هل يكفي العدالة والتنمية المغربي الاعتراف بأخطائه للعودة إلى ما قبل الانتخابات

  • 3/22/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يُثير إقرار حزب العدالة والتنمية المغربي بأخطاء في تسيير البلاد خلال السنوات الماضية تساؤلات بشأن ما إذا كان ذلك سيمهد لعودة الحزب لوضعه الذي كان عليه قبل انتخابات الثامن من سبتمبر الماضي عندما تكبد هزيمة قاسية. وبعد موجة من التشكيك والاستنكار للنتائج التي أسفر عنها الاستحقاق المذكور، عادت قيادات حزب العدالة والتنمية إلى الاعتراف بارتكاب أخطاء خلال تدبيره للشأن العام من موقع رئاسة الحكومة وتسيير الجماعات الترابية إلى جانب رئاسة جهتين طيلة المرحلة السابقة. جاء ذلك خلال الدورة العادية للجنة المركزية لشبيبة حزب العدالة والتنمية الذي يسعى لتجاوز عثرته في سبتمبر الماضي والعودة إلى وضعه ما قبل تاريخ الثامن من سبتمبر 2021. وبعدما سبق أن عبر عن استغرابه للرقم الذي حصل عليه الحزب في الانتخابات السابقة بأنه أمر غير مفهوم، واصفا تلك النتائج بغير المقبولة، دعا إدريس الأزمي الإدريسي رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أعضاء حزبه إلى الإقرار بالأخطاء التي وقع فيها الحزب خلال تدبيره للشأن العام من موقع رئاسة الحكومة وتسيير الجماعات الترابية طيلة المرحلة السابقة، مشددا في المقابل على ضرورة استخلاص الدروس من نتائج انتخابات الثامن من سبتمبر التي وضعت الحزب في أسفل الترتيب. إدريس الأزمي الإدريسي: يجب الإقرار بأخطاء الحزب خلال تدبيره للشأن العام وقال الإدريسي ”بالرغم من كل التقييمات السياسية التي ينبغي القيام بها إزاء نتائج انتخابات الثامن من سبتمبر الماضي، سواء على المستوى الداخلي أو على صعيد المنظومة السياسية والانتخابية التي تحكمنا، فإن هذه النتائج هي فرصة حقيقية لحزب العدالة والتنمية للنظر إلى هذه الحصيلة بمنطق موضوعي بعيدا عن الحسابات الضيقة وعن النبش في وضعيتنا بعضنا البعض”. واعترف الإدريسي أنه “عندما تتحمل المسؤولية لا بد أن ترتكب أخطاء على صعيد التقديرات والقرارات”، ولكي يخفف من طبيعة المسؤولية، استدرك أنه “ينبغي أن نستحضر أن هذه التقديرات وهذه المواقف وحتى هذه الأخطاء تمت بنية حسنة وفي إطار التقدير الأكبر المتعلق بالحفاظ على مصلحة المواطنين”. ويرى مراقبون مغربيون أن خطوة حزب العدالة والتنمية الأخيرة تعد تحولا في خطابه باعتبار أنها تقطع مع خطاب المظلومية نحو الإقرار بالأخطاء والفشل في تسيير الشأن العام. وأكدت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية، في تصريح لـ”العرب”، أن “جرأة حزب العدالة والتنمية اليوم في الاعتراف بأخطاء التسيير التي وقع فيها طيلة ولايتين سواء مع الرئيس عبدالاله بنكيران وبعده سعدالدين العثماني هي خطوة تحتسب لهذا الحزب والتعامل بواقعية أكثر من خلال التخلي عن خطاب التشكيك والاستهداف”. واستدركت أن “الحزب بعد هذه الوقفة التي أقدم عليها مطالب بتصحيح مساره بشكل حاسم كضرورة سياسية للخروج من آثار صدمة الثامن من سبتمبر التي مازال الحزب لم يبرحها”. ورغم أن الأمين العام للحزب عبدالإله بنكيران طلب من قيادات ومناضلي حزبه مهادنة الحكومة وأحزابها