في الوقت الذي يهنئ فيه جلالة الملك سمو ولي العهد على هذا الإنجاز الكبير، بالانتهاء من مهمة تم تكليفه بها عام 2013 ببناء 40 ألف وحدة سكنية، يعترض أحد النواب الأفاضل على وزارة الإسكان لأن موظفاً في بنك الإسكان استدعى عدداً من المواطنين للوزارة لدفع متأخرات اكتشفوا حسب كلام النائب أنها لا تزيد عن 20 فلساً! ويسأل وزير الإسكان هل يعقل أن يضطر المواطن لعناء الذهاب للبنك من أجل 15 فلساً؟ الإنجاز الحقيقي «وين؟» والنائب الفاضل «وين؟» الصورة الإجمالية «وين؟» ونظرة النائب «وين؟» لا أدافع عن وزير الإسكان، بقدر ما أتمنى أن نستخدم أدواتنا الرقابية بشكل قوي ومدروس ويتماشى مع ما يجري في الواقع وما يعزز من مكانة النائب والمجلس النيابي، ولا أدافع عن وزير الإسكان إنما أدافع عن وزارة الإسكان التي ما خلصت من سهام النواب أو شكاوى المواطنين. الكل يعلم أن هذه وزارة تمنح ثلاثة معطيات تعمل بناء عليها، مساحة من الأرض لا تختارها، ولا تحدد هي مساحتها، ثم تمنح ميزانية لا تملك أن تزيد عليها، وأخيراً تمنح قائمة طلبات، وأضيف لها مؤخراً فترة زمنية محددة، وقد كان ذلك تحدياً كبيراً، حين وجه جلالة الملك حفظه الله سمو ولي العهد ببناء 40 ألف وحدة سكنية عام 2013 وكان التحدي أن تنجز هذه المهمة في أقل من عشر سنوات. التحدي كان باستحقاقات خارجة عن إرادة وزارة الإسكان ومُناطة بوزارات أخرى لهذا كان التنسيق بينهم من مهام مجلس الوزراء، لتلبية خدمات داعمة لابد أن تواكب هذه المهمة، مسح الأرض وتجهيزها وتخطيطها وإعدادها، وتوفير كافة الخدمات لها من صرف صحي وكهرباء ورصف طرق واتصالات، هذا غير عقبات تظهر في منتصف الطريق لابد من حلها، ثم جاءت جائحة تستغرق سنتين تستنزف الموازنات وتقلل من ساعات العمل. أتدرون أين الإنجاز؟ كان العمل بمعدل إنجاز 12 وحدة سكنية في اليوم، 360 وحدة في الشهر، و4380 بيتاً في السنة، يجري هذا كله إلى جانب الأعمال الدورية الأخرى للوزارة كالصيانة المستمرة وتزاحم الطلبات وأخيراً وليس آخراً بعض النواب المعروفين أن وزارة الإسكان هي شغلهم الشاغل، فلا يأتي ذكر لهذا النائب أو تلك النائبة إلا وتراهم متخصصين لانتقاد وزارة الإسكان، وهنا نأتي لموضوعنا. نحن نطالب بنواب يستخدمون ويوظفون أدواتهم الرقابية بشكل قوي ومدروس، ونطالب بوجود قوى معارضة شرسة ولها أنياب، ونتمنى وجود مجلس نواب فعال تحسب له الحكومة ألف حساب، لا نحتاج إلى نواب ضعاف ولا يملكون قدرة على الرقابة، إنما استخدام الأدوات وتوظيفها إن أردتها أن تكون قوية لابد أن تكون مصاحبة لمنطق قوي ويرى الصورة الإجمالية، يركز على القضايا الكبيرة والهامة ويعترض حين يستوجب الاعتراض، ويتهم حين يملك الأدلة الدامغة، حتى تعرف الناس أنه حين يتكلم فلان فإنه قد درس الموضوع وألمَّ بكل خلفياته ويملك الحجة القوية والأهم أنه يملك البديل، وهذا ما نفتقده مع الأسف من نوابنا الأفاضل فهم يستخدمون الأدوات بشكل يفقدها هيبتها وقوتها ولا تنفع كل وسائل تزيين النائب المدفوعة وكل الفيديوهات الممنتجة والمنشورة على وسائل التواصل بتحويل كلام النائب أو النائبة إلى بطولة، فالمحتوى ضعيف لا يقويه تعليق صاحب الحساب «كفو يا بوفلان» مثلاً. لست ضد النواب، إنما أتمنى أن يطوروا من أدائهم بما يتناسب مع صلاحياتهم على الأقل.
مشاركة :