بمناسبة اليوم العالمي للسمنة 2022، عَقَدَت في مدينة الرياض، الجمعية السعودية للسكري، بالتعاون مع الجمعية السعودية لدراسة السمنة، مؤتمراً صحافياً حول حملة التوعية الصحية التي أطلقتها الجمعيتان بعنوان «شكِّل حياتك». ترأس المؤتمر وكيل وزارة الصحة المساعد للخدمات الطبية المساعدة، الأستاذ الدكتور أحمد الجديع، الرئيس المؤسس للجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية. لقاء وجَّه -عبر ملحق «صحتك»- البروفسور أحمد الجديع، رسالة للمجتمع، عن ضرورة إدراك خطورة السمنة والتعامل معها كمرض، وأنها ليس لها أي علاقة بالصحة، كما هو سائد لدى بعض الآباء والأمهات الذين كانوا وما زالوا يعتقدون بأن سمنة الطفل أو الشاب أمر مفيد لصحتهما. ووصف حملة «شكِّل حياتك» بأنها من الحملات التوعوية المتميزة والهادفة؛ حيث تتواءم مع التوجهات التوعوية الحديثة لوزارة الصحة التي تدعم جميع البرامج التوعوية والصحية على مدار العام، ولا تقتصر على الأيام العالمية فقط. وأكدت لـ«صحتك»، الدكتورة هاجر المديهيم، مدير إدارة المركز الوطني للمعلومات الدوائية بوزارة الصحة، وإحدى المتحدثات في المؤتمر، أنه لا يمكن للأدوية والعلاجات مهما بلغت نجاحاتها أن تحل محل التوعية والتثقيف والإرادة المجتمعية، لمنع السمنة والحد من انتشارها. كما أن هيئة الغذاء والدواء السعودية تقوم بدور مهم في هذا الجانب، بإلزام التجار وأصحاب المطاعم بضرورة تسجيل السعرات الحرارية على كل منتج من منتجاتها، لتعريف المستهلك بالسعرات الحرارية التي يحتوي عليها كل منتج. وأشارت إلى أن هذه الحملة تتميز بمرونة برامجها، وتمنح الفرصة للفئات المستهدفة للمشاركة في تشكيل سلوكيات حياتهم اليومية والاجتماعية، بما يسهم في تخفيف أوزانهم وأوزان أطفالهم، وبالتالي تحقق الأهداف المأمولة منها بالحد من السمنة ومخاطرها على المجتمع. أما الدكتور سعود السفري، استشاري السكري والغدد الصماء بمستشفيات القوات المسلحة بالهدا والطائف –نائب رئيس الجمعية السعودية للسكري– فقد أوضح أن حملة «شكِّل حياتك» قد صُممت لاستهداف شريحة الشباب والمراهقين في المملكة العربية السعودية، ولذلك فقد حرصت الجمعيات على توجيهها عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي تشهد إقبالاً ومتابعات كبيرة من هذه الفئات، مما سيساعد في سرعة إيصال الرسالة التوعوية للجمهور المستهدف، وأن من أبرز أهداف الحملة منع السمنة، والحد من انتشار الإصابة بها في السعودية التي تعتبر من أكثر دول العالم في عدد المصابين بالسمنة. السمنة أوضح الدكتور سعود السفري أن السمنة تعتبر، اليوم، واحدة من الحالات الطبية الأكثر شيوعاً في المجتمعات، وأكثرها صعوبة من ناحية العلاج والتصدي، ولم يتم نسبيّاً تحقيق سوى تقدم ضئيل في علاج السمنة، باستثناء تغيير نمط الحياة، ولكن تم جمع عديد من المعلومات بخصوص العواقب الطبية لحالة السمنة. إن الإنسان المصاب بالسمنة هو الذي يملك أنسجة دُهْنِية زائدة، وتكون قيمة مؤشر كتلة الجسم لديه أعلى من 30، وقد تكون للأنسجة الدهنية الزائدة عواقب صحية وخيمة، مثل: السكري، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الدهنيات في الدم. يتم تشخيص السمنة عندما يكون مؤشر كتلة الجسم 30 أو أعلى، ولتحديد مؤشر كتلة الجسم، نقسم الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر. يوضح مؤشر كتلة الجسم حالة الجسم: أقل من 18.5/ وزن منخفض. 18.5-24.9/ وزن طبيعي. 