علي الرباعي: المجتمع يعشق ثقافة التيك أواي

  • 3/23/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شاعر وقاص وباحث وصحافي سعودي يجمع بين عشقه للنص وشغفه الصحفي، ومساهماته الفكرية في قضايا إشكالية تهم المجتمع، ذلك هو علي الرباعي الذي قدم للمكتبة العربية حتى اليوم عددا من الإصدارات المهمة التي تنوعت بين الشعر كديوانه “لا يلتفت منكم أحد!” الصادر في العام 2007، ومجموعته القصصية “هس” 2008، إلى جانب عدد من الكتب الفكرية والبحثية التي تغوص في عمق المجتمع السعودي والتحولات الفكرية والثقافية التي يشهدها. وناقش الرباعي في كتبه العديد من القضايا الهامة على غرار ما قدمه في كتابه “الصحوة في ميزان الإسلام – وعّاظ يحكمون عقول السعوديين” و”الثوار الجدد في السعودية” و”هل السعوديون أعداء الدين؟” الذي يتطرق فيه إلى إشكالية العلاقة التي تجمع بين الدين كنص والخطاب الإسلامي المعاصر، وأيضا ما قدمه في كتابيه “صراع التيارات في السعودية” و”القرآن ليس دستوراً”. الشعر والصحافة والشغف يبدأ الرباعي حواره مع “العرب” بالحديث عن موقعه كمؤلف متعدد الاهتمامات وأين يقف كشاعر بين الصحافة والبحث العلمي، إذ يقول “أزعم أن الشِّعر أشدُّ غيرة من فاتنة لا تقبل شريكاً ولا شريكةً في قلب عاشقها وحبيبها، يبدو أنني لم أنتبه لتلك الملاحظة مبكراً، فخُضتُ غِمار أكثر من بحر في وقت واحد على سبيل التجريب، دون خشية الغرق. واحتفظتُ بالشعر صديقاً لصباحات البهجة، فلا أجمل من استقبال النهارات بنص للبردوني، أو المقالح، أو محمد الثبيتي، أو قاسم حداد، أو محمود درويش، أو المرور بمواقع القصائد، ومنصات التواصل لأجد لقطة تُنعشُ يومي كاملاً”. الصحافي الشغوف عادة يطمح إلى بلوغ سقف غير مرئي، فكلما ذُكرت أمامه شخصية فذّة تمنى وتطلّع إلى محاورتها الكاتب يؤكد أنه ما زال يريد أن يتناول في كتاباته قضايا جادة تستحق الطرح وتفتقر إلى حديث متخصصين ويضيف “الصحافة مهنة شاقة وشيّقة، ولكني سعيدٌ جداً بها، فهي تملأ الوقت بدءا من التفكير في ‘ماذا بعدُ؟’ مروراً بتحرير خبر، أو إجراء تحقيق، أو محاورة ضيف، وليس انتهاءً بكتابة مقال، وكل ذلك يشعرك بكينونة فاعلة ومنفعلة ومتفاعلة”. ويتابع الرباعي “لا أُخفي عنك أن العمل مع رئيس تحرير بقامة الأستاذ جميل الذيابي يغري بالاستمرارية مهما كانت الظروف والصوارف، وأشبّه وضع الصحافيين المُغرمين بالمهنة بفرقة الموسيقى في سفينة ‘تيتانيك’؛ السفينةُ تغرق وهم مشغولون بإتمام المعزوفة، وخصوصاً أن الرئيس الجميل يناديني ‘صديقي’ و’رفيق الحُب والحرب’ أخشى أن أكفر بنعمة الحُبِّ، فأدفع ثمن الحرب. فيما تظل للبحث مساحة أوسع، وبه أحوّل أضيق فكرة إلى أوسع مقال، ولو لم أكن صحافياً؛ فمَنْ سيستوعب قصائدي وأفكاري المجنونة؟”