في صغري كان لرمضان طعم خاص ونكهة لا تضاهى، وتبدأ الزيارات منذ سماع صوت المدفع لدخول الشهر، وفي أول نهار من رمضان نزور كبير العائلة على الإفطار ولا أحد يستطيع أن يعتذر، ويلتف الجميع على مائدة واحدة، وسعادة الصغار تكون بعد المغرب حيث نخرج إلى الشارع لنلعب في المراجيح الخشبية تعلو بنا وتهبط وسط الضحكات، ونشتم رائحة الكبدة والبائع يقلبها على صاجٍ كبير فنقف حتى نأخذ طلبنا منه ونحن نناديه يا عم، يا عم حتى يستجيب لنا وهو مبتسم رغم شدة تعبه والزحام والأصوات، كما نذهب لبائع البليلة لنأخذ نصيبنا، كل هذا بقروش قليلة ولكنها مباركة». وتؤكد رجب أنها تفتقد أشياء كثيرة كانت تجدها في رمضان، وتقول: «كنا نزور الجيران ونتبادل الأطباق نعرف ما بهم ويعرفوا ما بنا»، وتضيف: «أما الآن وفي زمن التقنيات والحياة السريعة فقد افتقدنا طعم الماضي وتقاليده»، وتؤكد: «لست رجعية، ولا ضد التقنيات فأنا أعيش بها، ولكني ضد أن يكون كل شيء بضغطة زر، وأن نبتعد عن لمة العائلة وتبادل الزيارات، وليتنا نعود بكل أريحية إلى عاداتنا السابقة». وتضيف د.سحر رجب: «إن رمضان الحالي هو الأول الذي يغيب الوالد عنّا فيه»، وتقول: «لا نسمع صوته الجهوري وهو يرتل ما تيسر له من سور القرآن الكريم، فقدت غاليًا وأي غالٍ رحمة الله عليه وعلى أموات المسلمين والمسلمات، فقدت دعوته قبل الآذان لنا، لم أعد أسمع منه الله يرضى عليك يا سحر»، وتضيف: «كان يصطحبنا ونحن صغار في أول يوم للإفطار إلى بيت جدي، وفي اليوم الثاني إلى بيت جدتي لأمي رحمهم الله».
مشاركة :