25-29.9/ وزن زائد. 30 وأعلى/ سمنة. وبالنسبة لمعظم الناس يوفر مؤشر كتلة الجسم تقديراً معقولاً لدهون الجسم، ومع ذلك فهو لا يقيس دهون الجسم بشكل مباشر؛ فقد يشير إلى السمنة لدى بعض الأشخاص، مثل الرياضيين العضليين، على الرغم من عدم وجود دهون زائدة لديهم. الأسباب وعوامل الخطر لخص الدكتور سعود السفري أبرز أسباب السمنة فيما يأتي: - الخمول البدني: أظهر المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، وجود علاقة قوية بين الخمول البدني وزيادة الوزن في كلا الجنسين. يحرق الأشخاص الخاملون سعرات حرارية أقل من الأشخاص النشطين. - الإفراط في الأكل: فهو يؤدي إلى زيادة الوزن؛ خصوصاً إذا كان النظام الغذائي يحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكر، مثل الوجبات السريعة والأطعمة المقلية والحلوى التي تحتوي على سعرات حرارية عالية في كمية صغيرة من الطعام. - الوراثة: يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بالسمنة إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من السمنة؛ حيث تؤثر الوراثة أيضاً على الهرمونات المشاركة في تنظيم الدهون. إن أحد الأسباب الجينية للسمنة هو نقص اللبتين (leptin) وهو هرمون ينتج في الخلايا الدهنية والمشيمة، ويتحكم في الوزن عن طريق إرسال إشارات إلى الدماغ، لتناول كميات أقل عندما يكون مخزون الدهون في الجسم مرتفعاً جداً. إذا لم يتمكن الجسم لسبب ما من إنتاج ما يكفي من اللبتين، أو لا يستطيع اللبتين إرسال الإشارة إلى الدماغ لتناول كمية أقل من الطعام، فإن هذا التحكم يُفقَد وتحدث السمنة. - اتباع نظام غذائي غني بالكربوهيدرات البسيطة: دور الكربوهيدرات في زيادة الوزن غير واضح؛ حيث تزيد الكربوهيدرات من مستويات الغلوكوز في الدم، والتي بدورها تحفز إفراز البنكرياس للإنسولين (Insulin) الذي يعزز نمو الأنسجة الدهنية، ويمكن أن يتسبب في زيادة الوزن. يعتقد بعض العلماء أن الكربوهيدرات البسيطة، مثل: السكريات، والفركتوز، والحلوى، والمشروبات الغازية، تساهم في زيادة الوزن؛ لأنها أسرع في امتصاصها في مجرى الدم من الكربوهيدرات المعقدة، مثل: المعكرونة، والأرز البني، والحبوب، والخضراوات. - تواتر الأكل: العلاقة بين تكرار تناول الطعام والوزن مثيرة للجدل إلى حد ما، فهناك عديد من التقارير عن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، يأكلون أقل من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي. لاحظ العلماء أن الأشخاص الذين يتناولون وجبات صغيرة، 4 أو 5 مرات يومياً لديهم مستويات كوليسترول أقل، ومستويات سكر دم أقل، وأكثر استقراراً من الأشخاص الذين يأكلون بشكل أقل تكراراً، أي وجبتين أو 3 وجبات كبيرة يومياً. وأحد التفسيرات المحتملة هو أن الوجبات الصغيرة المتكررة تنتج مستويات مستقرة من الإنسولين، في حين أن الوجبات الكبيرة تسبب ارتفاعاً كبيراً في الإنسولين بعد الوجبات. - الأدوية: تشمل الأدوية المرتبطة بزيادة الوزن بعض مضادات الاكتئاب، ومضادات الصرع، وبعض أدوية السكري، وبعض الهرمونات كموانع الحمل الفموية، ومعظم الستيرويدات القشرية (Corticosteroids) كبريدنيزون (Prednisone). كما تسبب بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم ومضادات الهيستامين زيادة الوزن. يختلف سبب زيادة الوزن مع الأدوية لكل دواء، ويجب مناقشة الطبيب المعالج، وليس التوقف عن تناول الدواء منعاً لحدوث آثار خطيرة. - عوامل نفسية: تؤثر العواطف عند بعض الناس على عادات الأكل، فيأكلون بشكل مفرط استجابة لمشاعرهم، مثل: الملل، والحزن، والتوتر، والغضب. إن حوالي 30 في المائة من الأشخاص الذين يسعون للعلاج من مشكلات الوزن الخطيرة يواجهون صعوبات بسبب الأكل بنهم. - أمراض تساهم أيضاً في السمنة: مثل قصور الغدة الدرقية، ومقاومة الإنسولين، ومتلازمة تكيس المبايض، ومتلازمة كوشينغ (Cushings syndrome). - القضايا الاجتماعية: يُوجد ارتباط بين المشكلات الاجتماعية والسمنة؛ حيث يمكن أن يؤدي نقص المال لشراء الأطعمة الصحية -مثلاً- أو عدم وجود أماكن آمنة للمشي أو ممارسة الرياضة، إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة. مضاعفات السمنة يلخص الدكتور السفري أبرز مضاعفات السمنة فيما يأتي: - أمراض القلب والسكتات الدماغية: تتسبب السمنة في التعرض أكثر للإصابة بارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول غير الطبيعية، وهي عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. - داء السكري من النوع الثاني: يمكن