لندن - حذرت المنظمات الاقتصادية الدولية الكبرى بينها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية من تبعات "واسعة النطاق" للغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد العالمي. وأعربت المنظمات في بيان مشترك عن "فزعها وقلقها الشديد" حيال الحرب في أوكرانيا موضحة أنها اجتمعت الخميس لبحث وطأتها والرد الجماعي الواجب عليها. وذكرت المؤسسات الموقعة وبينها أيضا بنك الاستثمار الأوروبي أنه بالنظر إلى "الكارثة الإنسانية المدمرة في أوكرانيا، فإن الحرب تبلبل سبل المعيشة في المنطقة وما بعدها"، موضحة أن الحرب تحد من إمدادات الطاقة والمواد الغذائية وتتسبب بارتفاع الأسعار وزيادة الفقر، ما "سيضر بالانتعاش الاقتصادي في مرحلة ما بعد الوباء في العالم". وجاء في البيان أن "الاقتصاد العالمي برمته سيشعر بالتبعات من خلال نمو أبطأ وبلبلة في المبادلات التجارية، وسيكون الأكثر فقرا وهشاشة الأكثر تضررا". ولفتت المؤسسات إلى أن دول جوار أوكرانيا ستعاني بصورة خاصة من اضطراب التجارة وسلاسل الإمداد وستواجه "موجات لجوء". كما ستطال الأضرار الأسواق المالية حيث سينعكس غموض الآفاق على أسعار الأصول وسيتسبب بتشديد الشروط المالية وقد يؤدي حتى إلى "تدفق رساميل خارج الأسواق الناشئة". وذكّرت المؤسسات بالتدابير المتخذة حتى الآن، فعددت رزمة مساعدات بقيمة ملياري يورو من البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية يغطي بصورة خاصة أمن الطاقة والأمن النووي، ورصد 668 مليون يورو من بنك الاستثمار الأوروبي ومساعدة طارئة بقيمة 1.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي و925 مليون دولار من البنك الدولي. وكان متوقعا على نطاق واسع أن تحدث الحرب في أوكرانيا هزّات عنيفة في الأسواق العالمية وقد كان لافتا في الفترة الأخيرة حدوث ارتفاع قياسي في أسعار النفط والغاز وسط توقعات بأن يصل سعر برميل النفط إلى 300 دولار في حال قررت روسيا تلقائيا قطع إمداداتها من الطاقة للعالم. كما سجلت أسعار الغاز ارتفاعا بنحو 136 بالمئة وهي نسبة قياسية بينما تستورد أوروبا على سبيل المثال معظم احتياجاتها من الطاقة من روسيا. وحدثت أيضا اضطرابات في سلاسل إمدادات الغذاء بينما تسود مخاوف من وقوع مجاعات في أكثر من دولة خاصة في الدول الإفريقية التي تستورد معظم احتياجاتها الغذائية من روسيا وأوكرانيا. وسجلت أسعار الغذاء في العالم كذلك ارتفاعا قياسيا وسط مخاوف من توقف إمدادات المح والذرة وزيوت الطهي خاصة من أوكرانيا وتضرر قطاع الزراعة فيها أو توقفه بسبب الحرب. وفي الأيام الماضية تداولت تقارير دولية سيناريو سيطرة روسيا على مخازن الحبوب وفي حال حدث ذلك تساءل خبراء كيف يمكن لموسكو أن تتصرف وهل ستبيع تلك الشحنات وتحت أي علم: العلم الروسي أم الأوكراني، مشيرة أيضا إلى أن الروس يرزحون الآن تحت عقوبات غربية قاسية وهذا يطرح عزوف المشترين عن المنتجات الروسية الغذائية أو النفطية خوفا من أن تطالهم العقوبات. وحدوث هزات مالية وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وارتفاع معدلات التضخم في العالم أمر وارد جدا وهو ما دفع المؤسسات الدولية لاطلاق صيحة فزع بينما لا تبدو في الأفق أي مؤشرات على أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستضع أوزارها قريبا.
مشاركة :