المرأة المصرية محور اهتمام تيار سينمائي نامٍ

  • 11/30/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

السينما العربية ولا سيما المصرية في الفترة الأخيرة تياراً سينمائياً حديث العهد يبدو أكثر إنصافاً للمرأة، فيضعها في بؤرة الأحداث من خلال أعمال نسوية تسعى لرسم صور أكثر قربا للواقع الذي تعيشه المرأة – ليعكس طموحاتها، أحلامها، مخاوفها ومعاناتها. ولعل بروز عدد من كاتبات السيناريو والمخرجات والممثلات الواعدات ساهم في بلورة هذا التيار الذي تبدو خطاه أوضح عبر السنين. وتقدم أفلام التيار النسوي طرحاً مغايراً لعدد كبير من قضايا المرأة في العالم العربي، وبخلاف درجة الدقة وعمق التناول والرسائل التي تحملها هذه الأعمال، فإنها كذلك تمنح قطاعاً كبيراً من النساء صوتاً يعبر عن قصصهن بنزاهة أكبر ويكرس لهن مساحة حُرمن منها طويلا. ورغم أن تلك الأعمال، في الأغلب، مستمدة من قصص واقعية فإن نشر تلك القصص والرؤى على نطاق أوسع يدفع باتجاه تغيير نظرة المجتمعات العربية للمرأة ونظرة الأخيرة لذاتها. وتشمل قائمة الأفلام المُعبرة عن هذا التيار أعمالاً تعكس الصورة البسيطة والدقيقة لحياة النساء في العالم العربي مثل أحلى الأوقات للمخرجة المصرية هالة خليل (2004) وسكر بنات للمخرجة اللبنانية نادين لبكي (2010) وفتاة المصنع للمخرج المصري محمد خان (2013). وهناك كذلك التناول الأكثر جرأة لمعاناة المرأة من نظرة مجتمعية مجحفة تحصر أهمية المرأة في جسدها وتقرن نجاحها بالزواج، وتمثل هذه التيار أفلاما مصرية مثل :بنتين من مصر لمحمد أمين (2010) أوبلد البنات لعمرو بيومي (2007) والباحثات عن الحرية لإيناس الدغيدي (2005). وتبقى أعمالاً مثل 678 للمخرج المصري محمد دياب (2010) وهلا لوين للبنانية نادين لبكي تُقدم طرحاً أكثر صدامية مع الواقع إما بسبب شدة صراحته أو شدة سرياليته. دقة السرد ورغم البساطة التي تتميز بها، تقدم أفلام المجموعة الأولى من هذا التيار معاناة النساء في المجتمعات العربية في قالب سردي شديد النعومة. أحلى الأوقات للمخرجة المصرية هالة خليل إنتاج عام (2004) ويقف فيلم أحلى الأوقات مثالاً لذلك بقصص ثلاث سيدات يجسدن طبقتين اجتماعيتين مختلفتين سلكت كل منهن مسلكا مختلفاً ما بين الأسرة والعمل وجمعهن حُلم بمعاناة أقل في حياتهن اليومية. ونرى من خلال العمل كيف أن تجديد صداقتهن أثّرت بشدة على واقع كل منهن ورؤيتها لحلمها. وتبدو رابطة الصداقة والثقة جلية أيضا في فيلم فتاة المصنع الذي يحكي قصة فتاة رقيقة الحال تعمل في مصنع للأقمشة. ويُظهر الفيلم كيف أن تطلعات الفتاة للارتباط بشاب من طبقة اجتماعية أعلى توقعها تحت طائلة تنكيل أسري ومجتمعي وكيف أنها تفقد دعم أقرب أصدقائها ما أن تُثار احتمالية أن علاقة جنسية تجمعها بذلك الشاب. ورغم أن الفيلم يصور قمع فتاة المصنع إلا أنه يعكس كذلك صمودها وقوتها في مجابهة مخاوفها من ناحية والمجتمع