- تمتد سلسلة "جبال الظاهر" على أكثر من 195 كلم، وتعد مكمنًا لمخزون تراثي وطبيعي. - ينتشر بها 38 دار ضيافة وسط الغابات وتحت سلسلة الجبال، إضافة إلى القصور الصحراوية. - تم إدراجها ضمن قائمة أفضل 100 وجهة للسياحة المستدامة في العالم. في غضون سنوات قليلة تبدلت معيشة التونسية "فاطمة الطالبي"، فبعد أن كانت صناعة معجون التمر هي مصدر رزقها الوحيد، بات منزلها المحفور في قلب سلسلة جبال الظاهر (جنوب) مزارا سياحيا. وعلى ارتفاع 200 متر فوق سطح البحر، تعيش الطالبي (50 عاما) رفقة والدتها داخل أحد المنازل المحفورة في جبال الظاهر، وتستضيف يوميا عشاق السياحة الجبلية من مختلف دول العالم. وحولت فاطمة منزلها إلى دار ضيافة باسم "تدارمت هوم"، والذي بات واحدا بين العشرات المحفورة في قلب الجبل الممتد من مطماطة إلى تطاوين عبر محافظتي مدنين وقابس، جنوبي تونس. وتعد سلسلة "جبال الظاهر" الممتدة على أكثر من 195 كلم، مكمنًا لمخزون تراثي وطبيعي شديد التميز في تونس، إذ تم إدراجه ضمن قائمة أفضل 100 وجهة للسياحة المستدامة في العالم. والمنطقة تعتبر امتداداً طبيعياً لجبال متباينة الارتفاعات تقسم منطقة الجنوب التونسي إلى نصفين، وتعد منطقة مميزة تستقطب السياح المحليين والأجانب. ومنذ عام 2014، عملت وزارة السياحة التونسية بالشراكة مع الدولة السويسرية على الترويج لهذه المنطقة كوجهة سياحية مستدامة بالعالم. **"تدارمت هوم" تقول فاطمة الطالبي للأناضول، إنها كانت تعيش على صناعة وبيع الرٌبٌ (معجون التمر) وأعمال النسيج التقليدية، قبل أن تحول منزلها إلى بيت ضيافة لاستقبال السياح المحليين والأجانب. وتوضح: "هنا في دار الضيافة يعيش السائح معنا طيلة فترة قضائه العُطلة، حيث يشاركنا في صناعة المأكولات في المطبخ وتبادل الأحاديث العامة". وتضيف: "يأتي السياح المتزوجين أو مجموعات من تونس وخارجها، ويقضون إقامتهم في المنزل وسط الصحراء ونقوم بإعداد الوجبات التونسية التراثية لهم". وتستطرد قائلة: "قبل تصنيف جبال الظاهر ضمن قائمة أفضل 100 وجهة للسياحة بالعالم، لم يكن أحد يعلم شيء عن المكان (..) أما الآن أصبح واجهة سياحية مميزة". **سياحة مستدامة وتتميز سلسلة الظّاهر بمناخ جبلي ساحر، ويقطن معظمها الأمازيغ (السكان الأصليين لتونس) والذين لا يزال الكثير منهم يحفرون بيوتهم في باطن الجبال . وفي أكتوبر/ تشرين أوّل الماضي، قامت المنظمة العالميّة للوجهة الخضراء المختصة في السياحة المستدامة، بتصنيف جبال الظاهر، ضمن أحسن 100 وجهة سياحيّة في العالم. وفي تصريح للأناضول، قال محمد الهادي القلالي، مدير الجامعة التونسية للسياحة الأصيلة: "قمنا بالشراكة مع جهة ألمانية مختصة بالترويج السياحي، للتسجيل في مسابقة عالميّة تحت إشراف المعهد العالمي للسّياحة المستدامة ومنظمة الوجهة الخضراء". وأضاف: "هناك الكثير من المعايير التي تفرضها المنظمة ليتم التسجيل في المسابقة، وتم في المرحلة الأولى إدراج سلسلة جبال الظاهر من بين أحسن 100 وجهة سياحية في العالم في مجال السياحة المستدامة". وتابع: "بعد ذلك تم تصنيف واجهة جبال الظاهر من بين أحسن 6 في مجال الحضارة والثقافة بالعالم، الأمر الذي ساهم في الترويج لها عالميا". وأوضح: "تنتشر 38 دار ضيافة وسط الغابات وتحت سلسلة الجبال، إضافة إلى القصور الصحراوية والجبليّة (تسع غُرف صغيرة كانت تستعمل في السابق لعملية تخزين المواد الغذائية)". وتتيح جبال الظاهر حوالي 194 كلم كمسلك للمشي، يعد الأطول في تونس، إضافة الى مخزون جيولوجي كبير يعود إلى أكثر من 200 مليون عام. وكانت السلسلة الجبلية مكانا للديناصورات قبل ملايين السنين، حيث تم اكتشاف آثار وبقايا عظام ديناصورات. **تراث الأمازيغ وتسود الثقافة الأمازيغية في هذه المناطق، لا سيما "الدْويرات" و"شننّي" التابعتان لمحافظة تطاوين (جنوب)، إذ ينتشر نشاط الفلاحة بأشكاله التقليدية وأشجار الزيتون، مقابل غياب الصناعة والتجارة. ومنذ القدم يفضل الأمازيغ العيش في الجبال، التّي تقيهم من برودة فصل الشتاء وحرارة الصيف. وتعني كلمة أمازيغ "الإنسان الحرّ"، والأمازيغ على شمال أفريقيا اسم "تامازغا"، أي الإطار الجغرافي الذي يعتقدون بأنّه احتضن هويتهم منذ فجر التاريخ. وأقام الأمازيغ دولاً منذ أكثر من 30 قرناً، وتركوا آثاراً ذات طابع خاص في اللّغة والعمارة والملابس والصّناعات التقليدية والطقوس والعادات والفنون والآداب. ووفق احصاءات غير رسمية، يتجاوز عدد الأمازيغ في تونس أكثر 600 ألف، أي حوالي 5 بالمئة من إجمالي تعداد السكان البالغ نحو 12 مليونا. ويعيش معظم الأمازيغ بين قبائل الجنوب التونسي، لا سيما في مناطق "مطماطة" و"تمزرط" و"زراوة" و"تاجوت". **السياحة الصحراوية وأعلن محمد الهادي القلالي، مدير الجامعة التونسية للسياحة الأصيلة، إعداد بنك معلومات بخصوص سلسلة جبال الظاهر، لرصد عدد آلاف السياح الوافدين إليها عليها سنويا مع الإشارة لجنسياتهم وفئاتهم العمرية. وأضاف: "هناك إقبال سياحي كبير على المنطقة وجميع دور الضيافة وأماكن الإقامات كاملة العدد معظم أوقات العام". وأوضح القلاّل: "توفّر هذه الواجهة السياحية تباعدا اجتماعيا طبيعيّا بحكم الطبيعة الجغرافية، ولذلك فهي ضمن أولوية اختيارات السياح خلال تفشي فيروس كورونا". وخلال العامين الماضيين، ارتفعت حجوزات السياح في العالم على الأماكن الطبيعية أو الصحراوية، مقارنة بالسياحة التقليدية على الشواطىء. وتشير أرقام رسمية على موقع الحجوزات المعروف في العالم " booking.com " بأن 83 بالمئة من الحجوزات تكون على الوجهات التي توفر السياحة المستدامة (أماكن طبيعية و أثرية). الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :