تتحرك الولايات المتحدة على أكثر من واجهة من أجل إبلاغ رسائل إلى السعودية والإمارات، العضوين المؤثرين في تحالف أوبك+، تحثهما على ضخ كميات إضافية من النفط والمساعدة على خفض الأسعار. وجاءت الرسالة الأميركية هذه المرة عبر اليابان في شكل وساطة بعد أن باتت قنوات التواصل المباشرة بين واشنطن وحليفتيها في الخليج محدودة التأثير. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الثلاثاء أن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ناقش مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا تطورات الأزمة الأوكرانية وأكد له حرص الإمارات على الحفاظ على أمن الطاقة واستقرار الأسواق العالمية في ظل المستجدات الحالية. وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لفوميو كيشيدا حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع اليابان في مجال الطاقة. وقال رئيس الوزراء الياباني إنه اتفق مع ولي عهد أبوظبي على العمل معا للمساهمة في تحقيق استقرار سوق النفط العالمية بعد أن أدت الحرب الروسية – الأوكرانية إلى اضطراب السوق، مما عزز أهمية مصدري الخام الخليجيين إلى مستوردي الطاقة مثل اليابان. وأحجم كيشيدا عن التعليق ردا على سؤال عما إذا كان قد حث ولي العهد على زيادة إنتاج النفط. وقال مراقبون إن تعدد الوسطاء والضغوط يظهر أن الولايات المتحدة ودولا حليفة لها لم تستوعب بعد أن تمسّك الإمارات باتفاق أوبك+ يأتي في سياق مصلحتها الوطنية بقطع النظر عما إذا كان هذا التمسك يتقاطع مع مصالح روسيا أو لا، معتبرين أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تطلب من أبوظبي والرياض تقديم تنازلات في موضوع النفط دون موجب. كما أنها لا تقدم مقابلا لذلك من خلال مواقف سياسية داعمة للخليجيين بل على العكس تخطو خطوات تتعارض تماما مع مصالح حلفائها. ولم يفلح الرئيس الأميركي في إجراء اتصال على مستوى عال مع المسؤولين في الإمارات والسعودية من أجل تهدئة الخواطر، في ظل تقارير تفيد بأن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رفضا محاولات اتصال أجراها بايدن من أجل مناقشة أزمة الطاقة من ناحية، والسعي لكسب الحليفين الخليجيين في صف واشنطن ضد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا من ناحية أخرى. لكن أعضاء أوبك+، ومن ضمنهم السعودية والإمارات، يرفضون زيادة إنتاجهم لتخفيف الضغط عن السوق متمسكين بالزيادة التدريجية البالغة 400 ألف برميل يوميًا كل شهر بهدف العودة في نهاية عام 2022 إلى مستويات ما قبل الجائحة. Thumbnail ويُنتظر أن يصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء إلى الرياض من أجل ما يسميه ممارسة ضغوط على السعودية في موضوع الطاقة وحقوق الإنسان، وأنه سيطلب منها “إدانة روسيا بسبب غزو أوكرانيا”. ويعتقد المراقبون أن جونسون سيجد إجابات قاطعة في الرياض وأبوظبي، التي سيزورها كذلك، بشأن موضوع النفط، وأن الموقف لن يتغير طالما أن السعودية والإمارات تجدان في ارتفاع الأسعار مصلحة مباشرة لهما من أجل توفير العائدات التي ستمول من خلالها المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تعتزمان تنفيذها في السنوات القادمة. وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن تصريحات جونسون بشأن حقوق الإنسان وإدانة روسيا قد تزيد من تعقيد مهمته خلال زيارة الرياض وهو يعرف حساسية السعوديين تجاه هاتين المسألتيْن، مع أن الزيارة هدفها الوحيد هو موضوع الطاقة مثلما أشار إلى ذلك المتحدث باسم جونسون حين قال إن الحكومة “تريد خفض التقلبات والأسعار من أجل الأعمال التجارية البريطانية”. وفي مسار مخالف لضغوط أميركا الهادفة إلى كسب الموقف السعودي والإماراتي في صفها، أرخى الحديث عن أن السعودية “تدرس استخدام اليوان الصيني بدلا من الدولار الأميركي في مبيعات النفط إلى الصين” بظلاله على الأزمة، خاصة أن هذه الخطوة ستوسع الهوة بين واشنطن والرياض. وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية الثلاثاء أن المباحثات حول العقود المتوقع تسعيرها باليوان بدأت منذ حوالي ست سنوات، إلا أنها شهدت نموا بشكل خاص خلال العام الحالي، وهو ما ربطه المراقبون بوجود إدارة بايدن ومواقفها الملتبسة بشأن الحرب في اليمن، والتعاون الدفاعي مع الخليج، وكذلك الاتفاق النووي الإيراني الذي لا يراعي مصالح الخليجيين وأمنهم القومي. ويأتي التباعد في المواقف بين واشنطن وحلفائها في الوقت الذي تبلغ فيه أزمة الطاقة حالة من عدم اليقين مثلما جاء في التقرير السنوي لمنظمة أوبك التي قالت إن “الغموض سيهيمن على الأشهر المتبقية من 2022”.
مشاركة :