من اخرى. في ذات السياق، يأتي فيلم بلد البنات الذي يتعامل بجرأة أكبر مع قضية العذرية وذلك من خلال قصة انتقال عدد من فتيات القُرى إلى المدينة، ويرسم الفيلم أحلامهن الكبيرة والصغيرة وكيف تتحطم بعضها أمام مجتمع ينظر للمرأة بالأساس كأنثى، فيطاردها حيناً ويستغل حاجتها أحياناً أخرى. أما بنتين من مصر فتكمن جرأته أنه لمرة تكاد تكون الأولى يسلط الضوء على قضية العنوسة في مجتمع يحاكم المرأة باستمرار، فيحكي قصة فتاتين تتعديان الثلاثين من العمر دون زواج وكيف أن ضغط المجتمع يغير طموحاتهن ويدفعهن لمحاولات بائسة للهروب من شبح العنوسة. وكما يبدو من اسمه، يتحدى فيلم الباحثات عن الحرية الصورة النمطية للمرأة العربية المُحافظة من خلال ثلاثة حكايات تعكس بعداً إنسانياً من خلال حياة امرأة مصرية وأخرى مغربية وثالثة لبنانية، تجمعهن فرنسا وبحثهن عن الحرية في مجتمع آخر. معاناة الواقع شريحة أخرى من أفلام التيار النسوي تمزج بين جرأة الطرح من ناحية والتركيز على قوة المرأة القادرة على خلق تغيير قسري إذا ما استدعى الأمر. ولعل فيلم 678 يقف مثالا قويا على إحدى أكثر الظواهر إضراراً بحقوق المرأة وهي ظاهرة التحرش والعنف الجنسي. فيحكي من خلال بطلاته اللاتي ينحدرن من طبقات مختلفة كيف أن العنف الجنسي لا يفرق بين مستوى وآخر. وبينما يبدأ الفيلم بتصوير معاناة كل من بطلاته من العنف الجنسي الذي تعرضت أو تتعرض له، إلا أنه يتحول سريعا ليبين سُبل كل منهن في التعامل مع الواقع ومحاولة تغييره. هلا لوين للمخرجة نادين لبكي يناقش قضايا الطائفية الدينية والصراعات المذهبية فنرى إحداهن وقد تعرضت لاعتداء أثناء تواجدها باستاد رياضي مع زوجها وقد خسرت زواجها لكنها تتجه لإعطاء دروساً للنساء عن كيفية التعامل مع التحرش الجنسي. أما الثانية والتي تتعرض للتحرش بصفة مستمرة أثناء رحلاتها اليومية في المواصلات العامة فتبدأ بعد معاناة، يرسمها الفيلم ببراعة، في استغلال الزحام نفسه الذي يجعل التحرش ممكناً لطعن المعتدين بسلاح تخفيه في ملابسها. وثالثة تجابه المعتدي وتجابه مجتمعاً سلبياً وتُقاضي المتحرش لتسترد حريتها. ويبين الفيلم أن النساء رغم شدة ما يعانين يستطعن إيجاد سبيل للمواجهة، متحدياً صورة المرأة السلبية العاجزة التي أخذت السينما تجسدها طويلا. تجربة سينمائية أخرى تتسم بنفس الجرأة والطرح المغاير تقدمها المخرجة اللبنانية نادين لبكي في فيلم هلا لوين الذي يناقش قضايا الطائفية الدينية والصراعات المذهبية التي تودي في الأغلب بحياة الرجال أكثر من النساء لكنها تطرح القضايا من وجهة نظر نسائية بحتة. فبينما ينشب صراع طائفي بين رجال القرية من المسلمين والمسيحين ويتقاتل الرجال من الجانبين، تسعى نساء القرية التي لم تفرقهن النزعات الطائفية إلى إنقاذ قريتهن. ويؤكد الفيلم على قوة المرأة كفرد أولا ثم قوة اتحاد النساء من أجل تغيير أقدار مجتمعاتهن.

مشاركة :