بولندا تفتح ذراعيها للأوكرانيين بعد صدّها للاجئي الشرق الأوسط

  • 3/21/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لم يُعرف عن بولندا أنها دولة ترحب باللاجئين بأذرع مفتوحة. وهذه الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي التي يحكمها حزب القانون والعدالة المحافظ ظلت تعارض في الغالب استقبال المهاجرين وعلى سبيل المثال عندما كانوا عالقين في أجواء باردة إلى درجة التجمّد على حدودها مع بيلاروسيا. غير أنه حدث تطور في مجريات الأمور عندما غزت روسيا أوكرانيا، مما تسبب في اندلاع “أسرع أزمة للاجئين تصاعدا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”، وفقا لما أعلنته الأمم المتحدة. وفي مواجهة سيل لا يتوقف من القادمين من أوكرانيا المتاخمة، ظهرت فجأة حالة من التعبئة وسط البولنديين لتقديم المساعدة، وهذا على الأقل هو الانطباع الذي تحصل عليه في بلدة برزيميسل القريبة من الحدود مع أوكرانيا وأيضا من المعبر الحدودي البارز المعروف باسم ميديكا - شيخايني. وتنتظر السيارات والحافلات أمام محطة للسكك الحديدية وهي محملة بالتبرعات المقدمة للاجئين الذين يصلون تباعا إلى البلدة على متن القطارات من أوكرانيا. المنهج المختلف في التعامل مع اللاجئين من أوكرانيا والآخرين من الشرق الأوسط يتعلق بالتحيزات العنصرية ووصلت ريناتا كازارنكا وابنتها فيوليتا في سيارتهما الرياضية البيضاء الفاخرة، وأخرجتا منها حفاظات الأطفال والمناديل المبللة وزجاجات المياه المعدنية لتوزيعها على اللاجئين. وتقول كازارنكا التي تعمل بالقضاء وتبلغ من العمر 60 عاما “كان يمكن أن نمر جميعا بنفس الظروف، ولم يعد أحد يشعر بالأمان بعد ما حدث”. وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا سرعان ما أعلنت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن مغادرة مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين، بينما قال وزير الداخلية البولندي ماريوش كامينيسكي بعد مرور أربعة أيام على عملية الغزو “إننا نفترض أن الوضع سيتطور بشكل حاد، وسيستمر عدد اللاجئين في التزايد”. وذكرت الأمم المتحدة أن أزمة المهاجرين هذه هي الأكثر تصاعدا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أن العدد الأكبر من المغادرين لأوكرانيا يتوجهون إلى بولندا. وهناك نقطتان لعبور الحدود بالقرب من برزيميسل. وتجلب القطارات التي تصل إلى هذا البلدة الكائنة بالمنطقة الشرقية من بولندا المزيد والمزيد من السكان اليائسين القادمين من كييف ولفيف وأوديسا. وترشد مجموعة من الأسهم واللافتات حمراء اللون المدون عليها كتابات باللغتين البولندية والأوكرانية القادمين الجدد إلى مركز الاستقبال الذي تم إعداده بالمحطة، حيث تقوم مجموعة من الرجال والنساء العاملين بفرق الإطفاء البولندية بتقديم الرعاية لهم. ويقول لوكاش زيلينسكي رئيس فريق الإطفاء إن “الأشخاص القادمين من أوكرانيا والذين ليس أمامهم سبيل للسفر إلى مناطق أخرى من بولندا يمكنهم تسجيل أسمائهم في قوائم هنا، ويأتي المتطوعون إلى هنا ليقدموا وسائل النقل والإقامة، ثم نقوم بتجميعهم”. كما يقوم مركز الاستقبال بتجهيز أسرّة في أماكن الإيواء التي أعدها مجلس بلدة برزيميسل داخل قاعات الألعاب الرياضية بالمدارس. وحتى قبل الغزو الروسي لهذه الدولة المجاورة كانت حكومة حزب القانون والعدالة قد استعدّت لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين على مدى أسابيع. وأصدرت وزارة الداخلية تعليمات إلى الإدارات المحلية لتجهيز مبان مناسبة كأماكن إيواء في حالات الطوارئ، وحتى وزير التعليم برزميسلاف تشارنك الذي يعد من صقور التيار المحافظ أكد أن الأطفال الأوكرانيين مرحب بهم في المدارس البولندية. وهذا الموقف يتناقض بشكل جذري مع رد فعل الحكومة البولندية منذ بضعة أشهر فقط عندما حاول مئات من المهاجرين القادمين من مناطق مزقتها الحروب، مثل أفغانستان وسوريا والعراق، عبور الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني قادمين من بيلاروسيا. كل الأبواب مفتوحة أما المهاجرين الأوكران كل الأبواب مفتوحة أما المهاجرين الأوكران وأرسلت حكومة حزب القانون والعدالة نحو عشرة آلاف جندي إلى الحدود وأقامت فيها منطقة محظورة، وشيد الجنود سياجا مؤقتا من الأسلاك الشائكة فيها يبلغ ارتفاعه نحو مترين ونصف المتر، مع وجود خطط لاستبداله بجدار حاجز دائم يبلغ ارتفاعه 5.5 أمتار ومزود بأجهزة لرصد الحركة وكاميرات مراقبة. وكانت الرسالة التي وجهتها الحكومة في هذه المنطقة واضحة: يجب على المهاجرين البقاء بعيدا. ولكن السؤال هنا هو هل تنطبق هذه الرسالة على جميع المهاجرين؟ وتجيب على هذا التساؤل كالينا تشوارنوج المتحدثة باسم منظمة الإغاثة “أوكاليني” التي كانت تعمل مع المهاجرين على الحدود مع بيلاروسيا، فتقول إن “البولنديين يشعرون بعلاقات وثيقة تربطهم بالأوكرانيين، كما أن الحرب ليست بعيدة عنهم، ولكنها ملاصقة لحدودنا”. وتعمل كالينا الآن أيضا مع اللاجئين الأوكرانيين، وتضيف “ولكن للأسف يتعلق المنهج المختلف في التعامل مع اللاجئين بالتحيزات العنصرية”، وبرز هذا الأمر بعد المعاملة المختلفة التي تبنّتها الحكومة مع مختلف أطياف المهاجرين، سواء القادمين من أفغانستان وسوريا والعراق في وقت سابق، وبين القادمين من أوكرانيا حاليا، وفقا لقولها. غير أنه ليس رد فعل الحكومة وحده هو الذي اتسم بالاختلاف هذه المرة، ذلك أن المواطنين البولنديين قاموا أيضا بالتعبئة من أجل تقديم المساعدة للأوكرانيين. ويشعر اللاجئون القادمون من أوكرانيا بأنهم يلقون ترحيبا في بولندا. ويجد الأوكرانيون عند وصولهم إلى معبر ميديكا - شيخايني الحدودي أكواما من التبرعات، وتحصل النساء القادمات توّا على بطاطين دافئة، ثم يضعن أولادهن الذين أنهكهم التعب داخل عربات الأطفال التي تم التبرع بها.

مشاركة :