الصبان: منتجون من خارج «أوبك» ينتجون بأقصى طاقتهم الإنتاجية ويعولون عليها لتحقيق استقرار السوق

  • 12/1/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

قال المستشار النفطي د. محمد الصبان، إن منظمة الأوبك لا تستطيع وحدها فعل شيء في الفترة الحالية مع انخفاض أسعار البترول، مبيناً أن نصيبها في مجمل الإنتاج العالمي لا يزيد عن 32%، موضحاً أن هناك منتجين كبارا من خارج المنظمة ينتجون بأقصى طاقتهم الإنتاجية، ويعولون على الأوبك كما تعودوا في الماضي لتحقيق استقرار السوق ويستمرون "راكبا مجانيا" لا يتحملون أي عبء. وأضاف الصبان في حواره مع" الرياض" ان الأوبك في انتظار استجابة هؤلاء المنتجين من خارجها للتعاون سوية في تحقيق استقرار الأسواق لما فيه مصلحة لجميع المنتجين، متوقعاً ألا تتبنى أوبك أي خطوة فعالة خلال الاجتماع المقبل في الرابع من ديسمبر 2015، فإلى الحوار التالي. تقلبات عديدة * بداية.. تشهد أسواق النفط العالمية تقلبات عديدة، ماهي قراءتك لأسعار النفط حاليا ومستقبلا؟ - إن المتابع لسوق النفط العالمية لم يستغرب ما حدث من تطورات قادت الى تدهور الأسعار بشكل كبير خلال الثمانية عشر شهرا الماضية منذ يونيو من العام الماضي، فبقاء أسعار النفط أعلى من مئة دولار للبرميل خلال فترة طويلة من 2010-2014 مما ساهم في تأصيل التغيرات الهيكلية في جانبي العرض والطلب، وأيضا ساهم هذا الارتفاع في الأسعار في زيادة العرض العالمي من النفط سواء التقليدي منه أو غير التقليدي، والذي لم يكن ليتم انتاجه لو لم تصل الأسعار إلى مستويات المئة دولار للبرميل نظرا لارتفاع تكاليف انتاجه، كما أن الطلب العالمي على النفط شهد تباطؤا في النمو نتيجة للأسعار المرتفعة وتعزيز الدول المستهلكة لسياسات الترشيد وتخفيض معدل كثافة استخدام الطاقة لإنتاج كل وحدة من وحدات الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، إضافة إلى الاحلال المتسارع لمصادر الطاقة الأخرى على حساب النفط في ميزان الطاقة العالمي. النمط الريعي لاقتصادنا لابد وأن يتغير عبر الفرد السعودي في الابتكار والإبداع والإنتاج تغيرات هيكلية * هل ساهم التطور التقني المتسارع في تعزيز هذه التغيرات الهيكلية؟ - بالتأكيد أصبحت التغيرات لا تستجيب لأسعار النفط المنخفضة بالرغم من مرور أكثر من عام ونصف على تدهورها وأصبح الفائض النفطي الضخم يجثو على السوق ويحجب عنها التأثيرات الجيوسياسية التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم، ولهذا أدرك المتعاملون في هذه السوق بأنه لا شيء يلوح في الأفق القريب يمكنه أن يزحزح هذا الفائض دون تخفيض في الإنتاج، الذي سيكون اما اجباريا عن طريق انقطاع امدادات منطقة إنتاجية كبيرة للنفط، أو اجراء تخفيض طوعي من قبل كبار المنتجين للنفط من داخل وخارج منظمة الأوبك، ولا تبدو إمكانية قريبة لحدوث أي من هذين العاملين، واذا أضفنا للفائض النفطي الحالي والمقدر بحوالي 2.5 مليون برميل يوميا، فالزيادات القادمة من النفط الإيراني والعراقي وأيضا الليبي المحتمل وغيره، فإن العام المقبل 2016 سيكون نسخة طبق الأصل من مستويات أسعار النفط ان لم تكن أقل في بعض فترات العام، ولا يُجدي أن يتفاءل بعض وزراء الأوبك بأن تحسنا كبيرا سيطرأ على الأسعار العام المقبل، وهم بذلك لا يفرقون بين الأماني والواقع. توقعات مستقبلية *ما التوقعات للسياسة التي ستنتجها"أوبك" في الفترة المقبلة؟ - الحقيقة أن منظمة الأوبك لا تستطيع وحدها فعل شيء في الفترة الحالية مع انخفاض أسعار البترول بسبب أن نصيبها في مجمل الإنتاج العالمي لا يزيد عن 32%، إلى جانب أن هناك منتجين كبارا من خارج المنظمة ينتجون بأقصى طاقتهم الإنتاجية، ويعولون على الأوبك كما تعودوا في الماضي لتحقيق استقرار السوق ويستمرون "راكبا مجانيا" لا يتحملون أي عبء، ولهذا الأوبك في انتظار استجابة هؤلاء المنتجين من خارجها للتعاون سوية في تحقيق استقرار الأسواق لما فيه مصلحة لجميع المنتجين، إلى أن يتم ذلك بصورة فعالة وانضباط مرتفع، وهو ما لا أتوقعه في اجتماع الأوبك المقبل في الرابع من ديسمبر 2015، وبالتالي لا أتوقع أن تتبنى الأوبك أي خطوة فعالة في هذا الاجتماع. بعض الوزراء لا يفرقون بين الأماني والواقع .. و2016 سيكون طبق الأصل من المستويات الحالية تنويع اقتصادي * كيف تصف تعامل المملكة مع الانخفاض في أسعار النفط.. وهل ستشهد المرحلة المقبلة عمليات تنويع اقتصادي؟ - لا زالت المملكة تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، والتي تمثل أكثر من 90% من الإيرادات الحكومية، وبالرغم من الجهود الكبيرة لتطوير مختلف القطاعات الاقتصادية، إلا أن ذلك أثبت أنه ليس بالأمر السهل، بل يحتاج الى جهود مضاعفة والتزام بأهداف رقمية وزمنية لتحقيق التنمية الشاملة الهادفة إلى تحقيق هذا التنويع الاقتصادي المطلوب، وهنالك إدراك كبير من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لهذا الأمر، ولرب ضارة نافعة، فانخفاض أسعار النفط بهذه النسبة المرتفعة قد أوضح حقيقة لا مفر منها وهي أن النمط الريعي لاقتصادنا لابد وأن يتغير وأن نتحول تدريجيا الى اقتصاد منتج يكون الفرد السعودي أساسه في الابتكار والابداع والإنتاج، وأنا متفائل بدور المجلس وجديته في ظل توجيه القيادة له بتحقيق ما كنا نأمل تحقيقه منذ عقود. حلول عاجلة *ماهي الحلول الممكن اتباعها لتجنب حدوث عجز مالي في الميزانية في حال استمر انخفاض أسعار النفط؟ - بدأت الحكومة بتبني بعض السياسات الرامية لتقليص عجوزات الميزانية سواء بالنسبة للعام الحالي أو الأعوام المقبلة التي قد يستمر فيها انخفاض أسعار النفط والتي يمكن تلخيصها من خلال ترشيد الانفاق الحكومي، والذي سيتحقق بعد ترتيب الأولويات التنموية والتي يُفترض أن لا تُمس مثل الانفاق على التعليم والصحة وبعض مرافق التجهيزات الأساسية الضرورية كالنقل العام على سبيل المثال، كما أن القضاء على الهدر والفساد ومعالجة أسباب تعثر المشروعات، يؤدي الى توفير مئات البلايين من الريالات للخزينة السعودية تساعدها في تقليص العجز القائم في الميزانية، إلى جانب زيادة إيرادات الدولة، وهنالك مجموعة من البدائل المتاحة للحكومة لزيادة إيراداتها ومنها على سبيل المثال لا الحصر، التوسع في برامج تخصيص بعض المرافق الحكومية رغبة في زيادة كفاءة أدائها وانتاجيتها من جهة، وزيادة الإيرادات من جهة أخرى، أيضا فإنه بالإمكان مراجعة مختلف أوجه الدعم المالي المباشر وغير المباشر الذي تقدمه الحكومة بما لا يضر بمحدودي الدخل. وإلى أن يتم هذا الامر والذي قد يستغرق وقتا حتى يكتمل، فقد لجأت الحكومة الى السحب من الاحتياطيات المالية الكبيرة التي تحققت أيام العصر الذهبي لأسعار النفط، وأيضا لجوئها الى الاقتراض الداخلي "دون الخارجي وهو الأفضل". وقف التهريب * لماذا أصبحت مسألة تهريب الوقود سمة من سمات سوق الطاقة المحلي؟ - لقد شاع هذا التصرف وأصبح ظاهرة يصعب التعامل معها بالرغم من العقوبات المتشددة على الذين يقومون بذلك، ومنشأ هذه الظاهرة الاستنزافية لمواردنا الطبيعية، هو الاختلاف الكبير بين أسعار الوقود في المملكة والدول المجاورة بما فيها دول مجلس التعاون، وبالرغم من المحاولات في إطار مجلس التعاون لتوحيد أسعار الوقود في دول المجلس، إلا انها لم تتحقق ولازالت المملكة أقل الدول تسعيرا للوقود في منطقتنا، وبالتالي فمن البديهي أن يستمر التهريب للوقود طالما وأن المهرب يتمتع بفارق سعري كبير لصالحه، لذا فإن المراجعة الشاملة لأسعار الوقود أصبحت ضرورية وملحة.

مشاركة :