أن تؤثر السمنة على طريقة استخدام الجسم للإنسولين للتحكم في مستويات السكر في الدم، وهذا يزيد من خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين ومرض السكري. - أنواع معينة من السرطان: قد تزيد السمنة من خطر الإصابة بسرطان الرحم وعنق الرحم وبطانة الرحم، وسرطان المبيض، وسرطان الثدي، وسرطان القولون والمستقيم، وسرطان المريء، وسرطان الكبد، وسرطان المرارة، وسرطان البنكرياس، وسرطان الكلى والبروستات. - مشكلات في الجهاز الهضمي: تزيد السمنة من احتمالية الإصابة بحرقة المعدة وأمراض المرارة ومشكلات الكبد. - مشكلات أمراض النساء والجنس: قد تسبب السمنة العقم، وعدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء، وعند الرجال قد تسبب ضعف الانتصاب. - توقف التنفس أثناء النوم: اضطراب خطير ومحتمل، فالأشخاص المصابون بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم بشكل متكرر. - أعراض مرض «كوفيد-19» الشديدة: تزيد السمنة من خطر الإصابة بأعراض حادة وشديدة عند الإصابة بالفيروس المسبب لمرض «كورونا»، تستلزم العلاج في وحدات العناية المركزة أو حتى المساعدة الطبية للتنفس. التشخيص والعلاج تشمل طرق التشخيص ما يأتي: - التاريخ الصحي: مراجعة تاريخ الوزن، وجهود إنقاص الوزن، والنشاط البدني، وعادات التمارين، وأنماط الأكل، والتحكم في الشهية، والأدوية، ومستويات التوتر، وغيرها من القضايا المتعلقة بالصحة. وقد يراجع الطبيب، أيضاً، التاريخ الصحي لأفراد العائلة. - فحص جسدي عام: يشمل قياس الطول، وفحص العلامات الحيوية، مثل: معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ودرجة الحرارة، والاستماع إلى القلب والرئتين، وفحص البطن. - قياس محيط الخصر: قد تزيد الدهون المخزنة حول الخصر، والتي تسمى أحياناً الدهون الحشوية أو دهون البطن، من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. قد تتعرض النساء اللواتي يكون قياس محيط خصرهن أكثر من 89 سنتيمتراً، والرجال الذين يزيد قياس خصرهم على 102 سنتيمتر، إلى مخاطر صحية أكثر من الأشخاص ذوي قياسات الخصر الأصغر، مثل زيادة مؤشر كتلة الجسم؛ لذا يجب فحص محيط الخصر مرة واحدة على الأقل في السنة. - تحاليل الدم: تعتمد على الصحة العامة، ووجود عوامل الخطر، وأي أعراض مرضية أخرى. قد تشمل اختبارات الدم: الكوليسترول، ووظائف الكبد، وصيام الغلوكوز، واختبار الغدة الدرقية، وغيرها. وحول علاج السمنة، أوضح الدكتور سعود السفري، أن علاج السمنة يشمل طرقاً مختلفة، أبرزها ما يأتي: - ممارسة الرياضة: فهي عملية ضرورية؛ لأن النشاط الجسماني يُسبب زيادة في استهلاك السُّعرات الحرارية في الجسم، ويحافظ على فِقدان الوزن مع مرور الوقت، وعلاج السمنة على المدى الطويل. ويوصى بممارسة النشاط البدني المعتدل لمدة ساعة في اليوم. - العلاج الدوائي: تمت الموافقة على عدد قليل جدّاً من الأدوية لعلاج السمنة التي بحاجة لوصفة طبية، والتي يوصى بها لتخفيف الوزن؛ حيث يوصى بتناول الأدوية كجزء من البرنامج العلاجي الشامل، وليس كوسيلة وحيدة لتخفيف الوزن وعلاج السمنة. ولهذه الأدوية آثارٌ جانبية كثيرة، مثل: جفاف الفم، والإمساك، والدوخة، والأرق، والإسهال، وحدوث اضطرابات مختلفة في الجهاز الهضمي. - العلاج الجراحي: الأشخاص الذين يعانون من السمنة، ويكون مؤشر كتلة الجسم لديهم أكثر من 40، يستطيعون الخضوع لعمليات جراحية مختلفة في المعدة تؤدي إلى فقدان الوزن. لكن الانخفاض الأولي في الوزن الذي يقدر بحوالي 50 في المائة من الوزن، ترافقه آثار جانبية خطيرة ومضاعفات للعملية الجراحية، مثل: عدوى في الصِّفاق، وحصى في القناة الصفراوية، ونقص الفيتامينات المختلفة. أما الوقاية من السمنة فتشمل: - تناول 5 وجبات صغيرة في اليوم. - تجنب الأطعمة المعالجة صناعياً. - تقليل استهلاك السكر. - تقليل استخدام المُحَلِّيات الصناعية. - تجنب الدهون المشبعة. - طهي الطعام في المنزل. - تجربة اتباع نظام غذائي نباتي. * استشاري طب المجتمع
مشاركة :