بعد تفجيرات باريس كان متوقعاً تصاعد لهيب الكراهية ضد العرب والمسلمين في أوروبا وأميركا عموماً، كان متوقعاً أن يستغل بعض الساسة والمرشحين هذه الجريمة لدعم سياساتهم وطموحاتهم كل بحسب مصالحه. وعلى رغم الإشارات النادرة التي يطلقها الساسة الغربيون أحياناً عن أن الإسلام بريء من الإرهاب وأن الإرهابيين لا يمثلون إلا أنفسهم، إلا أن أثرها ضعيف ومحدود جداً، في مقابل الآلة الإعلامية الجهنمية، هذه الآلة جعلت تنظيم «داعش» واجهةً للعرب تحديداًَ والمسلمين في العموم. إذا كنتَ مسلماً فأنت مشبوه، أما إذا كنتَ عربياً فأنت متهم إلى أن تثبت براءتك، وربما تستفيد أوروبا من خبرات واشنطن في «غوانتانامو». وهكذا أصبحت حلقة المطاردة تزداد ضيقاً حول رقبة كل عربي ومسلم، ليس من تشدد الأنظمة الأمنية في المطارات والمنافذ الحدودية، بل ومن العصابات العنصرية، والتمييز لمجرد حديث باللغة العربية أو «رنة جوال» لآذان أو آيات من القرآن الكريم. طُعِنت مبتعثة سعودية في مدينة بولاية نيوجرسي وقامت شركات طيران بفرز عنصري للركاب، وإيطاليا تقفل مساجد «غير مرخصة». وبعد التفجيرات في باريس منِع بعض المسافرين العرب من الخروج من الفنادق، «لحمايتهم»، وهو إجراء حميد، لكنه يشير إلى هواجس الأمن هناك من انفلات ضد كل ما هو عربي ومسلم. التوقعات تشير إلى أن موجة الكراهية ما زالت في بداياتها، ولكن حتى هذه اللحظة لا مؤشرات حيوية لمواجهة هذه الموجة المتجددة من الكراهية، وإذا كانت كل دولة عربية معنية بمواطنيها والحفاظ على سلامتهم وكرامتهم، ومع أحوال غالبيتها التي لا تسر فإن الهوية العربية والإسلامية في الغرب من زاوية الحماية والذود عنها ضائعة وتائهة. فما فائدة هذه المنظمات أو المؤسسات بمختلف المسميات، من جامعة إلى رابطة ومنظمة وجمعية؟ إذا لم تتحرك الآن فمتى ستتحرك؟ وهل تستحق ما يُصرف عليها والموقع الذي تشغله من دون نتيجة؟ في هذه القضية، أي مواجهة الكراهية للعرب والمسلمين ليست هناك خلافات سياسية «بين الدول الأعضاء»، لذلك هي مجال رحب للعمل المؤثر الفعال، هذه الزاوية تكشف أن تلك المؤسسات ليست إلا كيانات صُوَرية، «أوهام» صورت لنا أن لدينا من يذبُّ عنا.
مشاركة :