بن حميد في خطبة الجمعة : كلوا حلالاً وأنفقوا حلالاً ، واكسبوا حلالاً ، لتثبت أقدامكم يوم تزل الأقدام

  • 3/18/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والمبادرة بالخيرات لأن الآفات تعرض ، والموانع تمنع ، والموت يأتي بغتة ، والتسويف بضاعة خاسرة. وقال فضيلته في خطبة التي ألقاها اليوم في الحرم المكي الشريف : من خاف مولاه هانت عليه بلواه ، ومن أعجب برأيه لم يقبل رأي غيره ، أَحسِنْ الظن بربك ، والتمس العذر لإخوانك ، لا تشتغل بالخلاف ، اعف ، واصفح ، وتغافل ، واستغفر ، واذكر ربك كثيراً بالغدو والآصال ، والعشي والإبكار ، ولا تكن من الغافلين. وأضاف : هذب الإسلام غريزة حب المال في النفوس ، وأحاطها بسياج من الأحكام ، والأخلاق ، والآداب في الكسب ، والإنفاق ، والتمتع ، ليكون هذا المال وسيلة لتحقيق العيش الهاني الكريم لافتاً النظر إلى أن من قواعد ذلك وضوابطه أن المال مال الله والإنسان مستخلف فيه ، فليس له فيه التصرفُ المطلق ، بل عليه أن يتصرف بمقتضى ما شرعه مالكه الحق ، وأمر به ، وأجازه ، وأحله ، لا فيما حرمه ، ونهى عنه ، ومنع منه ، ولما جعل الله المال قياماً للناس تقوم به حياتُهم ، وحسنُ معاشهم شرط في التصرف فيه أن يكون صاحبه راشداً. وأوضح فضيلته أن من الجوانب العظيمة التي أولتها الشريعة عنايتها واهتمامها بابُ الحلال والحرام من : طعام ، شراب ، ولباس ، وزينة ، وتطبب ، ودواء ، فشرع أن يكون كل ذلك حلالاً طيباً في الكسب ، والإنفاق ، والاستعمال بما يضمن حياة طيبة في الدنيا ، وسعادة أبدية في الآخرة متسائلاً : لماذا كل هذا – يا عباد الله –؟ مجيباً لأن من الثابت المتقرر أن سلوك الإنسان وأخلاقه يتأثران بما يدخل في جوفه ، وبما يخالط بدنه تأثراً كبيراً ظاهراً. وأفاد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن طيب المطعم ، والمشرب ، والملبس ، والزينة ، والدواء له أثر عظيم في تزكية النفس ، وصفاء القلب ، وقوة البصيرة ، بل إن قبول العبادة ، وإجابة الدعاء مرتبط بأكل الحلال الطيب مبيناً أنه ليس أعظمَ دلالة وأوضحَ بياناً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أيها الناس : إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ﱠ ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعثَ ، أغبرَ ، يمد يديه إلى السماء : ياربُّ ، ياربُّ ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام. ، فأنى يستجاب له ). وواصل فضيلته قائلاً : ومن عجائب عناية هذه الشريعة المطهرة ودقائق تحريها الحلال في غذاء المسلم وطعامه وما يدخل إلى جوفه أن ما أحل له من الحيوان اعتنى بكيفية ذبحه ، وطريقة تذكيته ، فاشترط لذلك شروطاً ، وسن سنناً ، وآداباً من : أهلية الذابح ، وكيفية الذبح ، من إنهار الدم ، وقطع الحلق ، والمريء ، والودجين بآلة حادة ، والإحسان في الذبح ، والإحسان إلى الذبيحة وحرم الميتة بكل أنواعها من : المنخنقة ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع ، وما ذبح على النصب ، وما أهل به لغير الله إلا ما كان من حال الاضطرار غير باغ ولا عاد ، وغير ذلك من الأحكام والآداب الدقيقة من أجل أن يخلص للمسلم ما يدخل إلى جوفه. وأفاد في هذا العصر وما فيه من تقدمٍ محمود ، ومنافعَ سخرها الله ويسرها ، وقد دخل ذلك التقدم في صناعة الغذاء ، والدواء ، ومستحضرات التجميل وغيرها ، وما أحدثته التقنية العظيمة من تطور هائل مما أحدث تغييرات كبيرة ، وأنتج كثيراً من المواد ، والمشتقات ، والمعالجات الكيميائية في مكونات الأغذية ، والأودية ، وأدوات التجميل وغيرها ، مما يستدعي مزيداً من التحري في تحصيل الحلال الطيب مؤكداً أن اللقمة الحلال تدفع النقم ، وتصرف البلاء عن الأنفس ، والأموال ، والأولاد ، والأعمال ، والديار مستدلاً بقول أبي عبد الله الباجي الزاهد : خمس خصال بها تمام العمل : الإيمان بالله ، ومعرفة الحق ، وإخلاص العمل ، والعمل على السنة ، وأكل الحلال ، فإن فُقِدتْ واحدةٌ لم