خلّف الخطاب الذي وجهه الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، للشعب التونسي، ليلة أمس الأحد، موجة من الانتقادات بين أطياف الحياة السياسية التونسية، وذلك بعدما تضمن جزء من الخطاب، ما يحدث في حزب نداء تونس، ومبادرته لإنهاء حالة الانقسام التي يعيشها هذا الحزب العلماني. حزب نداء تونس الذي أسسه السبسي بعد الثورة التونسية، وشهد نجاحًا واسعًا بتحقيقه المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، يعيش أزمة واضحة، من مظاهرها استقالة 32 نائبًا بسبب ما قالوا إنه رغبة من ابن المؤسس، حافظ قايد السبسي، الهيمنة على الحزب دون احترام قواعد الديمقراطية، قبل أن يعلّقوا استقالتهم. وتحدث السبسي في الخطاب عن إحداث لجنة تتكوّن من 13 عنصرًا لإيجاد توافق في صفوف الحزب، سواء عبر عقد مؤتمر انتخابي أو مؤتمر توافقي، مشيرًا إلى أن المؤتمر التوافقي هو الأنسب بما أنه لا يتطلب وقتًا طويلًا. وحاول السبسي إصباغ مشكلة حزب نداء تونس ببعد وطني، إذ قال إن المقرضين الدوليين يتخوّفون على مسار الديمقراطية في تونس بسبب ما يحدث في الحزب، وإن نداء تونس يعد عنصرًا أساسيًا ومهما في تحقيق الانتقال الديمقراطي وإحداث توازن سياسي في البلاد. كما تناول السبسي في خطابه تداعيات العملية الإرهابية التي ضربت العاصمة تونس يوم الثلاثاء الماضي، وخلّفت 12 قتيلًا بين صفوف قوات الأمن الرئاسي، قائلًا إن "الإرهابيين يستهدفون تدمير الدولة، إلّا أن الدولة قائمة منذ ثلاثة آلاف سنة وستظل باقية برجالها وبناتها"، داعيًا إلى إحلال السلم الاجتماعي عبر الوصول إلى حلول فيما يخصّ المفاوضات النقابية. ومباشرة بعد الخطاب، تداول مئات التونسيين هاشتاغ "هذا لا يعنيني" على وسائل التواصل الاجتماعي، للدلالة على أن الخطاب الذي قال مكتب الرئيس إنه موجه إلى الشعب التونسي، تطرّق إلى مشكل خاص بحزب نداء تونس، في وقت أصدرت حركة الشعب بيانًا قويًا، اتهمت من خلاله السبسي بخرق الدستور. وقالت الحركة إن الخطاب يجسد "إخلالًا صارخًا بصلاحيات مؤسسة رئاسة الجمهورية"، متحدثة أن "التمادي في مثل هذا السلوك اللامسؤول يشكل تهديدا صارخا للتحوّل الديمقراطي"، محملة المسؤولية لمجلس نواب الشعب لأجل التصدّي لهذا الانحراف الخطير ومساءلة رئيس الجمهورية بشأن تجاوزه لصلاحيّاته الدستوريّة". كما قال الحزب الجمهوري في بيان له إن التونسيين كانوا ينتظرون من رئيس الجمهورية تقديم مضمون فعلي للوحدة الوطنية لأجل مواجهة الإرهاب، إلّا أن "خيبة الأمل" كانت كبيرة عندما خصص السبسي خطابه لأزمة الحزب الحاكم، مبرزًا "أن خطاب السبسي يعد خرقًا لأحكام الدستور التونسي الذي يُلزم الرئيس المنتخب بالتخلي عن جميع مسؤولياته الحزبية".
مشاركة :