشار الكتب الإلكترونية ولدي وجهة نظر مختلفة وهي أن الكتاب الإلكتروني يساعد على نجاح النسخ الورقية وذلك لسرعة انتشار النسخة الإلكترونية وأقصد بالطبع النسخ الشرعية وليست الـpdf المقرصنة، وأرى أن القارئ العربي لديه علاقة مختلفة مع الكتاب الورقي فهناك ألفة لن تتأثر بالنسخ الإلكترونية أو على الأقل لن تتأثر في الوقت القريب”. الرهان على القارئ استقطاب كبيرة لعشاق الكتب استقطاب كبيرة لعشاق الكتب تعد دار الرواق ومن خلال استراتيجيتها ذات تجربة عربية فريدة تقوم في الأساس على الرهان على القارئ فقط لدعم الكتاب وانتشاره واستمرار عجلة النشر، وحول ما إذا كانت هذه التجربة مجدية من وجهة نظر مؤسس ومدير الدار، يقول “نعم بالتأكيد وأتحدث هنا عن تجربتنا في الرواق الداعم الأكبر لنا هو قارئ الرواق نقوم بدراسة اهتمامات القارئ بشكل كبير جدا ونسعى بكل الجهد دائما لأن نقدم للقارئ أفضل منتج ثقافي يرضي شغف القراءة لديه ودائما ما نجد رد الفعل الجيد من جمهور الدار في المحافل المختلفة وكذلك بالمكتبات ويعد هذا الأمر هو المكافأة عن المجهود الكبير الذي يبذله فريق الدار”. وعن تجربته كناشر مصري تمتد مسيرته مع النشر لأكثر من عقد وهل هو راض عن الحضور الذي حققته دار الرواق خلال هذه الفترة، يقول عبدالله “اعتقد أننا في الرواق راضون تماما عما حققته الدار في الفترات الماضية وذلك وفقا للخطط والاستراتيجيات التي وضعناها منذ بداية التأسيس، فلكل فترة من عمر الدار خطة تحدد فيها نوعيات الأعمال وتحدد وفقا لدراسات السوق واهتمامات القارئ العربي ولدينا الكثير من الطموحات للوصول بعيدا والانتشار بشكل أكبر في المستقبل”. وفي سياق حديثه عن الدور المنوط بالمؤسسات الرسمية العربية وحتى الاتحادات لدعم الكتاب العربي، يطالب مدير دار الرواق بأن تلعب هذه المؤسسات دورا أكبر لدعم صناعة النشر، ويضيف “لدعم الكتاب العربي يجب أن يتم اتخاذ كافة الإجراءات التي تخفف العبء عن الناشر العربي وعمل المبادرات التي من شأنها العمل على نشر ثقافة القراءة وأتمنى أن تقوم المؤسسات العربية الرسمية بالقيام بدور فعال أكبر في دعم وتشجيع الكتاب العربي بكافة أنواعه المتخصصة وغير المتخصصة”.
مشاركة :