أُفرج الجمعة عن المدوّن والناشط السعودي رائف بدوي الذي أصبح رمزا لحرية التعبير في كل أنحاء العالم، بعد عشرة أعوام أمضاها في السجن في بلاده بتهمة "الإساءة إلى الإسلام"، لكن منظمات حقوقية قالت إنه ما زال ممنوعا من السفر عشر سنوات أخرى. وقالت زوجته إنصاف حيدر "رائف اتصل بي، إنه حرّ"، وذلك بعدما أعلنت الخبر عبر تويتر. وأكد مسؤول أمني سعودي الإفراج عن بدوي وقال مشترطا عدم كشف هويته إن بدوي "أطلق سراحه اليوم (الجمعة)"، دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وروت إحدى بناته وتُدعى نجوى (18 عاما)، "قفزتُ في كل مكان عندما علمتُ بالخبر. لم أصدّق الأمر. أنا متشوّقة لرؤية أبي، متشوّقة جدا". وعام 2012 أُوقف المدوّن السعودي الفائز بجائزة منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية لحرية الصحافة والبالغ 38 عاما، وقضت محكمة سعودية عام 2014 بسجنه عشر سنوات وبتلقّيه 50 جلدة في الأسبوع مدى 20 أسبوعا. وكان بدوي طالب عبر موقعه الإلكتروني بوضع حدّ لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو "المطوعون" الاسم المتعارف عليه لأفراد الشرطة الدينية. وقُلّصت صلاحيات هذه الهيئة مع صعود نفوذ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في بداية 2016. وأثار الجلد العلني لبدوي في السعودية عام 2015 صدمة في العالم بسبب طابع العقوبة الذي يذكّر بـ"القرون الوسطى"، بحسب تعبير وزيرة سويدية آنذاك. وغرّدت منظمة العفو الدولية في كندا، "رائف بدوي المدافع عن حقوق الإنسان في السعودية أطلق سراحه أخيرا!"، متحدّثة عن "نبأ منتظر جدا". وأضافت "احتشد الآلاف منكم إلى جانبنا للدفاع عن رائف بدوي على مدى 10 سنوات. شكرا جزيلا لكم جميعا على دعمكم المتواصل". وقالت كوليت لوليافر منظمة حملات متعاونة مع منظمة العفو الدولية، إن إطلاق سراحه كان "مصدر ارتياح كبير". وأضافت الجمعة بعدما تحدثت إلى زوجة بدوي "كانت إنصاف عاجزة عن التعبير لأن الأمر كان مفاجئا. لقد عملت بجد لتحرير زوجها (...) هذا تقدم كبير بالنسبة إليها". وأصبحت إنصاف حيدر مواطنة كندية وتقيم مع أولادها الثلاثة في كيبيك على بعد 150 كلم من مونتريال، حيث تناضل منذ أعوام للإفراج عن زوجها. وسبق أن روت في فبراير أنها تمكنت من الحفاظ على التواصل مع زوجها عبر الحديث إليه "حتى ثلاث مرات في الأسبوع" عبر الهاتف. وكل جمعة منذ سبع سنوات، كانت حيدر تنظم وقفة احتجاجية عامة لبدوي في كندا. ومهّدت مقاطعة كيبيك الطريق أمام رائف بدوي للمجيء إلى البلاد إذا اختار ذلك، من خلال وضعه على قائمة أولوية للمهاجرين المحتملين لأسباب إنسانية. إلا أن منظمة العفو الدولية والمنظمة الحقوقية السعودية (القسط)، أكدتا أن بدوي ما زال يواجه المنع من السفر لعشر سنوات. وقالت العفو الدولية في بيان "ما زال رائف بدوي محجوزا في السعودية باعتبار أنه ممنوع من مغادرة البلاد للسنوات العشر المقبلة. وهو ممنوع أيضا من استعمال أي موقع للتواصل الاجتماعي.. فيما يحدّ بصورة خطيرة من قدرته على التعبير عن نفسه". وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الجمعة على تويتر، إنه يشعر بارتياح للإفراج عن بدوي. قبل ذلك كتب رئيس وزراء مقاطعة كيبيك فرانسوا لوغو في تغريدة "لا أتوقف عن التفكير في الأبناء الذين سيجتمعون بوالدهم أخيرا". كما أعربت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي عن "ارتياحها" للنبأ، وكتبت على تويتر "أفكاري مع عائلته وأحبائه". ومن جهته أعرب إروين كوتلر وزير العدل الكندي سابقا والمستشار القانوني الدولي لعائلة بدوي في بيان، عن أمله في أن تسمح السلطات السعودية "بلم شمله بزوجته وأطفاله الصغار في كندا". ومنذ العام الماضي، أطلقت السعودية سراح عدد من الناشطين والحقوقيات بضغط من الغرب، على رأسهم لجين الهذلول في فبراير 2021 ومن بعدها سمر بدوي، شقيقة رائف، ونسيمة السادة في يونيو 2021. وتمنع السعودية العديد من النشطاء المفرج عنهم وعائلاتهم من مغادرة المملكة، في ما يعتبر عقابا جماعيا يجعلهم عرضة لما تسميه منظمات حقوقية تعسفا من الدولة. وحاز بدوي جائزة منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية التعبير عام 2014، كما تسلمت عنه زوجته المقيمة في كندا في ديسمبر 2015، جائزة ساخاروف لحرية التعبير التي يمنحها البرلمان الأوروبي. وورد اسمه عامي 2015 و2016 على لائحة المرشحين لجائزة نوبل للسلام.
مشاركة :