القاهرة تواجه فوضى سماسرة العقارات في اقتصاد الظل

  • 3/14/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دفعت الحكومة المصرية بورقة جديدة لدمج اقتصاد الظل في المنظومة الرسمية بعد أن وافق البرلمان مبدئيا مؤخرا على تعديل المادة 16 من مشروع قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية أو السمسرة العقارية. وتطول العقوبات المنتظرة كل من يمارس مهنة الوساطة العقارية أو يقوم بعمل من أعمالها أو ينشئ أو يدير منشأة للقيام بأحد هذه الأغراض دون القيد بالسجل الخاص. وتشمل أهم التعديلات الجديدة إنشاء سجل إلكتروني للوسطاء المرخصين ووضع قواعد لأنشطتهم والرسوم التي يفرضونها وكيفية تحصيل عمولتهم، في محاولة لتنظيم القطاع غير الرسمي إلى حد كبير. كما تُحظر مزاولة نشاط الوساطة العقارية إلا على المقيدين بالسجل المنشأ لهذا الغرض بهدف مواجهة قضايا الاحتيال التي يتعرض لها الأفراد، فضلا عن مواجهة عمليات غسيل الأموال، إذ يعد نشاط الوساطة العقارية أحد أكبر الأنشطة بها. وتناسب التعديلات اتجاه الحكومة نحو مواجهة السوق الموازية والتحول إلى الرقمنة واعتماد وسائل الدفع الإلكتروني كأداة مهمة للوفاء بالمستحقات المالية في أنشطة الوكالات التجارية وأعمال الوساطة التجارية والعقارية. آدم زيان: يجب تأسيس نقابة للوسطاء تضمن حقوق كافة الأطراف ومن شأن الخطوة فرض عقوبات وغرامات مالية تصل إلى حد السجن، ما يشير إلى عدم تلقي الأفراد مكالمات هاتفية غير مرغوب فيها من شركات الوساطة العقارية التي ترغب في بيع وحدات سكنية فاخرة وباهظة الثمن في المدن الجديدة. ويصنف القانون كل من يعمل بالوساطة العقارية في الخفاء أو يخالف الشروط الواردة فيه بأنه “مختلس” وتصل عقوبة المخالفات إلى الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف دولار أو بإحدى هاتين العقوبتين. ومهنة الوسيط العقاري في حاجة ماسة إلى تقنين وضعها مع وجود دخلاء عليها أثروا على الأسواق سلبا، إذ ظهر سماسرة غير محترفين يقيمون أسعار العقارات بأساليب غير علمية بعيدة تماما عن أصول التقييم العقاري. وينتشر هؤلاء بكثرة في مختلف المدن من خلال كتابة إعلانات على ألواح خشبية وتثبيتها في الشوارع، وأغلبهم يعملون حراس عمارات أو كما يطلق عليهم “بواب”. ويشتكي أصحاب شركات التطوير العقاري وملاك الوحدات السكنية من هؤلاء بسبب تضارب الأسعار واتساع فجوة التقييم بين سعر كل وسيط عن الآخر. وتؤدي فجوة التقييم الشاسعة إلى حيرة ملاك العقارات وعدم القدرة على اتخاذ قرار البيع سريعا سواء عند البيع بالتمليك أو الإيجار. ويقول عمر طلعت وهو طبيب مصري شاب لـ”العرب” إنه ذهب للبحث عن وحدة سكنية في حي جاردينيا بمنطقة التجمع الخامس بشرق القاهرة، وقابل عددا من السماسرة، أحدهم عرض عليه وحدة سكنية بسعر 58 ألف دولار، ثم قابل سمسارا آخر وحدد له سعرا يزيد عن ذلك بأكثر من ألف دولار. وتكشف هذه الواقعة مدى التضارب في أسعار الوحدات السكنية الذي أحدثه هؤلاء السماسرة، ما أدى إلى رفع الأعباء على الشباب وقد يدفع ملاك الوحدات السكنية إلى انتهاج سياسة سعرية مرتفعة بشكل دائم. