التقى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد خلال زيارته إسطنبول، ويأتي ذلك تعزيزا لجهود التقارب بين الدولتين الجارتين العضوين في حلف شمال الأطلسي في ظل الهجوم الروسي على أوكرانيا. وقالت الرئاسة التركية في بيان أصدرته عقب الاجتماع إن اللقاء ركز على فوائد تعزيز التعاون بين البلدين “في ضوء تطور البنية الأمنية الأوروبية”. وأضاف البيان “رغم الخلافات بين تركيا واليونان، تم الاتفاق… على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة وتحسين العلاقات الثنائية”، كما تناول الزعيمان في الاجتماع النزاع في أوكرانيا وخلافاتهما في شرق البحر المتوسط. وحضر ميتسوتاكيس قبل الغداء احتفالا في كاتدرائية القديس جاورجيوس الأرثوذكسية في تركيا. وتعد تلك خطوة سياسية في سياق الحرب في أوكرانيا: فبطريرك القسطنطينية كان قد اعترف بالمكانة “المستقلة” للكنيسة الأوكرانية، ما أثار حفيظة روسيا. ودعا برثلماوس الأول الذي قال في مطلع مارس إنه صار “هدفا لموسكو”، خلال القداس إلى “وقف فوري لإطلاق النار على جميع جبهات” الحرب بين روسيا وأوكرانيا التي يتابعها “بقلب قلق”. كما أشاد البطريرك بـ”المقاومة الشديدة” للأوكرانيين و”رد الفعل الشجاع للمواطنين الروس”. وتختلف تركيا واليونان، وهما من أعضاء حلف شمال الأطلسي، على مجموعة من القضايا بداية من المجال الجوي إلى المناطق البحرية في شرق البحر المتوسط والهجرة وتقسيم قبرص على أساس عرقي. وشهدت العلاقة الخلافية بين أثينا وأنقرة في السنوات الماضية أزمة جديدة على ارتباط بترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط. وتصاعد التوتر في صيف 2020 عند محاولة تركيا القيام بأعمال تنقيب عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها، غير أن استئناف المفاوضات الثنائية عام 2021 سمح بانفراج نسبي في العلاقات. وأوضحت أنتونيا زيرفاكي الأستاذة المساعدة في العلاقات الدولية في جامعة أثينا “تعقد القمة اليونانية التركية على خلفية الحرب في أوكرانيا، لكنّه سيتم تقييمها في سياق الحوار اليوناني التركي الذي بدأ بعد خفض التصعيد في أزمة” صيف 2020. ورأت في هذا اللقاء “مؤشرا إلى جهود تقارب وتفاهم” بين البلدين. احتمال استمرار حرب طويلة في البحر الأسود يجعل من مصلحة البلدين تحسين علاقاتهما الثنائية وتسوية خلافاتهما وأبدى ميتسوتاكيس الأربعاء “استعداده” للمساهمة في الحوار “بطريقة بناءة وخصوصا أن البلدين يبديان قلقهما إزاء الشؤون الإقليميّة”. وقال خلال جلسة لمجلس الوزراء “بصفتنا شريكين في حلف شمال الأطلسي، المطلوب منا التحرك في ظل الظروف الحالية” من أجل “محاولة إبقاء منطقتنا بعيدا من أي أزمة جيوسياسية أخرى والتنديد بانتهاك (روسيا) للقانون الدولي”. وعلى غرار جميع شركائها الأوروبيين، نددت أثينا بشدة منذ الرابع والعشرين من فبراير بالغزو الروسي لأوكرانيا. وأوضح سنان أولغن مدير مركز الدراسات الاقتصادية والسياسية في إسطنبول أنه “مع احتمال استمرار حرب طويلة في البحر الأسود، من مصلحة البلدين تحسين علاقاتهما الثنائية وتسوية خلافاتهما”. وتابع “سيعاد توجيه دبلوماسيتهما، إنما كذلك إلى حد ما جهدهما العسكري، في ضوء هذه الأزمة بين أوكرانيا وروسيا”. ورأت أصلي أيدنتاتشباس العضو في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، وهو مركز دراسات مقره في برلين، أن الحرب في أوكرانيا “يمكن أن تنعكس إيجابا على العلاقات اليونانية التركية”. ولفتت الخبيرة إلى أن المسؤولين يدركون أنه من جانبي بحر إيجة “يتغير العالم ويعاد النظر في الأمن الأوروبي بشكل لم يكن ممكنا تصوّره قبل ثلاثة أشهر”. وقال ميتسوتاكيس الأربعاء “إن كانت هناك خلافات بيننا، فهذا لا يعني، وخصوصا في ظل الأوضاع الحالية، أنه ينبغي عدم التحاور”، معربا في الوقت نفسه عن “تطلعات محسوبة وواقعية” للقاء الأحد. ولا يتوقع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة مقدونيا سبيروس ليتساس “نتيجة حاسمة” خصوصا أن “البلدين يتكلمان لغة مختلفة”. ورأى سنان أولغن أن هدف القمة هو بالأحرى “استبعاد أي عمل استفزازي قد يقود إلى تصعيد جديد”. Thumbnail وعلى الرغم من التوتر في العلاقات الثنائية بين تركيا واليونان، خلال السنوات الأخيرة، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين في ارتفاع مستمر. وزاد حجم التبادل التجاري بين تركيا واليونان بشكل كبير خلال 2021 مقارنة بالعام السابق له، ما وفر فوائد كبيرة لكلا الجانبين. فيما تساهم التطورات التي يشهدها قطاع التجارة الثنائية في تهدئة التوترات السياسية بين البلدين. وقبل زيارته الرسمية لليونان في مايو 2021، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن زيارته إلى أثينا تهدف إلى توفير أجواء إيجابية بين البلدين. وخلال اجتماع عقده جاويش أوغلو مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس، تم الاتفاق على قائمة من 25 بندا لزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين. وساهمت البنود المذكورة في تعزيز الأجواء الإيجابية بين البلدين، وتوطيد أواصر التعاون الذي بدأت نتائجه الإيجابية تبرز في قطاع التجارة الثنائية خلال 2021. واكتسبت العلاقات التجارية بين تركيا واليونان، زخما ملحوظا خلال 2021، لاسيما أنها جاءت بعد تخفيف القيود المفروضة عالميا لمنع تفشي وباء كورونا. وارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا واليونان 69.2 في المئة العام الماضي (2021)، مقارنة بـ2020، وبلغ 5.2 مليار دولار. وزادت صادرات تركيا إلى اليونان 73.3 في المئة العام الماضي، ما أدى إلى نشوء فائض تجاري لدى تركيا بما يقارب مليار دولار.
مشاركة :