الغزو الروسي لأوكرانيا وتأثيره على دول الخليج وسوق الطاقة العالمي

  • 3/23/2022
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬أعقاب‭ ‬غزو‭ ‬روسيا‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ارتفعت‭ ‬أسعار‭ ‬الوقود‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬كبير‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لزيادة‭ ‬الإنتاج‭. ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬للسعودية‭ ‬للقاء‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬ولقاء‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‮»‬‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬مارس،‭ ‬حيث‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬الجهتين‭. ‬وجاء‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬رفض‭ ‬طلب‭ ‬مماثل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬‭. ‬وكان‭ ‬أبرز‭ ‬المحاولات‭ ‬فشل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬مكالمات‭ ‬هاتفية‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬السعوديين‭ ‬والإماراتيين‭ ‬حول‭ ‬نفس‭ ‬الموضوع،‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2022‭.‬ ورغم‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات،‭ ‬كان‭ ‬القادة‭ ‬الخليجيون‭ ‬حازمين‭ ‬في‭ ‬موقفهم،‭ ‬ورفضوا‭ ‬تغيير‭ ‬سياساتهم‭ ‬وعقودهم‭ ‬لإرضاء‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬وحلفائها‭. ‬وتحدث‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬عن‭ ‬استراتيجية‭ ‬تحوط‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬التي‭ ‬تتجنب‭ ‬الانجرار‭ ‬إلى‭ ‬النزاعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬لكنهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬تساءلوا‭ ‬عن‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬سيستمر‭ ‬فيها‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬وأشار‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬قد‭ ‬تغري‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للانخراط‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الأزمة‭.‬ وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جون‭ ‬ألترمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬‮«‬محجمة‭ ‬عن‭ ‬عزل‭ ‬روسيا»؛‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬التصورات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بانسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬إميل‭ ‬حكيم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬رفض‭ ‬مطالب‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفائها،‭ ‬يمثل‭ ‬استمرارًا‭ ‬لـ«السلوك‭ ‬التحوطي‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬ وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬علق‭ ‬‮«‬توبياس‭ ‬بورك‮»‬،‭ ‬و«جاك‭ ‬سينوجليس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬التحدي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتطورات‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬التضحية‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الودية‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬معضلة‮»‬‭ ‬للجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ماكس‭ ‬كولشيستر‮»‬،‭ ‬و«سمر‭ ‬سعيد‮»‬،‭ ‬و«ستيفن‭ ‬كالين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تعريض‭ ‬اتفاقها‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬‭ ‬للخطر،‭ ‬والذي‭ ‬يتضمن‭ ‬الالتزام‭ ‬العالمي‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬زيادات‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬عند‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميا‭ ‬كل‭ ‬شهر‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬إيلين‭ ‬والد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬حصص‭ ‬الإنتاج‭ ‬‮«‬تأتي‭ ‬في‭ ‬طليعة‮»‬،‭ ‬مخاوف‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمحاولتها‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.‬ واستمرارًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحجة،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬سينزيا‭ ‬بيانكو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرياض‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تريد‭ ‬تسييس‭ ‬النفط،‭ ‬وإخلال‭ ‬التوازن‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفضت‭ ‬دعوات‭ ‬متعددة‭ ‬لزيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬كبح‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬بورك‮»‬،‭ ‬و«سينوجليس‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬دولًا‭ ‬مثل‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬‮«‬لديها‭ ‬القدرات‭ ‬الاحتياطية‭ ‬لضخ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬النفط‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬تطلب‭ ‬منها‭ ‬ذلك‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«بيانكو‮»‬،‭ ‬ستكون‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬أيضًا،‭ ‬حذرة‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬روسيا‭ ‬للضغط‭ ‬عليها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتصلت‭ ‬سابقًا‭ ‬بقطر،‭ ‬والإمارات،‭ ‬والسعودية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لثنيها‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬‮«‬صدامي‮»‬،‭ ‬ضدها‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭.‬ وبحسب‭ ‬‮«‬بورك‮»‬،‭ ‬و«سينوجليس‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬رفض‭ ‬طلبات‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬متأثرًا‭ ‬على‭ ‬الأرجح،‭ ‬بممانعة‭ ‬تعكير‭ ‬صفو‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬موسكو‮»‬،‭ ‬و«الرغبة‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬بأنهم‭ ‬لن‭ ‬يفعلوا‭ ‬ما‭ ‬يطلبه‭ ‬الغرب‮»‬‭. ‬‭ ‬وحذرت‭ ‬‮«‬والد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬الموقف‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬يتعذر‭ ‬الاستمرار‭ ‬فيه‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬واصل‭ ‬القادة‭ ‬الغربيون‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬عليهم‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬استعداد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الخطط‭ ‬المُحددة‭ ‬سلفًا؛‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬بيانكو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يعتبرون‭ ‬روسيا‭ ‬شريكًا‭ ‬استراتيجيًا‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توقيع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬اتفاقيات‭ ‬تعاون‭ ‬عسكري‭ ‬معها‭. ‬وكما‭ ‬أوضحت‭ ‬الباحثة،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات،‭ ‬فإن‭ ‬روسيا‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬محل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬كضامن‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬تقف‭ ‬أيضًا‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إيران،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قاومت‭ ‬الجهود‭ ‬لاحتوائها‭.