انسحابات 'مفاجئة' تُكرّس الفراغ السنّي في لبنان

  • 3/15/2022
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - ‎أعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة اليوم الثلاثاء اعتزامه عدم الترشح للانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو/أيار المقبل ليكون بذلك ثالث شخصية سنّية بارزة تعلن عزوفها عن خوض الاستحقاق الانتخابي بعد كل من زعيم تيار المستقبل ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري ورئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي. ويطرح عزوف الحريري وميقاتي والسنيورة ومن قد ينضم من الشخصيات السنّية إلى هذا الحراك المعلن تحت عناوين مختلفة، أسئلة حول ما إذا كان ذلك سيكرس فراغا سنّيا في الساحة اللبنانية لصالح خصوم أبرزهم الثنائي الشيعي: حزب الله وحركة أمل. ومن شأن عزوف تلك القيادات عن خوض الانتخابات ترشيحا واقتراعا أيضا أن يُفقد الطائفة السنّية التي مثلها لعقود تيار المستقبل بزعامة الراحل رفيق الحريري ولاحقا ابنه سعد، تمثيلا برلمانيا مهما رغم تراجع عدد مقاعد السنّة في البرلمان اللبناني لصالح حزب الله وحلفائه في آخر انتخابات برلمانية جرت في لبنان وطبعت هيمنة واسعة للجماعة الشيعية المدعومة من إيران وسنوات من الفوضى والأزمات المتلاحقة السياسية والاقتصادية. وبرر السنيورة قراره بالقول في مؤتمر صحفي في بيروت إن عزوفه ليس من باب المقاطعة وإنما لإفساح المجال لمن سماها "الطاقات الجديدة" بينما هيمنت الشخصيات السنّية التقليدية تاريخيا على المشهد السياسي ولم تظهر في خضم المعلن والمخفي قيادات شابة أو طاقات جديدة. وباستثناء بهاء الحريري شقيق سعد (الحريري) العائد من بعيد بعد سنوات خارج لبنان وإعلانه عزمه استكمال مسيرة والده رفيق الحريري، لم يخرج من المكون السنّي اللبناني شخصيات أخرى لملء الفراغ وليس واضحا أيضا ما إذا كان وضع سنّة لبنان يحتمل المزيد من اختبار خيارات أخرى. وحتى بهاء الحريري الذي رأى فيه البعض بديلا لشقيقه في قيادة المكون السنّي، لم يعلن صراحة ما إذا كان سيخوض الاستحقاق الانتخابي ولم يتضح بعد وزنه في خضم مشهد شديد الاضطراب والتعقيد ومدى قدرته وتأثيره على الطائفة التي ينتمي إليها.   وقال السنيورة "لبنان لا يستطيع أن يستمر على حاله هذه من دون دولة صاحبة سلطة، حيث أصبحت الدويلة (في إشارة إلى جماعة حزب الله) هي المسيطرة على لبنان". وسبق لسعد الحريري أيضا أن أشار إلى هذا الأمر حين أعلن قرار تعليق مشاركته في الحياة السياسية وهو الذي كان طرفا في معادلة الحكم السابقة التي جاءت به رئيسا للوزراء وبميشال عون رئيسا للبنان وبحزب الله مهيمنا على الدولة. وتتهم عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية إيران بالهيمنة على مؤسسات الدولة، عبر حليفتها حزب الله، وهو ما نفته طهران وحزب الله. ويعتبر السنيورة من أهم الشخصيات في ما يُعرف بقوى '14 آذار' المناهضة للمحور السوري- الإيراني وسياسات حزب الله وانسحابه في هذا التوقيت يُعتبر بالمقياس السياسي إضعافا للمكون السنّي السياسي. ويرجح كذلك أن لا تتوقف المفاجآت فقد تنسج قيادات أخرى على منوال الحريري وميقاتي والسنيورة فالباب لا يزال مفتوحا للمغادرة والمقاطعة وهو ما يؤثر حتما على المسار الانتخابي المرتقب. ويذهب شق من اللبنانيين إلى أن الانسحابات السنّية ربما هي محاولة لتحميل الشق الآخر المشارك في المعادلة السياسية، المسؤولية عن مآلات الوضع في لبنان الذي يكابد في مواجهة أزمة طاحنة سياسيا وماليا. وكان السنيورة قد ترأس الحكومة بعد اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005، واستمر رئيسا لها حتى انتخابات 2009.

مشاركة :