يستعد العراق للبدء في أعمال تشييد أكبر منطقة صناعية على الخليج العربي في محاولة جديدة من الحكومة لتنشيط الاستثمار وتوفير فرص عمل للشباب. وكشفت هيئة استثمار البصرة أنها استكملت كافة الإجراءات الخاصة بإنشاء أكبر مدينة صناعية في المحافظة، وأعلنت عن البعض من تفاصيل هذا المشروع البالغة تكلفته التقديرية 15.4 مليار دينار (105 ملايين دولار بأسعار الصرف الرسمية). وتسعى الصناعة العراقية لتعزيز حضورها في السوق المحلية من خلال تفكيك العقبات التي تكبلها بالنظر إلى رخص السلع المهربة والتي تتسرب من المنافذ الحدودية، وتقادم المصانع نتيجة الحروب المتتالية خلال العقود الأربعة الماضية. علاء عبدالحسين: البصرة ستكون مدينة للخدمات الاقتصادية واللوجستية وقال رئيس الهيئة علاء عبدالحسين إن “الإجراءات الخاصة بإنشاء مدينة صناعية في المحافظة قد بدأت، وتم اختيار الموقع المناسب لتشييدها على مساحة ألف دونم (100 هكتار)”، وأن “المدينة بمشروعها الاستثماري تعد أول وأكبر مدينة صناعية في المحافظة”. وأوضح في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية أنه تم الحصول على موافقة الحكومة وهي الآن قيد الإنجاز، وأنه سيتم استكمال كافة الموافقات القطاعية تقريبا بالتنسيق مع الحكومة المحلية، مبينا أنه وبحسب مواصفات المشروع ستضم المدينة أكبر معمل للحديد والصلب في البلد النفطي، بطاقة تصل إلى أكثر من مليون طن من حديد التسليح. وإلى جانب ذلك ستحتوي المدينة على 6 مصانع أخرى للبنية التحتية بالشراكة مع كيانات ألمانية وستكون مختصة في إنتاج الإسفلت وصناعة الكونكريت إضافة إلى معامل متخصصة بصناعة حجر الأرصفة. وأكد عبدالحسين أن البصرة ستكون مدينة للخدمات الاقتصادية واللوجستية وستسهم في تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة خلال السنوات المقبلة. وكانت الهيئة قد أعلنت في وقت سابق هذا العام منح إجازة استثمار لإنشاء المدينة الصناعية جنوب المحافظة التي من المتوقع إنجازها في غضون عام واحد. وقال عبدالحسين حينها إن “هيئة استثمار البصرة منحت إجازة استثمار لشركة النرجس العراقية بهدف إنشاء مدينة صناعية جنوب المحافظة”. ويدرك المسؤولون مدى سوء الأوضاع المالية التي تمر بها البلاد، لذلك يحاولون الإسراع في تنفيذ استراتيجية طموحة لبناء مدن صناعية في مختلف المحافظات بهدف تعزيز الإيرادات وتوفير فرص عمل للمواطنين الغاضبين من استشراء الفساد وسوء إدارة الطبقة السياسية للأزمة الاقتصادية. وفي نوفمبر 2020 قالت وزارة الصناعة إنها تعتزم إنشاء 9 مدن صناعية جديدة في محافظات الديوانية والمثنى وبابل وواسط والنجف وميسان وصلاح الدين وديالى وكربلاء بعد إكمال تحويل ملكية الأراضي، وأنها تعمل على إكمال تنفيذ أربع مدن أخرى. Thumbnail وتشير التقديرات إلى أن مساهمة قطاع الصناعة التي كانت تنافس أفضل المنتجات العالمية تراجعت إلى اثنين في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت تبلغ حوالي 10 في المئة قبل الغزو الأميركي في 2003، رغم وطأة الحصار الدولي في ذلك الحين. ويعاني الاقتصاد العراقي من الشلل منذ عقدين من الزمن بسبب سوء الإدارة، وباتت الموازنة تعاني من الإدمان المفرط على عوائد صادرات النفط في تلبية حاجات البلاد من السلع والخدمات المستوردة من الخارج. وساهمت عوامل كثيرة في تدهور الصناعة أبرزها تولي مناصب المسؤولية من قبل شخصيات لا تتسم بالكفاءة بسبب المحاصصة الطائفية وتشجيع الطبقات السياسية على الاعتماد على الاستيراد لتمرير صفقات الفساد. كما عمقت سياسة إغراق السوق بالسلع الأجنبية أزمات الإنتاج المحلي وازدهار عمليات غسيل الأموال وتهريبها واستنزاف العملة الصعبة، ما أدى إلى سقوط البلاد في أزمة اقتصادية خانقة بعد انحدار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 قبل أن يعاود الصعود فوق حاجز المئة دولار بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.
مشاركة :