. عن ثنايا اهتماماته الفكرية كباحث -له عدد من الكتب الإشكالية والمثيرة للجدل والتي تقتحم مناطق غير مطروقة في المجتمع السعودية- يقول الرباعي “كانت جدلية في وقتها، وما تمنيناه بالكتابة رأيناه بالقرارات والتحولات المتجاوزة أمانينا وأحلامنا، وتجربتي البحثية تصدق عليها مقولة ‘راصد الظباء لا يقنص بمهارة’، فأحياناً الفكرة تحتاج إلى جهد وتقصٍ مُعمّقين؛ إلا أن خشيتي من سرقتها أو نسيانها تدفعني إلى بثها ونشرها وتحمل تبعات ردود أفعال الحكماء والحمقى”. وفي العودة إلى ما يبدو علاقة حميمة تربط الرباعي بالعمل الصحفي الذي يعتز بالانتماء إليه محققا ومحاورا نشطا على عدد من المنابر الإعلامية السعودية مثل صحيفة “عكاظ” التي يدير مكتبها في طور الباحة، وعن تقييمه لتجربة العمل الصحفي وهل أخذت منه الصحافة شيئا وماذا أعطته في المقابل، يقول “عملي الصحفي لا أقيّمه ولو كان قيّماً، إلّا أني أعتني به جيداً، طرحتُ قضايا لم يسبق طرحها، وأظن أني استضفتُ في أعوام أسماء عربية وخليجية أنارت لي دربي قبل أن تنير للقراء، ومازلتُ طموحاً بتناول قضايا جادة تستحق الطرح وتفتقر إلى حديث متخصصين، الصحافي الشغوف يطمح إلى بلوغ سقف غير مرئي، فكلما ذُكرت أمامه شخصية فذّة تمنى وتطلّع إلى محاورتها، ولا أُبالغ إن قُلت إن شخصية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان محفّزة لهمتي المتطلعة إلى الظفر بحوار مطوّل معه”. ثقافة التيك أواي في الحديث عن الصحافة السعودية لا يغيب عن الذهن عدد من التساؤلات التي يمكن طرحها على الرباعي حول الصحافة الثقافية في السعودية التي يعد اليوم أحد نجومها، وهل تمر بأحسن مراحلها أم أسوئها؟ وكيف يقيّم تجربته كصحافي ثقافي في المقام الأول؟ يجيب “هي بحسب رئيس التحرير، كلما كان الرئيس مغرماً بالثقافة فالثقافة في صحيفته بخير، حتى وإن تفككت منظومة الثقافة الصلبة، وانخرط القوم في مطاردة السيولة، باعتبار أن الصلب ثقيل ومُكلِف، ونتائجه تحتاج إلى مدى طويل. المجتمع يعشق أطعمة التيك أواي، وثقافة التيك أواي، وهلمّ جرا”. وعلى مرمى حجر من الصحافة الثقافية يبرز تساؤل آخر طرحناه على الباحث والأديب علي الرباعي حول المشهد الثقافي السعودي بشكل عام وهل يمر اليوم بمرحلة تحول تواكب التحولات المتعددة التي تشهدها المملكة، فيقول “هو مشهد لثلاثة أنماط من الأجيال، نمط من الجيل السابق للعصور، ونمط مواكب بمهارة، ونمط فاته القطار وهو ينتظر في محطة الأمل”. وفي عمق هذا المشهد ننفذ بسؤال آخر أكثر خصوصية، حول ما كان يعرف بظاهر “تسونامي الرواية السعودية” ولماذا انحسرت ولم نعد نسمع أصداء عراك نقدي وأدبي حول رواية سعودية جديدة، كما حدث في مطلع القرن الحادي والعشرين على سبيل المثال. وعن هذه الظاهرة يقول “كل الطفرات ينطفئ وهجها سريعاً، مرّت بنا طفرة اقتصاد مفاجئة وانتهت، وأعقبتها طفرة تديّن غير منضبط وضُبطت، وأعقبتها طفرة روائية سرعان ما تراجعت، والطافر مصطلح شعبي لمرق الطبيخ حين يتسرب من تحت غطاء القدر بسبب زيادة النار، وما طفر من إناء يغلي؛ يطفئ النار، وينقص الماء، ويحرق القِدر، ويحرم المترقبين للمائدة، ما ينمو ببطء يعيشُ طويلا”. وحول تقييمه لتجربة الأندية الأدبية في السعودية يختتم الرباعي حديثه مع “العرب” بإجابة موجزة “اجتهدت الأندية جميعها، ولكل مجتهد نصيب، وإن كان ليس كل مجتهد مُصيب”.

مشاركة :