أحذية غالية وعقول خاوية كامل كريم الدليمي لن اتحدث عن سالف العصر والزمان ، ولن ادخل في قصص كان ياما كان ، لكنني سأتحدث عن جانب مهم في تاريخ العراق الحديث. عاشَ العراقيون جميعاً حالة من الفقر المُدقع قبل عشرات السنين من تجربة التحوَّل للنظام الديمقراطي البائس.. كانوا يسيرون حفاة ولايمتلكون ملابس مودرين. ولا يعرفون الماركات العالمية. وطعامهم مما تيسر وفق امكانياتهم المتواضعة. لكنهم كانوا متميزين بصفات اهم من التباهي بالملبس والطعام.. لم تسقط منهم قطرة الخجل ، وكان المجتمع متماسكا، ومنظومة القيم والاخلاق رصينة ، كانت اقدامهم حافية ، وعقولهم نيَّرة تحمل العلم والاخلاق والتفاني في العمل والانتماء الحقيقي للعراق كبلد حر مستقل . نجحوا في ان يَتَفَّوقوا على كثير من شعوب الدول التي تعيش افضل حالاً منا .. كان العراق منارة للعلم والفن والادب والثقافة وتصدرت الاسماء العراقية الساحة العربية وحتى العالمية بكل الاختصاصات .. كان الطبيب العراقي يُفضل بمنح فرصة العمل في اوربا حتى قبل ان يُمنح الفرصة ابن البلد. لأنهم على دراية بحجم علميتة وكفاءة الطبيب العراقي ، وما زها حديد والجواهري والسياب وعلي الوردي ومئات الاسماء التي تُعد مفخرة للبلد إلا نتاج لتلك الايام العصيبة. اما اليوم وبعد التجربة الديمقراطية التي فُرضت بعنجهية امريكا وتخاذل العرب شكلت من الشعب العراقي طبقتين مختلفتين تماماً. احداها يمتلك المال والجاه والسلطة وكل مستلزمات العيش الكريم التي كان يحلم في يوماً ما ان يمتلك جزءا يسير منها. والاخر لايملك حتى قوت يومه. انها الفوضى الخلاقة. وفي هذا الزمان ظهرَّ لنا البعض وهو يتباهى بما يرتديه من احذية وملابس باهظة الثمن ومن مناشيء علمية مختلفة. لم يفاجئني ذلك. لكن كنا نتمنى جميعاً ان نرى عقول غنية قبل الاجساد المُبرقعة كذباً بالماركات العالمية .. كي يتمكنوا من بناء مجتمع رصين قادر على الاعمار والإنجاز وان يكون انتماء ابنائه حقيقيا للعراق .. تأكدت انني لن اجد في زمني إلا عقولا خاوية وكروش ملئها المال. وكم تمنيت ان يعملوا الجميع على بناء انفسهم اولاً كي يتمكنوا من النهوض بمجتمعهم . لكن وجدتهم قد تمكنوا من بناء امبراطوريات خالية من الانتماء وبعيدة كل البعد عن المجتمع. فكرهت الماركات لانها سبب خسارتي لكثير ممن كنتُ احسن الظن بهم، واحببت الحُفاة لأنهم كانوا خير سفراء للعراق .
مشاركة :