‬ ومع‭ ‬محاولة‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬الآن‭ ‬توجيه‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية‭ ‬إلى‭ ‬آسيا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬بديلة؛‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬نيكولاي‭ ‬كوزانوف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬‮«‬حدة‭ ‬المنافسة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬التصدير‭ ‬الآسيوي‭ ‬الرئيسي،‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬المنطقة؛‭ ‬توقعت‭ ‬‮«‬بيانكو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أخذ‭ ‬بالغ‭ ‬الحيطة‮»‬،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬توثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭. ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كولشيستر‮»‬،‭ ‬و«سعيد‮»‬،‭ ‬و«كالين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تعميق‮»‬‭ ‬روابطها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬بعد‭ ‬مغادرتها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬مما‭ ‬يضيف‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬المصداقية‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬وجود‭ ‬فوائد‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لاسترضاء‭ ‬الغرب‭ ‬خلال‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭.‬ وتأكيدًا‭ ‬لهذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬كوزانوف‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصورة‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬إحجام‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬الحالي‭ ‬إلى‭ ‬الانحياز‭ ‬كليًا‭ ‬للغرب،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬رغبة‭ ‬مستهلكي‭ ‬النفط‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬اعتمادهم‭ ‬على‭ ‬الصادرات‭ ‬الروسية،‭ ‬قد‭ ‬خلقت‭ ‬فرصة‭ ‬لزيادة‭ ‬وجود‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬‮«‬تدريجيا‮»‬‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬الأوروبية‭.‬ وبالفعل،‭ ‬اكتسبت‭ ‬السعودية‭ ‬موطأ‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬صفقة‭ ‬لتوريد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬واردات‭ ‬‮«‬بولندا‮»‬‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬وكذلك‭ ‬شراؤها‭ ‬حصة‭ ‬بمصفاة‭ ‬نفط‭ ‬محلية،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬أولجا‭ ‬ياجوفا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬قوضت‭ ‬موقع‭ ‬روسيا‭ ‬‮«‬المهيمن‭ ‬سابقًا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬البولندي،‭ ‬حيث‭ ‬سعت‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تقليل‭ ‬اعتمادها‮»‬‭ ‬على‭ ‬موسكو؛‭ ‬بعدما‭ ‬‮«‬ساءت‮»‬‭ ‬علاقاتهما‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فيكتور‭ ‬كاتونا‮»‬‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬جي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬إنيرجي‮»‬‭ ‬للاستشارات،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬هدف‭ ‬بولندا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقلال‭ ‬عن‭ ‬الإمدادات‭ ‬الروسية‭ ‬يحركه‭ ‬دوافع‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‮»‬‭. ‬ويتوقع‭ ‬المحللون‭ ‬أن‭ ‬صفقات‭ ‬أخرى‭ ‬مماثلة،‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬متاحة‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭. ‬وافترض‭ ‬‮«‬كوزانوف‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬رغبة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تسارعت‭ ‬بسبب‭ ‬أحداث‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تفيد‮»‬‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬الرئيسيين،‭ ‬مثل‭ ‬الرياض،‭ ‬وأبو‭ ‬ظبي‭.‬ وفي‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬نجاحات‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬وكما‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬كارين‭ ‬يونغ‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الغاز‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬الأساسي‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬الواردات‭ ‬الروسية‭ ‬منه‭ ‬الآن‮»‬‭. ‬ولتوضيح‭ ‬ذلك‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬بيانكو‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الأخير‭ ‬بخفض‭ ‬وارداته‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬بمقدار‭ ‬الثلثين،‭ ‬و«العزم‮»‬‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليه‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الدوحة‮»‬‭ ‬ملتزمة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬عقودها‭ ‬الحالية،‭ ‬فإنها‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬لمساعدة‭ ‬شركائها‭ ‬الأوروبيين‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬قد‭ ‬تتراءى‭ ‬فرصة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وذلك‭ ‬بالنظر‭ -‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬بيانكو‭- ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬‮«‬منافس‮»‬‭ ‬للدوحة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬السوق‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬العقوبات‭ ‬الشديدة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬والتي‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ (‬أوبك‭ ‬بلس‭) ‬بمرور‭ ‬الوقت‮»‬،‭ ‬خلص‭ ‬المراقبون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬‮«‬سيستمر‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬والخليج‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬قادمة‮»‬‭. ‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تبني‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬استراتيجية‭ ‬تحوط‭ ‬لتجنب‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬ستسهل‭ ‬تعاونًا‭ ‬أوثق‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬اندفاع‭ ‬الأخيرة‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الإمدادات‭ ‬الروسية‭. ‬

مشاركة :