لم تكن الشابة العشرينية أسيل زين الدين من قطاع غزة تعرف أن فكرة مشاركتها في ماراثون فلسطين الدولي ستكون قابلة للتنفيذ. استطاعت زين الدين مع 26 آخرين الوصول إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في فعاليات الماراثون الذي سينطلق اليوم الجمعة. وتقول زين الدين إن شبان وشابات فلسطين “يحلمون بالمشاركة في ماراثون فلسطين الدولي الذي يعتبر حدثا وطنيا بامتياز يعبر عن حاجة أبناء شعبنا إلى التنقل بحرية”. وتضيف أن هذه الفعالية تحمل رسالة سامية ألا وهي “الركض من أجل الحرية”، وهذا الشعار يمثل قضية الشعب الفلسطيني الذي لا يستطيع التنقل إلا من خلال الحواجز التي تفرضها إسرائيل. وتشير إلى أن عدد مجموعة شبان وشابات غزة كان 40 شخصا، ولكن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح إلا لـ27 منهم بالخروج من قطاع غزة، وبذلك صُودرت حرية التنقل لباقي الزملاء. وتقول أسيل “من خلال الماراثون تمكنت لأول مرة من الخروج من قطاع غزة، وكأن من خلاله أطللت على نافذة الحياة”. وقال هيثم سرابطة (42 عاما) إنه اعتاد المشاركة في الماراثون مع أفراد أسرته، وأضاف سرابطة لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) “في كل عام أحرص على المشاركة في هذا الماراثون، هذا العام سيكون مختلفا بمشاركة طفلتي صفية التي لا تتجاوز العامين، إلى جانب مشاركة زوجتي وابني سعد (11 عاما) ومريم (8 أعوام)”. وتابع قائلا إن وجود طفلته صفية في السباق رسالة للعالم تفيد بأن من حق أطفال فلسطين الحرية في الحركة والتنقل وعيش طفولتهم كباقي أطفال العالم، رغم كل أعمال الإجرام الاحتلالية بحق أطفال فلسطين. ولم يقتصر الماراثون على تسجيل العائلات والرياضيين، بل قام بتسجيل أشخاص من ذوي الإعاقة. وقال الشاب العشريني معاذ أبوسرحان المصاب بمتلازمة داون إنه سيشارك من أجل أن يبقى قويا حتى يستطيع العيش بين الناس دون تهميش أو تمييز، مضيفا أنه يحب الحياة والناس. الماراثون.. فرصة لكسر القيود التي يفرضها الاحتلال الماراثون.. فرصة لكسر القيود التي يفرضها الاحتلال بدوره قال منسق مؤسسة “معا للحياة” التي تهتم بذوي الإعاقة أحمد نوفل، الذي جاء ليسجل 44 شخصا، إن مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة تنمي مداركهم وتدمجهم في الفعاليات والأنشطة الرياضية التي بإمكانهم المشاركة فيها. وأوضح أن الماراثون فرصة مهمة وإيجابية وملهمة يمكن من خلالها تحدي القيود التي يفرضها الاحتلال بتقييد الحركة، وفرصة للتخلص من النظرة الاجتماعية السلبية للأشخاص ذوي الإعاقة، وأنه من خلال مساعدتهم بالطريقة المناسبة يمكن لهم أن يكونوا أشخاصا فاعلين في المجتمع. وقالت المنسقة العامة لماراثون فلسطين الدولي اعتدال عبدالغني، إن “حوالي 300 شخص من ذوي الإعاقة سيشاركون في ماراثون فلسطين الدولي من عدة محافظات”. وأعلنت شرطة محافظة بيت لحم عن خطتها الأمنية لتأمين فعاليات الماراثون، مشيرة إلى أن جميع المداخل والطرق الفرعية التي ستعترض خط سير الماراثون ستغلق بشكل كامل أمام حركة السيارات الخاصة والعمومية، باستثناء مركبات الأمن والإسعاف والطوارئ. وقالت رئيسة بلدية بيت لحم شيرين موج إن “بيت لحم تحتضن بفرح وفخر ماراثون فلسطين الدولي الثامن بعد انقطاع قسري دام سنتين بسبب جائحة كورونا”. وأضافت أن هذا الماراثون سيساهم بشكل فعّال في زيادة عدد الوافدين إلى مدينة السلام، سواء تعلق الأمر بالسياحة الداخلية أو بنظيرتها الخارجية؛ حيث سيشارك عشرة آلاف متسابق ومتسابقة، من بينهم ألف من الخارج. وأشارت إلى أن ماراثون فلسطين الدولي يعكس واقع الشعب الفلسطيني وقضيته مع كل عدّاء ومتسابق ينطلق من أمام كنيسة المهد ضمن مسار يمر من أمام جدار الفصل العنصري ومن جانب مخيم عايدة للاجئين ليظهر للعالم أن الاحتلال مازال يضيّق الخناق على الفلسطينيين، مؤكدة أنه “رغم كل التحديات فإن شعبنا يثبت أنه لا يزال محبا للحياة ومحتفلا بالأمل”.