تعكس الضغوط التي تمارسها روسيا من أجل تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا خلفا ليان كوبيتش بدْء العد التنازلي لمغادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز لمنصبها، وهي التي تتحرك منذ نوفمبر الماضي كما لو أنها مبعوثة أممية، دون أن تنجح في تغيير شيء. وبدد الفشل في إجراء الانتخابات في موعدها، الذي كان مقررا في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، الهالة التي أحيطت بويليامز فور عودتها؛ حيث راهن مراقبون على قدرتها على الضغط بالإضافة إلى إلمامها بالملف الليبي وتفاصيله، باعتبار أنها شغلت منصب القائم بالأعمال في السفارة الأميركية بليبيا لسنوات قبل أن يتم تعيينها نائبا للمبعوث الأممي الأسبق غسان سلامة. ويتهم بعض الليبيين ويليامز بعرقلة الانتخابات التي لا تتوقف عن الحديث عن أهميتها لإنهاء الأزمة الراهنة. ويعيب الليبيون على ويليامز عدم تدخلها لمنع حدوث انقسام سياسي جديد في البلاد، ويرى هؤلاء أن مبادرتها التي أطلقتها بعد منح البرلمان الثقة لحكومة فتحي باشاغا تعكس مدى ارتباكها لاسيما بعد أن تجاهل البرلمان الرد عليها، مشددين على أن مصير تلك المبادرة سيكون الفشل. الليبيون يعيبون على ويليامز عدم تدخلها لمنع انقسام سياسي جديد في البلاد وأن مبادرتها تعكس مدى ارتباكها ويفترض أن يمدد مجلس الأمن مهمة الأمم المتحدة السياسية في ليبيا في نهاية أبريل، وهو موعد نهائي يتزامن مع انتهاء العقد القابل للتجديد لستيفاني ويليامز. وشدد نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي على ضرورة تعيين موفد جديد للأمم المتحدة “في أسرع وقت ممكن”. ومنذ استقالة السلوفاكي يان كوبيتش في نوفمبر لم يتم تعيين مبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيا. وذكر مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته أن الاتحاد الأفريقي سيقترح الأربعاء على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين أفريقي مبعوثا. وأضاف المصدر نفسه أن هذا الاقتراح يلقى في مجلس الأمن دعم روسيا والصين. ويفترض أن تُعرض على غوتيريش أسماء عدد من الشخصيات ليتمكن من اتخاذ قرار وتقديمه إلى مجلس الأمن. ومطلب تعيين أفريقي مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا ليس جديدا؛ ففي عام 2020 رشحت أفريقيا جزائريا وغانيا الواحد تلو الآخر، لكن المقترحيْن رفضتهما الولايات المتحدة. وتتنافس حكومة شكّلها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وأيدها مجلس النواب في الشرق مع الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض التنازل عن السلطة، رغم أن الاتفاق السياسي الذي جاء بحكومته ينص على أنها منتهية الولاية بعد الرابع والعشرين من ديسمبر. وطالبت ويليامز الأربعاء مجلس النواب الليبي “برد سريع وإيجابي” على مقترحها القاضي بتشكيل لجنة مشتركة مع مجلس الدولة (استشاري) لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن. والجمعة قبل الماضية أعلنت ويليامز عبر سلسلة من التغريدات في تويتر عن مبادرة تنص على تشكيل لجنة مشتركة مكونة من ستة ممثلين عن كل من مجلسي النواب والدولة تجتمع في الخامس عشر من مارس الجاري ولمدة أسبوعين تحت رعاية أممية لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات. وكان من المقرر أن تجتمع اللجنة المشتركة المكونة من مجلسي النواب والدولة الثلاثاء لمباشرة أعمالها وفق التاريخ الذي نصت عليه مبادرة ويليامز، إلا أن مجلس النواب لم يسم بعد ممثليه في اللجنة كما أنه لم يعلن بشكل رسمي موقفه من المبادرة باستثناء بيان صدر قبل أسبوع عن 93 عضوا به أعلنوا فيه رفضهم لها. ويقول مراقبون إن مبادرة ويليامز التي تتحدث عن التوصل إلى توافق على القاعدة الدستورية في خضم أسبوعين ليست واقعية نظرا إلى الاختلافات العميقة بين مجلسيْ النواب والدولة. وتخشى ويليامز ومن خلفها الولايات المتحدة خلال هذه الفترة أن تنفذ قبائل في المنطقة الشرقية مؤيدة لحكومة باشاغا تهديداتها بإقفال حقول النفط من جديد. وقال سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند الخميس إن واشنطن تقترح سبلا لإدارة إيرادات النفط من أجل مساعدة البلاد التي تواجه أزمة سياسية مع تنافس رئيسيْ وزراء على السلطة. وثمة خلاف منذ أعوام بين الفصائل المتنافسة على السيطرة على إنتاج النفط ومبيعاته وإيراداته، مما يغذي الفوضى السياسية والعنف الذي يعصف بليبيا منذ انتفاضة 2011 التي ساندها حلف شمال الأطلسي. وقال نورلاند إن المقترحات الأميركية تهدف إلى منع اتساع نطاق الأزمة لتشمل حربا اقتصادية من شأنها أن تحرم الليبيين من الرواتب والسلع المدعومة والاستثمارات الحكومية وتؤثر على أسواق الطاقة العالمية. وأي تهديد لإنتاج ليبيا، الذي تجاوز 1.3 مليون برميل يوميا في الأشهر القليلة الماضية، سيؤثر على الأسواق التي تئن بالفعل تحت وطأة الأزمة الأوكرانية.
مشاركة :