ترقي النساء وعوائق الصور النمطية

  • 3/14/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هل هناك هوة في الترقية في العمل على أساس النوع؟ وهل هناك الكثير من النساء اللاتي يبرعن في أداء عملهن، لكنهن يتلقّين معاملة مجحفةً بخصوص الترقي الوظيفي؟ بعض الأدلة المؤيدة الجديدة توفرت مؤخراً، إذ كشفت دراسة حديثة باستخدام قاعدة بيانات تضم قرابة 30 ألف موظف وموظفة في سلسلة كبيرة للبيع بالتجزئة أن النساء يتلقين تقييمات أعلى في الأداء الوظيفي، لكنهن يحصلن على معدلات أقل بخصوص «الإمكانيات». أولئك النساء أنفسهن كن يتلقين ترقيات أقل، رغم أن أداءهن في نهاية المطاف كان أفضل من نظرائهن الذكور. ولعل الأهم من ذلك كله هو أن نصف هوة الترقيات تقريباً له علاقة بالتقييمات المنخفضة لـ«الإمكانيات». التحيز ليس التفسير الوحيد الممكن. إذ يمكن الطعن في نتائج الدراسة على أساس حجم التأثير أو تأويله. وعلى سبيل المثال، وجد الباحثون أن فرصة امرأة في الحصول على ترقية في سنة معينة أقل بما بين 1% و2% من فرصة رجل في الحصول عليها. فهل هذا الفرق صغير جداً لدرجة أنه قد يكون اعتباطياً أم نتيجة خطأ في القياس؟ أم هل يتراكم مع مرور الوقت ليضع النساءَ المؤهلات في وضع مجحف؟ الأكيد أن هذا الجدل سيتواصل، لكننا نعرف أن الناس يصدرون الأحكامَ بناءً على الصور النمطية، وأن هناك رؤساء تنفيذيين ذكوراً أكثر بكثير من الرئيسات التنفيذيات الإناث. كما أن هناك تفاوتات مماثلة على العديد من مستويات القيادة، رغم أنها تميل إلى أن تكون أكثر تطرّفاً في القمة، على غرار ما هو عليه الحال في الشركة الأميركية الشمالية غير المسماة التي كانت موضوع الدراسة. ولا شك في أن الصور النمطية الناتجة عن ذلك يمكن أن تجعلنا أسوأ في إسناد الوظائف للأشخاص الأكثر موهبة. وربما كان لدى الرجال، في المتوسط، طموح أكبر بالفعل، وبالتالي إمكانيات للحصول على ترقية بالفعل. وقد يكون أحد أسباب ذلك أن النساء، في المتوسط، يمضين وقتاً أطول في البيت في تربية الأطفال مقارنةً بالرجال. ولا شك في أنه حتى الفرق الصغير في الوقت والجاهزية للسفر يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في الأداء الوظيفي بالنسبة للوظائف التنفيذية التي تتطلب الكثير من المتطلبات. ثم إنه حتى إذا كان ذلك هو واقع الحال، فإنه يمكن أن تكون هناك مشكلة تمييز. إذ حتى إذا كان الرجال والنساء مختلفين في المتوسط، فهناك توزيع الاحتمالات لكل مجموعة، وتلك التوزيعات ستتداخل عادةً. أي أنه ستكون هناك الكثير من النساء المستعدات والقادرات على استيفاء متطلبات وتحديات أي مكان عمل، والكثير من الرجال الذين لديهم طموح محدود. وإذا كنتَ تعتقد أن الرجال والنساء مختلفون في المتوسط، فإن الإجحاف يمكن أن يصبح أكبر وأشد بالنسبة لأصحاب الأداء الأفضل الممكنين. وفي هذا السياق، سينظر المشغِّلون إلى النساء الأكثر موهبة، لكنهم سيقلِّلون بشكل دراماتيكي من شأن إمكانياتهن، بما في ذلك لشغل وظائف قيادية، لأسباب تتعلق بالصور النمطية. وكما أشار إلى ذلك تعليق لأحد القراء، فإن إحدى السمات اللافتة في نظامنا الحالي هي أن هناك القليل جداً من معايير الأداء الموضوعية حقاً التي تُستخدم من أجل تقييم الأداء في العمل. ففي معظم الوظائف، من الصعب إيجاد عدد يقيس بدقة المساهمة الإجمالية لموظف أو موظفة ما في أرباح شركته أو شركتها. ولهذا، فإن التقييمات الذاتية التي تصدر عن رؤساء العمل تكتسي أهمية كبيرة، وذلك في تباين قوي مع المدارس التي تعطي الدرجات ورتب الصف والاختبارات، وتستخدم طرقاً أكثر دقة لتقييم الأداء. فعلى مستوى الجامعة، حققت الطالبات الإناث المناصفة مع نظرائهن الذكور، بل وتجاوزنهم في بعض الحالات. أما في مكان العمل، فإنه لا يمكن قول الشيء نفسه، حتى في الوظائف المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمجالات التي يكون فيها أداء النساء أفضل في المدرسة. وبالتالي، فإن إحدى الخلاصات الممكنة هي أن المدارس لا تسدي خدمةً للنساء الأميركيات من خلال تشديدها على إنجاز المهمة («الواجب المنزلي»)، وعدم تشديدها بالشكل الكافي على مهارات القيادة والطموح. غير أن مكان العمل يتحمل جزءاً من المسؤولية أيضاً. ويمكننا رؤية ذلك من خلال نظرة أوسع على الاقتصاد. فإحدى النصائح الشائعة هي أنه يجدر بالنساء أن يفكرن في التجمع في المجالات حيث يكون تقييم الأداء موضوعياً. ففي المجال العقاري، على سبيل المثال، البيع بيع والعمولة تُمنح على هذا الأساس، بغض النظر عن الأحكام المسبقة لرئيس العمل. كما تشير بعض الأدلة إلى أن مديرات الصناديق الإناث يبلين بلاءً أحسن من مديري الصناديق الذكور في نوع آخر من الأعمال، حيث يمكن قياس الأداء بقدر من الموضوعية. غير أن تسيير صندوق تحوط غالباً ما يتطلب الحكم الشخصي لشخص ما بأن شخصاً ما آخرَ جدير بالترقية أو يستحق التمويل. وخلاصة القول، إن التمييز في مكان العمل كان سمة وسمت كل تاريخ العالم تقريباً، ولهذا ينبغي ألا يصدم أحد بأدلة جديدة على أنه مستمر إلى اليوم. *أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة جورج مايسون الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

مشاركة :