براعية كريمة من الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الوطني للفنون، افتتح مؤخرا من مارس الجاري 2022 معرض الفنان التشكيلي البحريني السيد حسن الساري والمعنون «شارع سار» وبحضور جمع من الفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي، وقد اكتظت الصالة بالحضور وزينت جدرانها الأربعة بلوحات الساري التي حاكت نبض الواقع وانشغلت بالحياة في عموم انشغال الإنسان بها. وفي تصريح للثقافي، تحدث الشيخ راشد قائلاً: شدني التنوع والخصوصية في أعمال الفنان السيد حسن الساري من حيث اكتمال وارتباط الآمال بثيمة واحدة خدمت الموضوع الذي أراد طرحه الساري، وعلى غرار ما قدمه الفنانون الكبار أمثال: فينست فان جوخ الفنان الهولندي الذي عرف كفنان ما بعد الانطباعية في توظيف أعماله بالجمال وصدق المشاعر والألوان الملفتة البارزة، وكمثله أيضا الفنان الفرنسي كلود مونيه الذي عرفت أعماله بالأسلوب الجديد في محاكاة اللوحة. وهذا قد يكون مرتبطاً بما نراه في أعمال الساري الذي نحت نحو رسم الأشياء ذاتها في لوحات مختلفة ومتعددة وضمن ثيمة واحدة في المعنى والمضمون، وكأن الساري قد أدرك معنى الالتزام بالخصوصية التي هي قد ولدت ضمن مدرسة الانطباعية عند فنانين عرفوا بالمواضيع التقليدية، وان اختلفت مشاربها إلا أنها تلتقي في مفهوم واحد وهذا ما قد ميز أعمال الساري من حيث الالتزام والبقاء على هوية المعرض. مضيفاً الشيخ راشد أنها أعمال تستحق الإشادة وتستحق التشجيع في صيرورة إصرار الشباب من الفنانين البحرينيين على دخول أي مغارة من دون خوف أو تردد. مؤكدا أنها أعمال تميزت بألوانها التي هي خليط من ضربات لفرشاة حادة ومتقطعة في تقسيمها الفني بين لون بارز وآخر يعانقه في ظل واحد لا ينفصلان عن بعض. في الجانب الآخر من الأعمال أشار الفنان السيد حسن الساري قائلاً: عمل على إعداد معرضه قبل أربع سنوات، كان فيها منشغلا ومراقباً لحياة العامل ومتطلبات أخرى لازمت العامل كأدوات رصف الطرق وحفر ورصف ما تحتاج اليه هذه الطرق من صبر الزم العامل في الالتزام بأدوات عمله. أعمال عكست رؤيتها من خلال ما اقتنصه الساري من صور تنوعت في مشاغل الإنسان وهو يكد بآلته وبجسده المتعب، واضعاً أسس الجمال لكل شيء من دون ان يطلب من الآخرين قارورة ماء تطفئ عطشه في يوم قائظ. أتقن الساري التحكم في ربط أعماله جميعها بفيض عال من الجماليات وأبعادها في تقريب معنى اللوحة من أثر فني صاغه برؤية متقنة ومدروسة بعناية ملفتة للمشاهد والمتلقي. فالواقعية التي ميزت الأعمال هي واقعية ثابتة لا تحتاج إلى خيوط تخيط فواصلها بقدر ما هي واقع فيه بإتقان فني أجاده الساري ولعب على وتره فكان للألوان الزيتية بريقها وكان لألوان اكريليك بعد آخر إضافة متحداً مع الزيتي. تظل هذه الآمال المرتبطة بحكاية واحدة من اصدق أعمال الفنان السيد حسن الساري، التي ارتبطت بمعرضه الشخصي الفني، والتي تميزت عن أعماله السابقة بصدق الثيمة الجامعة لها في قراءة واحدة ذات موضوع واحد هو الإنسان الكادح ومتغيرات أدوات العمل في بناء صيرورة الحياة واستشراف مواقع جمالياتها وإن رآها الآخرون خلاف ما رآه الساري، يظل هذا الخلاف موضع أهمية لما قدمه الساري من أعمال جميلة ومهمة لا تخلو من رسالة واحدة ومن مفهوم فني تشكيلي معاصر أمكن الساري من التداخل معه وفتح شرفات جديدة في العمل التشكيلي المعاصر لدى الفنان البحريني. أهمية هذا المعرض تدرج هذه الآمال في تجربة الفنان الساري، لقد بدأ العمل فيها قبل جائحة كورونا وأنجزت بعد ان خفت قليلاً هذه الجائحة لتؤكد: أن كل كوبة تتقدمها صحوة في رؤية قيلت مسبقاً «إن الفن التشكيلي هو احد الفنون التي تعبر عن ثقافة المجتمع وهي إحدى الوسائل التي تقوم بنقل ثقافة وحضارة كل دولة وحضارة لغيرها من الدول والحضارات الأخرى. أي أن فن التشكيل هو انعكاس للواقع ويتم تشكيله بصور متعددة ومميزة». بهذا المعنى قد نفهم ان ما وصفه الساري ضمن معرضه هو بعد متصل بشريحة المجتمع وبصيرورة مستمرة لا تنفصل عن عرق أو قلق الفنان والمثقف، فالحياة لا يمكن ان نجعلها آمنة ما لم نخلق فيها محفزات نواة الأمان والاستقرار في أبنائها، وهي التي تتجلى في رقي المجتمعات أو تخلفها. اشد مرة أخرى على ما قدمه السيد حسن الساري في أعماله الجديدة التي حملت رؤيته للعامل الإنسان وآلة العمل التي وظفها كجزء مهم في صيرورة العامل، موضحًا أنها أعمال كبيرة لفنان مجتهد عرف كيف يعالج هدوءه بأعمال ارتبطت في جسدها واكتملت في نمو اكتمالها كأعمال معاصرة تقدمت لتقول إنها واقفة بوقوف قائدها الفنان السيد حسن الساري.
مشاركة :