تتعرض الحكومة العراقية لضغوط من الجانب الإيراني لإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين عبر المنافذ الحدودية البرية، لما تمثله هذه الخطوة من تأثير إيجابي على الحركة التجارية بالنسبة إلى إيران. وتجد الحكومة العراقية نفسها في ورطة حيال هذا التمشي الذي لا يخدمها في ظل الاختلال المزمن لميزان التبادل التجاري مع إيران، كما تخشى الحكومة أن يزيد تفعيل مثل هذا القرار في إحراج موقفها في الداخل العراقي الذي يشهد غليانا جراء التجاوزات الإيرانية وآخرها قصف أربيل. وتعرضت عاصمة إقليم كردستان شمال العراق الأحد الماضي لقصف بصواريخ باليستية تبناها الحرس الثوري، واستهدفت مواقع مدنية، في تجاوز خطير وانتهاك صارخ لسيادة البلد الجار دون أن تحتسب لذلك أي اعتبارات. ويرى مراقبون أن قبول حكومة الكاظمي تنفيذ قرار إلغاء التأشيرات مع إيران من شأنه أن يزيد من تأجيج غضب العراقيين، ويغذي من حالة السخط الشعبية تجاه النخبة التي تحكم قبضتها على العراق، والتي لا تستطيع مواجهة طهران لأسباب تتراوح بين العجز والموالاة. ودعا مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية مجيد مير أحمدي الجمعة رئيس الوزراء العراقي إلى “الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه بإلغاء التأشيرات”. ونقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن مير أحمدي قوله إن الكاظمي تعهد خلال لقائين أجريا مؤخرا مع السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي بإلغاء تأشیرات الدخول للزائرين الإيرانيين المتوجهين إلى العراق عبر المنافذ البرية اعتبارا من الخامس عشر من مارس الجاري، لكن ذلك لم يتحقق. وأضاف المسؤول الإيراني “إن هناك من مواطنينا من خططوا لزيارة العتبات المقدسة في العراق في الخامس عشر من شعبان (ذكرى ولادة الإمام المهدي بحسب معتقد الشيعة الإمامية)، بناء على وعود رئيس مجلس الوزراء العراقي بإلغاء تأشيرات الدخول في المنافذ البرية”. وكان الكاظمي ناقش خلال استقباله من قبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران في سبتمبر الماضي قرار إلغاء التأشيرات بين البلدين، وقد خلف ذلك حينها ردود فعل واسعة داخل العراق باعتبار أن هذا القرار لا يصب في صالح البلاد. وأشار مير أحمدي إلى أن الرئيس رئيسي أوضح الخميس أثناء تواجده في حدود شلمجة بأنه “لا توجد مشكلة من جانبنا في إلغاء تأشيرات الدخول ونتوقع من السلطات العراقية أن تحقق وعودها بإلغاء التأشيرات في المنافذ البرية”. وكان العراق وإيران قد اتفقا على إلغاء تأشیرات الدخول بينهما منذ أكتوبر الماضي في الرحلات الجوية فقط، دون أن يشمل الأمر المنافذ البرية. ويرى خبراء اقتصاد أن إلغاء التأشيرات على مستوى الحدود البرية لا يبدو أمرا جيدا بالنسبة إلى العراقيين، فمثل هذا القرار يجري اتخاذه من قبل الحكومات حينما يصل التبادل التجاري إلى مستويات معقولة من التوازن، حينها فقط يمكن حدوث ذلك في سياق تعزيز مثل هذه العلاقات، لكن الوضع بالنسبة إلى العراق وإيران مختلف حيث يصب الميزان التجاري لمصلحة إيران وبشكل كبير. واعتبر الخبراء أن قرار الكاظمي حينها كان يندرج ضمن باب المجاملات غير المحسوبة، والتي قد تكلف العراق بسببها إيرادات بالملايين من الدولارات سنويا، مشيرين إلى أن الإغراءات الإيرانية للعراق بشأن أهمية الخطوة على السياحة الدينية في البلاد لا تخلو من مغالطات، ذلك أن أغلب السلع التي يقتنيها الزائر الإيراني هي إيرانية الصنع. وبلغت الصادرات الإيرانية للعراق نحو 7.280 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من الحادي والعشرين من مارس 2021 حتى العشرين من يناير 2022، وبإلغاء التأشيرات سيكون بإمكان الإيرانيين زيادة معروضهم في الأسواق العراقية.
مشاركة :