يرتفع العمل . وذلك أن العبد إذا آمن بالله ، ولم يعرف الحق لم ينتفع ، وإذا عرف الحق ، ولم يؤمن بالله لم ينتفع ، وإذا آمن بالله وعرف الحق ، ولم يخلص العمل لم ينتفع ، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل حلالاً لم ينتفع. وطالب فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين الاستغناء بالحلال عن الحرام ، والتوبة من المظالم والآثام ، وأن يجعلوا أموالهم ستراً لهم من النار ، وصرفها في مرضاة الله ، والإكثار من الصدقات ليبلغوا رفيع الدرجات. وقال : فكلوا حلالاً وأنفقوا حلالاً ، واكسبوا حلالاً ، لتثبت أقدامكم يوم تزل الأقدام : ” لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ، وعن عمله ماذا عمل به “. رواه ابن ماجه. في سننه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بسند صحيح ، تحروا الحلال ، ابتعدوا عن المشتبه ، احفظوا حقوق العباد ، أنجزوا أعمالكم ، وأدوا أماناتكم ، أوفوا بالعقود وبالعهود ، اجتنبوا الغش والتدليس والمماطلة . وبين فضيلة الدكتور صالح بن حميد أن من فضل الله على عباده أن دائرة الحرام ضيقة ، فالأصل في المطعومات ، والمعاملات ، وكل المنافع وطرق الكسب هو الحِلُّ موضحاً أن الإنسان بتقصيره ، وطمعه لم تسعه دائرة الحلال الواسعة ، فتراه يدخل ، دائرة الحرام بأكل الحرام ، من الرشوة والاختلاس ، والتكسب بوسيلة حرام من البيوع الفاسدة ، واللهو المحرم. وأضاف قائلاً : الحياة قصيرة ، والزمن سريع الزوال ، فلا تطلب الرزق بمعصية الله ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام ، بأكل الحرام تنزع البركات ، وتكثر الأمراض والعاهات ، وتحل الكوارث والأزمات ، ويفشو التظالم والشحناء ، وإذا كان ذلك كذلك فـتأملوا الربط الدقيق بين أكل الحلال الطيب وتحقيق الأمن والعيش الكريم. وواصل قائلاً : بلادنا بفضل الله ، ومنته هي العزيزة بمقدستها ، الثرية بقيمها ورجالها ، العالية بقدرها ومنجزاتها ، الأمنة – بحفظ الله – ثم بيقظة ولاة أمرها وحزمهم ، بساط الأمن فيها يستفز المرجفين ، والقوة والتماسك بين ولاة الأمر والمواطنين يزعج الطامعين والحاقدين ، والاعتماد على رب هذا البيت يرد عنا كيد الكائدين ، بحفظ الله ثم حكمة القيادة تَخِيبُ ظُنون المتربصين ، يقال ذلك أيها -المسلمون – حين أعلنت الدولة أعزها الله إقامة الحكم الشرعي على فئة فاسدة هاجموا بلادهم ، وقتلوا أهليهم ورجالهم ، وخفروا ذمة ولاة أمرهم ، وروعوا الأمنين , وأرادوا فتح الأبواب لتمكين المتربصين. وأضاف بقوله : أعمال عنف ، ومسالك إرهاب من تفجير وتدمير ، وسطو ، وسفك للدماء وخروج على النظام ،وخيانة مع الأعداء والمتآمرين ، مفاسد عظيمة ، وترويع للأمنين ، ونقض للعهود ، وتجاوز على إمام المسلمين جرائم نكراء في طيها منكرات ، إنه موقف حازم تتخذه الدولة ضد الإرهاب ، والفوضى ، والفتنة في جهد أمني ، وحكم شرعي ، وقرار سياسي. وزاد في القول : وإن الناظر والمتأمل ليقدر – ولله الحمد – هذه الوقفة الشامخة الثابتة التي تقفها الأمة ضد أي تصرف مشين ، أو عمل إجرامي ، أو تشويش حاقد ، نعم إن الأمة تقف صفاً واحداً خلف قيادتها ، وولاة أمرها تستنكر أي عمل ، وتدين كل قول ، ولا تقبل أي مسوغ يريد أن ينال من هذه البلاد أو يشكك في مكانتها ، وحزمها ، وعزمها ، وحكمة قرارها ، إنها مأرز الإسلام ، ومنبع الخير ، وأمان الخائفين ، وعون المستضعفين ، يد حانية تداوي الجراح ، وتنطلق منها أعمال الإحسان ، وقوافل البر لكل أصقاع الدنيا. وأضاف : يريدون النيل من دورها العظيم في محطيها العربي ، والإسلامي ، والدولي ، غير أن الدولة أعزها الله – ومن ورائها المواطنون الكرام ، والمقيمون الأعزاء تقف من هذا الأحداث مواقف حازمة ، وتتعامل معها بمسؤولية حماية للدين ، والمقدسات ، والدار ، والناس ، في يقظة ، وكفاءة ، وأداء حازم ، وتعامل دقيق مما يسجل إنجازات أمنية ، وقوة إدارية ، وحكم صارم في كل الظروف الزمانية والمكانية فلله الحمد والمنة.

مشاركة :