الأرقام والإحصائيات التي بدت في الظهور بكل شفافية لم تُعُد تجامل أحداً، وهذا بحد ذاته إنجاز يُحسب للقائمين عليه وخطوة مهمة في مجال تنمية وبناء الوطن، كون الأرقام لا تحابي أحداً وتكشف حجم ومستوى التقصير، سواء كان إهمالاً أم فساداً متعمّداً أو غير متعمّد، حيث الشفافية أصبحت مطلباً مهماً وملحِّاً لزيادة وعي المواطن وزيادة حجم إدراكه، فلا مجال لمخاطبة المواطن بغير لغة الشفافية والوضوح، وهي أسهل الطرق وأكثرها نجاحاً على الإطلاق، الذي يصيب المواطن بالحيرة ولا يجد له تفسيراً، هو كثرة تعثُّر المشاريع وبالذات المشاريع التي تمس مصالح المواطن بشكل مباشر، هل يعقل أن يكون هناك أكثر من 600 مشروع متعثر في مدينة الرياض وحدها؟!، كيف نستطيع إقناع أنفسنا بقبول مثل هذه الحقيقة المؤلمة، هذا الرقم المعلن والمؤلم يحز في النفس حجم التأخر في التنمية وخدمة الوطن والمواطن، كيف ستكون ردة الفعل لو حدث هذا في بلد آخر غير السعودية الحبيبة، في بلد ليس في قاموسه التنموي عبارة: مشاريع متعثرة، ولا يمكن أن يقبلها المسؤول قبل المواطن، ولكنها في بلادنا أصبحت كلمة مألوفة لا تثير أي حساسية أو غضب سواء عند المواطن أو المسؤول، إن المشاريع المتعثرة سواء بقصد أو بغير قصد نوع من أنواع الفساد المبرر، أي بلد غير بلادنا تصل فيه المشاريع المتعثرة لهذا الرقم المخيف ويظل ساكتاً دون حلول حاسمة، تتعثر المشاريع عندنا لأتفه الأسباب ولأصعبها، وكأنها مشاريع تمّت وضعها وترسيتها على متعهد لا يعرف بالمشاريع شيئاً من قبل، يجب أن يحاسب المسؤول عن وضع بنود عقد مناقصة هذه المشاريع التي سمحت للمتعهدين من الشركات بالتنصل والهرب من التزاماتهم التعاقدية، أتخيل لو كان هناك 10 مشاريع متعثرة في بلد آخر غير بلادنا، كيف ستكون ردة الفعل؟!، هذه مشكلة ستستمر طالما أنّ عمرها كبير جداً، ولن نجد لها حلاً عاجلاً وناجحاً، ما لم نسارع في إنشاء وزارة أو جهة رسمية تختص بالمشاريع فقط، وتكون مسؤوليتها صياغة عقود المشاريع وتجهيز دفاتر المناقصات وترسيتها ومتابعتها، جلب موظفين متخصِّين في المشاريع وحمايتها من التعثر، إنّ 600 مشروع متعثر في مدينة الرياض، يضعها في أول مدينة في العالم بالمشاريع المتعثرة، وهو أمر يحز في النفس ولا يرضي العدو قبل الصديق!
مشاركة :