الثلاثة، إلا أن الحزب يحاول تصيد أخطاء الحكومة كمحاولة لاستعادة اهتمام المواطن الذي لم يعد يثق في ما يصدر عن هذا التنظيم الذي ساهمت قراراته في تقويض القدرة الشرائية وغيرها من الآثار السلبية. ومن هؤلاء القيادات وزير الشغل والإدماج المهني السابق محمد أمكراز الذي استغل اجتماع اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية، الذي عاد لقرار تسقيف الولوج إلى التعليم الذي اتخذته وزارة التربية الوطنية ابتداء من الموسم الدراسي الحالي، مجددا رفض حزبه لهذا القرار الذي قال إنه “يكرس الهشاشة في سوق الشغل ويزيد من ارتفاع معدلات البطالة في صفوف حاملي الشهادات”. وكمحاولة منه لاستقطاب فئة الشباب المغربي لفت الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية إلى أنه “من باب النُصح للحكومة نقول لها إن تبعات هذا القرار على سوق الشغل ستكون سلبية من خلال ارتفاع أرقام البطالة”، مشيرا إلى أن الطلبة الذين يتخرجون من الجامعات سيكونون ملزمين بعدم الاشتغال في أي مكان، بحيث سينتظرون اجتياز مباريات التعليم بعد الشرط الذي اعتمدته الحكومة والمتعلق بمنع الاشتغال قبل اجتيازها، وهذا من منطلق حرصه على مصلحة الحكومة وعلى مصلحة الشباب العاطل عن العمل. شريفة لموير: حزب العدالة والتنمية لم يبرح بعد صدمة الثامن من سبتمبر ورغم ما قاله رئيس المجلس الوطني حول الاعتراف بالأخطاء التي تم ارتكابها خلال تدبير الشأن العام لعقد من الزمن، إلا أن هناك قيادات مازالت تكابر في الاعتراف ويبدو أنها تحتاج إلى وقت طويل للتكيف مع نتائج الانتخابات، ومنهم رئيس اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية حسن حمورو، الذي قال إن “الانتخابات مخدوشة المصداقية والنزاهة، بدليل احتجاج كل الأحزاب السياسية بما فيها المشاركة في الحكومة، في بيانات مشتركة، على عامل من عوامل هذا الخدش، وهو الاستعمال المفرط للمال، إن البلاد في حاجة ماسة إلى حكومة أفضل من هذه”. وقالت لموير إنه “إلى جانب مواقف بعض القيادات فإن مجموعة نيابية صغيرة للحزب غير قادرة على المعارضة بحكم أن الحزب كان المسؤول عن التسيير طيلة ولايتين، ولهذا فمن الصعب الحديث عن عودة الوضع كما كان عليه قبل المحطة الانتخابية الماضية”. وأكدت أن حزب العدالة والتنمية اليوم يعيش ما عاشه حزب الاتحاد الاشتراكي بعد قبوله الدخول للأغلبية الذي صاحبه تراجع لم يتحسن إلى الآن، لذلك فالمواطن المغربي يمارس حق التصويت العقابي إن صح التعبير ضد الأحزاب التي فقد ثقته فيها وبالتالي فإن اعتراف حزب العدالة والتنمية اليوم بكل إخفاقاته في التسيير لن يحصد بسهولة تعاطف المواطن المغربي. وكردّ غير مباشر على تقييمات العدالة والتنمية للحكومة الحالية، أكد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ووزير العدل عبداللطيف وهبي أن “حكومة رجال الدولة تنشغل بالإكراهات لا بالمزايدات، وتنشغل بالتحديات الجيوستراتيجية الكبيرة التي تواجه المغرب وإكراهات الحفاظ على إرث وصورة المملكة، كنموذج ديمقراطي وتنموي وحقوقي رائد في أفريقيا والمنطقة العربية، وهذا وحده كاف لإثارة كيد الكائدين وغيظ الغائظين”. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :