نقيب المهندسين طارق النبراوي لـ"العرب": نقابتنا مهنية وخدمية ولن تكون سياسية

  • 3/23/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حملت نتائج انتخابات نقابة المهندسين التي جرت مؤخرا مفاجأة للمهتمين بالشأن العام المصري، حيث أسفرت عن فوز المرشح المستقل طارق النبراوي في مواجهة هاني ضاحي وزير النقل الأسبق الذي حظي بدعم جهات ومؤسسات رسمية عديدة، وحصل على تأييد إعلامي لافت. وحسم النبراوي النتيجة بفارق نحو ألفي صوت عن منافسه وهو ما كان كافيا لتأكيد حجم شعبيته أمام ضاحي الذي تفوق في الجولة الأولى من الانتخابات، وخسر نصف مؤيديه تقريبا في الجولة الثانية ورجحت كفة النقيب غير المدعوم من أي جهة رسمية إلا ثقة مهندسي مصر والتفاف الشباب حوله، وقدم نجاحه درسا بالغا. وفسر متابعون النجاح على أنه رسالة احتجاج من المهندسين ضد الحشد المؤسسي لضاحي، وأنه بمثابة تصويت عقابي ضد عملية التدجين والتوجيه الانتخابية في النقابة العريقة، إلى جانب أنه كشف حالة عدم الرضا في صفوف المهندسين عن أداء النقيب السابق (هاني ضاحي) الذي لم يمنح النقابة الوقت الكافي أو البرنامج اللازم لتطويرها وقدم أداء باهتا كنقيب للمهندسين على مدار السنوات الأربع الماضية. ويقول المتابعون إن هذه النتيجة يمكن أن تعيد الحيوية للنقابات المهنية التي كانت رأس حربة في العمل السياسي خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك، ويمكن البناء على نتيجتها في نقابات أخرى ما يمنح الأجواء العامة سخونة افتقدتها مؤخرا. والتقت “العرب” النبراوي الذي تحدث عن معركته الانتخابية وخططه وبرنامج عمله وكشف النقاب عن التداخل بين النقابي والسياسي. ورأى أن المشهد المبهر والمفاجئ في جولة الإعادة لانتخابات النقابة وإقبال المهندسين على المشاركة والتصويت لصالحه وقلب الموازين بهذا الشكل “تأكيد على الرغبة في نقابة تعبر عنهم ويرفضون جميع الأشكال القائمة في النقابة”. رسائل في اتجاهات مختلفة النتيجة حظيت باهتمام الرأي العام الذي استقبل فوز النبراوي بحفاوة لأنه حمل دلالة بحدوث تغيير دون إرادة الحكومة مع أن نقابة المهندسين مهنية وانتخاباتها تخص قطاعا محددا في المجتمع المصري، إلا أن النتيجة هذه المرة حظيت باهتمام الرأي العام الذي استقبل فوز النبراوي بحفاوة كبيرة لأنه حمل دلالة سياسية بشأن حدوث تغيير دون إرادة الحكومة التي اعتقدت أنها تمكنت من السيطرة على الأوضاع داخل النقابات. كما أن تزامن سقوط ضاحي في نقابة المهندسين مع فشل وكيل أول مجلس الشيوخ بهاءالدين أبوشقة في انتخابات جرت على رئاسة حزب الوفد الليبرالي، أوحى بالتفاؤل بشأن إمكانية حدوث تغيير سياسي في مصر. وأوضح النبراوي لـ”العرب” “منذ اليوم الأول عملنا على أن انتخابات المهندسين نقابية بصورة أساسية وجرى الاهتمام بتقديم أفكار تفيد الأعضاء، بينما لجأ البعض إلى أساليب أخرى وأخطأت جهات وشركات عندما أعلنت تأييدها لمرشح بعينه وقدمت له خدمات لوجستية وترويجية وإعلامية غير مسبوقة، وتحولت بعض البرامج