«من فات قديمه تاه»

  • 11/29/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ ثلاثة عقود مررت وعبرت بشوارع وطرق ومطاعم مدينة الدمام.. في تلك الحقبة لم تكن الكثافة السكانية مثلما هي عليه في يومنا هذا. ما زلت أحفظ موقع بقالة العامل السخي الذي كان يقدم لنا المشروبات الباردة والساخنة بحكم الجوار.. نتذكر بعض الأشقاء اليمنيين الذين أهدونا ثلث ذبيحة في يوم عيد أضحى بحكم أننا عزاب ولا قدرة لدينا على توفير ثمن الأضحية. اليوم عدت إلى الدمام غير أنها لم تعد هي دمام الأمس، اذ اختلفت التفاصيل وخانتني الذاكرة في تحديد موقع الشقة في العدامة، ومنازل الأقارب في مدينة العمال، لعل شارع الملك خالد هو الوحيد الذي أعادني لبعض حكايا الأمس، سألت عن مطعم البخاري الماهر في (الكبسة) الذي كان يحتل حيزا من شارع الخزان فقالوا لي انتقل إلى البحرين.. وتظل الدمام مدينة ذكريات عميقة لا تنسى ولا تمحوها الايام والسنون. برغم ما كانت عليه من بساطة بالأمس وما أحدثته الطفرات من تحولات إلا أن وجود مبان متهالكة وآيلة للسقوط في الدمام تعد اكبر المهددات للبيوت المجاورة اذ تلاحظ انتشارها بكثافة وعشوائية ولعل ذلك يعود ان هذه المباني لم تعتمد على تصاميم ولا على دراسة هيكلية مستقبلية ما يجعل صمودها في وجه الزمن ضعيفا. وخلال مرور وجولة «عكاظ» داخل الأحياء تكثفت الأسئلة عن سر الحفاظ غير المبرر على بعض المباني القريبة للسقوط أو تلك المتهالكة والمشوهة للمشهد العام. ربما يتملكك الخوف إن اقتربت منها حتى لو كنت في رابعة النهار، ومثل هذه المباني القديمة تشكل عائقا للجهود المبذولة في تحويل الدمام إلى بوابة حضارية. من فات قديمه في مدخل حي العمامرة الشعبي أقدم أحياء الدمام وجدت أحد كبار السن الذي اعتذر عن التقاط صورة له فسألته عن هذه الأحياء وأوضاعها فأجاب «من فات قديمه تاه» فالأحياء القديمة هي الماضي الجميل نستنشق منها عبق الماضي وعبير الذكريات، إذ من كل بيت في الحي خرج بناة البلد، الذين ساهموا بعلمهم وفنهم في النهضة والنقلة النوعية. وأضاف: صحيح هناك سلوكيات غير مقبولة لكنها ليست حصرا على الأحياء القديمة. عن هذه البيوت تحدث الى «عكاظ» مصدر أمني فقال إن لجنة مشكلة من الدفاع المدني وأمانة الدمام، تنظم جولات تفتيشية ومسحا ميدانيا متواصلا لتلك المناطق بهدف رصد ومسح كل مبنى مشكوك في سلامته أو سلامة قاطنيه، ويتم الكشف والفحص عن طريق جهاز فني متمكن ومؤهل لتحديد ما يجب عمله والتحوط له. مشاكل عائلية يواصل المصدر: في الحقيقة نجد معاناة من بعض المساكن فبعضها أصحابه غير معروفين لنا ونبذل جهودا دؤوبة ومثابرة للوصول اليهم ومعرفتهم. كما ان هناك بعض المنازل اصحابها معروفون لكننا نقع احيانا في مآزق خلافات عائلية بينهم، ربما لاختلاف حول الإرث أو وجود مشاكل اسرية مختلفة، وهو الأمر الذي يعيق عمل اللجنة المختصة، لكني أؤكد أن اللجنة مستمرة في عملها وأنا على يقين من أنها ستصل إلى نتائج موفقة بفضل الروح العالية التي تعمل بها والإخلاص في حل هذه المشكلة. هدم المتاجر من البلدية تحدث مصدر وقال إن بعض المنازل يحتاج إلى تحسين وترميم من الداخل والخارج حتى تكون ملائمة للسكن وتكون هيئتها الخارجية متماشية ومتوافقة مع النسيج العمراني المجاور، أما المنازل الآيلة للسقوط فيتم التعامل معها بشكل مختلف ومغاير حيث تتم معاينة أي مبنى يشك في كونه آيلا للسقوط وتقوم على ذلك لجنة مختصة من عدة قطاعات حكومية. وفي حال اعتماد اللجنة المبنى آيلا للسقوط، يتم في الحال فصل الخدمات عنه، وبالتالي بدء اعمال هدمه وازالته. ويلفت المصدر الى ان هذه العملية في الغالب محكومة بنواح اقتصادية واجتماعيا ان كان المبنى محلا تجاريا علما بأنه في حالة كون المبنى يشمل محلات تجارية فتخضع للاشتراطات الفنية والصحية قبل إصدار أي ترخيص لهذه المحلات. تطبيق الغرامات المصدر لفت إلى أن أي ملاحظات ترد ويتم الإبلاغ عنها لجهة الاختصاص يحدث التنسيق مع اللجنة لفصل خدمة المياه في حال حدوث أي تسرب ناتج من المباني بسبب خلل في التوصيلات ولا تعاد الخدمة إلا بعد إصلاح الخلل، وتطبيق نظام الغرامات، وأخذ التعهدات اللازمة بعدم تكرارها. وعن تدني مستوى النظافة في الحي قال المصدر: نود أن نوضح أن وسط الدمام يخضع لأعمال النظافة أسوة بباقي الأحياء السكنية التي تشرف عليها بلدية الوسط وفق خطة عمل تشتمل على رفع النفايات المنزلية، وكذلك رفع المخلفات الصلبة، وعملية التقاط المبعثرات، وكنس الشوارع، ومتابعة الوضع بشكل يومي بواسطة الإدارة المختصة. «حي العدامة» خلدته رواية تركي الحمد تعد رواية العدامة الصادرة عام 1997 للأديب الدكتور تركي الحمد، إحدى الروايات الواقعية المستوحاة من حي العدامة، الذي كانت تسكنه أطياف بشرية مختلفة جاءت من كافة المناطق السعودية، ومن يقف زائرا للحي اليوم سيجد أنها لم تتغير كثيرا، ولا زالت ترتفع أصوات شكاوى ساكني حي العدامة في الدمام من كثرة العمالة المجهولة المنتشرة بكثافة في الحي، إضافة لامتلاء شوارع الحي بالحفر والمطبات، وأكوام النفايات المهملة، وتجمع مياه الصرف الصحي في عدة بؤر وسط الحي، مشيرين إلى أنهم تقدموا بعدة شكاوى ومطالب للجهات المعنية لتدارك الخدمات المتدنية في الحي، دون أن تتحسن الأوضاع حتى الآن، والعدامة تنقسم إلى قسمين جديد وقديم، وعمر الحي 50 عاما تقريبا، ويعد من الأحياء الكبيرة نسبيا ويكتظ بالسكان، حيث تبلغ مساحته ثلاثة كيلو مترات مربعة، ويبلغ عدد ساكنيه أكثر من 70 ألف نسمة، ولا يخلو من المحلات التجارية والمراكز الصحية والمدارس. شارع الحب .. مفهوم الغرام وتوفير الحبوب يعرف شارع الحب عند أهل المنطقة الشرقية بأنه شارع لبيع الحبوب قمح وشعير وذرة وغيرها، خصوصا أنه مجاور لسوق الطيور القديم إلا أن المكان الذي عرف كأول سوق نسائي في المدينة الشرقية والذي يمتد بطول 300 متر، وعرض 15 مترا، كانت بدايته مع بدء تشكل المدينة ولذا أحاطته أحياء صغيرة محدودة ومتلاصقة، أبرزها حي الدواسر الذي ينسب في تسميته إلى قبيلة الدواسر، فكان الشارع المكان الوحيد الذي تتبضع منه نسوة المدينة الصغيرة، وبعد سنوات تحول الشارع إلى سوق للذهب ورغم انتشار متاجر الذهب فيه، إلا أنه حافظ على اسمه السابق شارع الحب، ومنذ 68 عاما والشارع محتفظ بحضوره في الذاكرة وعلى أرض الواقع، إذ شهد أواخر الستينات الميلادية حضورا في بعض الأغاني الشعبية من خلال الفنان بشير حمد شنان الذي غنى(يا ليت سوق الذهب يفرش حرير من شان فيه الحبيبة شفتها)، ويؤكد الإعلامي حبيب محمود أن شارع الحب حضر في رواية العدامة 9 مرات، وفي إحداها كان بطل الرواية هشام العابر يعبر عن حالة الشبان المراهقين في تلك الفترة في أوقات الفراغ، إذ قال في إحدى صفحات الرواية «عندما خرج من الجلسة في ذلك اليوم الحار والرطب من أيام أيلول في الدمام، فكر في العروج على شارع الحب والتسكع قليلا قبل الذهاب إلى المنزل، فهو لا يشعر اليوم بالرغبة في الذهاب إلى الشلة. أخذ يتسكع من دون هدى متلصصا ومتفرجا على حوانيت القماش حتى انتهى به المطاف عند مقهى صغير في آخر الشارع حيث يلتقي شارع الحب مع شارع 18..». فسيفساء النخيل في الواجهة البحرية ما إن تخرج من وسط أحياء الدمام القديمة حتى يعانق نظرك مساحة من المسطحات الخضراء بالواجهة البحرية التي تبلغ مساحتها 180500م، وتمت زراعتها بأكثر من 900 نخلة من النخيل العربي، و 250 نخلة من الواشنطونيا و 2750 من الأشجار المتنوعة، و 500 ألف زهرة، و 60000 شتلة مغطيات تربة وزراعة 100 صبارية مختلفة، وتم تطوير وصيانة شبكة الري الآلية بما تحويه من رشاشات ومحابس ومضخات وغيرها، إضافة إلى قص وتعشيب المسطحات الخضراء وإزالة الحشائش الغريبة من المسطحات بشكل دوري وتنظيف النخيل العربي وتقليم الأشجار، ورفع المخلفات وترقيع المناطق التالفة، ودهان وصيانة مظلات الجلوس وألعاب الأطفال، وإضافة الرمال الحرة لألعاب الأطفال بشكل دوري ومستمر، وتغطية الحواجز الخرسانية حفاظا على سلامة الأطفال، وساحة رئيسة مفتوحة للاحتفالات الرسمية والمناسبات العامة، وروعي في تصميم وإنشاء الواجهة البحرية جميع الفئات، كما تم تخصيص أماكن للشباب لممارسة الأنشطة والهوايات المختلفة، من خلال الاستفادة من ملاعب متعددة الأغراض، إضافة إلى مضامير للمشي بطول 5500 متر، ومضمار للجري بطول 4100 متر، وآخر للدراجات الهوائية بطول 1800 متر، ومسار خاص بالقطار بطول 2950 مترا، ومواقف للسيارات تتسع 2500 سيارة على مساحة 90 ألف متر مربع.

مشاركة :