رجَّح تقرير صدر عن معهد التقييم والقياسات الصحية، في جامعة واشنطن بالولايات المتحدة، ونشرته واحدة من أعرق الدوريات الطبية (The Lancet) أن الوفيات الحقيقة التي نتجت عن وباء كورونا حول العالم، بلغت أكثر من 18 مليوناً، وهو رقم يزيد بثلاثة أضعاف على الإحصائيات الرسمية، والتي تقدر هذه الوفيات بستة ملايين فقط. واعتمد الباحثون في دراستهم تلك على ما يعرف بالوفيات الزائدة، وهو مصطلح إحصائي يشير إلى الزيادة الفعلية في عدد الوفيات الحاصلة، مقارنةً بمتوسط الوفيات المعتاد في بلد ما خلال فترة محددة. واستمد الباحثون بيانات الوفيات من عدة مصادر حكومية رسمية، مثل قاعدة البيانات الدولية للوفيات (World Mortality Database)، وبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (European Statistical Office)، وقاعدة بيانات الوفيات البشرية (Human Mortality Database). وبناء على تلك البيانات يرجّح التقرير الذي نشر بعد عامين بالضبط من إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ العالمية، أن عدد الوفيات الزائدة عن المعدلات الطبيعية خلال العامين الماضيين، بلغ 120 وفاة لكل مئة ألف شخص. وبحساب عدد أفراد الجنس البشري المقارب حالياً لثماني مليارات نسمة، فقد توصل الباحثون إلى أن الوفيات الإجمالية الزائدة عن المعدلات الطبيعية المعتادة والناتجة عن وباء «كوفيد-19» هي 18.2 مليون وفاة. وقد نتجت تلك الوفيات إما بشكل مباشر عن العدوى بالفيروس، وما تتسبب فيه هذه العدوى من مضاعفات خطيرة، مثل تليف أنسجة الرئتين، أو أن تكون بشكل غير مباشر، كون العدوى بـ«كوفيد-19» تفاقم من حدة الأمراض المزمنة المصاب بها الشخص أساساً، كمرضى القلب الذين يتوفون بسبب هبوط وفشل القلب، ومرضى السكري الذين يتوفون بسبب غيبوبة السكر مثلاً. وهناك سبب آخر غير مباشر للوفيات الناتجة عن «كوفيد-19»، وهو الضغوطات التي تعرضت لها نظم الرعاية الصحية ودفعت بها إلى شفا الانهيار. فعلى صعيد الأمراض المزمنة والخطيرة مثلاً، وحسب الإحصائيات خلال الفترة الممتدة من يونيو إلى أكتوبر 2021، عانت أكثر من نصف دول العالم من عرقلة وتعطيل تقديم خدمات الرعاية الصحية لمرضى السكري، ومرضى ارتفاع ضغط الدم، والمصابين بالأمراض السرطانية. ولذا يرى البعض أنه في الوقت الذي كانت تتركز فيه أنظار العالم على عدد الإصابات والوفيات اليومية الناتجة عن فيروس كورونا، كان هناك وباء آخر يستعر في الخلفية. أضف إلى ذلك حقيقة أن 23 مليون طفل حول العالم خلال عام 2020، فاتتهم التطعيمات الأساسية الروتينية. وهو ما وضعهم تحت طائلة خطر متزايد من الإصابة بأمراض الطفولة، مثل الدفتيريا والحصبة وشلل الأطفال والكوليرا، وهي الأمراض التي إن لم تقتلهم، يمكن أن تسبب لهم إعاقات شديدة مدى الحياة. *كاتب متخصص في القضايا العلمية والصحية
مشاركة :