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الوحدات السكنية مع ارتفاع تكاليف البناء الجديدة، والتي شهدت ارتفاعات في الآونة الأخيرة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وسعت منظمات مسؤولة عن التطوير والاستثمار العقاري في مصر لتدشين نقابة أو جمعية عن الوسطاء العقاريين، لكن لم تنجح الفكرة لأنها لا تجد دعمًا حكوميًا. أسعار الوحدات السكنية مرتفعة بسبب غلاء الكلفة أسعار الوحدات السكنية مرتفعة بسبب غلاء الكلفة وقال آدم زيان خبير التسويق العقاري لـ”العرب” إنه “ينبغي أن تمارس هذه المهنة وفق ضوابط واضحة واشتراطات يتم الحصول عليها من جهة مختصة تشمل شروط الممارسة والمؤهلات العلمية”. وأضاف “يمكن تأسيس معهد عال أو أكاديمية مدة الدراسة بها عام أو عامان ويُمنح المنتسبون شهادة تؤكد قدرة شركة الوساطة أو الفرد على ممارسة المهنة”. وقد تحل الأكاديمية محل نقابة الوسطاء مؤقتًا بمنح من ينتسب إليها بطاقة عضوية تجدد سنويًا، على غرار النقابات المهنية المعرفة كالمهندسين والصحافيين والمحامين. وأوضح زيان أن وجود جهة أو نقابة مسؤولة عن الوساطة العقارية يضمن تنظيم حقوق كل الأطراف، لأنه يحدث في أوقات كثيرة إخلال بعض شركات العقارات في منح الوسيط نسبة العمولة المتفق عليها بعقد البيع. وينتهج سماسرة العقارات سياسة فرض عمولات باهظة تتسبب في تعميق ارتفاع أسعار الوحدات السكنية التي تشهد طفرات نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء وقيمة الأراضي التي تبيعها السلطات بأسعار عالية الثمن أيضا. وليد جاب الله: تنظيم مهنة الوسيط العقاري سيعزز من انضباط السوق ووفقا لقسم البحوث بشركة العربي الأفريقي الدولي ارتفعت أسعار العقارات بالبلاد مع نهاية العام الماضي بنسبة 15 في المئة في المتوسط جراء ارتفاع التكاليف وزيادة طبيعية تحدث سنويًا يرتبط جزء منها بتغيير مواصفات الوحدات في المشروع. وأكد وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع بالقاهرة أن مهنة السمسرة العقارية من المهن الخفية غير الخاضعة لتنظيم أو رقابة حكومية، وتأتي مساعي تنظيمها لضمان حقوق أطراف العاملين بالمنظومة العقارية. وأوضح لـ”العرب” أن القانون الجديد سوف يحدد هامش ربح السمسار بصورة واضحة، ما يعزز من انضباط السوق العقارية ويضمن حقوق الوسيط والمطور. ويوفر القانون الجديد مجالا رسميا للعمل ويعطي السمسار أحقية الانتساب إلى الغرف التجارية في مراحل لاحقة، فمن المتوقع أن يتم تأسيس شُعب رسمية لوسطاء العقارات خلال مراحل لاحقة في إطار منظومة رسمية توفرها الدولة للسماسرة. وأشار جاب الله إلى أن إلزام السماسرة بالتسجيل الإلكتروني يضمن حق الدولة من الضرائب والرسوم التي يتم تحصيلها وتخص آليات العمل، حيث يعزز القانون من اندماجهم في هياكل الاقتصاد الرسمي. ويتطلب نجاح خطة السلطات المصرية في مواجهة سماسرة العقارات التزام الجمهور أولاً بالتعامل مع الوسطاء الرسميين، فقد يتجه بعض الأفراد للتعامل مع سماسرة الظل ويقومون بخفض عمولاتهم لعدم قدرتهم على العمل في المنظومة الرسمية الجديدة. ورغم أن العائق الأكبر لنجاح إدماج السماسرة بالمنظومة الرسمية يتمثل في المصروفات المرتقب دفعها التي تخفض من هامش الأرباح، إلا أن من يعمل في الخفاء لن يستطيع تسويق الوحدات العقارية في المدن الجديدة والمنتجعات التابعة لشركات التطوير العقاري الكبرى.

مشاركة :