التلفزيونية لتأييد قائمة معينة وحُرم مرشحون على قوائم أو كمستقلين من الظهور في الإعلام، وأثار هذا النهج اهتمام الرأي العام المصري بالمعركة واستفز الأداء غالبية المهندسين واتخذوا موقفا مناهضا للتدخل السافر”. وأضاف “أثبت المهندسون رفضهم لأي تدخل وأصروا على اختيارهم وتقبلوا برنامجي الانتخابي القائم على العمل النقابي، وكان تأييدهم لي تعبيرا عن ضرورة أن يبتعد العمل النقابي عن العمل السياسي تماما”. نقابة غير حزبية منشغلون بعالمنا منشغلون بعالمنا يتبنى النبراوي مفهوما مفاده أن نقابة المهندسين مستقلة ومهنية ولا ينبغي ممارسة نشاط سياسي بها، ومحركه الأول مصالح المهندسين وأن يصدر قرارهم من مقر نقابتهم وليس من أي جهة أخرى، وضرورة ألا تخضع لأي حزب أو جماعة أو تكتل، وقراراتها تنبع من جمعيتها العمومية ومجلسها الأعلى. وأشار نقيب المهندسين إلى أن جزءا رئيسيا من الشعارات التي تبناها منذ تسعينات القرن الماضي ينطلق من أن النقابات المهنية ينبغي ألا تمارس عملا سياسيا أو تتواءم مع أحزاب تريد تدجينها. وحافظ النبراوي على هذا التوجه منذ مشاركته في العمل النقابي عام 2002، وكانت له مواقف واضحة ضد الحراسة التي فرضتها الحكومة على نقابة المهندسين والتصدي لمحاولات تحويل النقابات المهنية إلى جهات خاضعة للسلطة التنفيذية، ونجح في التصدي لذلك عبر قنوات شرعية في إنهاء الحراسة المفروضة على نقابة المهندسين بعد ثورة يناير 2011. ولخص رؤيته في أن الخلط بين العمل السياسي والنقابي عملية تؤدي لإفساد العمل والمصالح النقابية التي تقوم على أداء دور مجتمعي متمثلا في تقديم الرعاية لأفراد النقابة المهنية، والاهتمام بشؤون المهنة والارتباط بالمجتمع من خلال أهداف وأعمال محددة من دون انخراط في أي عمل سياسي. وتولى النبراوي منصب نقيب المهندسين من قبل (2014 – 2018) ووقتها عمل بهذه الرؤية وحرص على إبعاد النقابة عن المؤثرات السياسية، ونأى عن المشاركة في أي عمل حزبي، على الرغم من أن الكثير ممن شاركوا في فعاليات وأنشطة معينة تبنوا أفكارا سياسية، لكن ظلت خارج أسوار النقابة، ولم يسمح لأي شخص أن يُقحم الحوار السياسي في ما يخص المهنة والنقابة ورعاية المهندسين. ومع أن العادة جرت في مصر على ربط النقابات بالعمل السياسي وهناك أمثلة لنقابات مثل الصحافيين والمحامين، فكيف يمكن لنقابة المهندسين التي تضم أكثر من 800 ألف مهندس ألا يكون لها تماس أو تقاطعات مع الشأن العام، ويتساءل البعض عن مدى الأضرار التي تعود من إقحام السياسة في شؤون نقابة المهندسين. وحدد نقيب المهندسين الجديد رؤيته في حواره مع “العرب”، قائلا “السياسة مجالها الأحزاب بينما النقابة مهمتها الدفاع عن المهنة وأهداف المجتمع كافة، وغياب دور نقابة المهندسين في التسعينات (خلال فترة فرض الحراسة عليها بعد هيمنة جماعة الإخوان عليها) أدى إلى عدم إبداء رأيها في مهزلة بيع القطاع العام آنذاك، ما أدى إلى تضرر مهندسين، فلم تقم النقابة بدورها في هذه القضية والدفاع عن أعضائها”. ولفت إلى أن هذا المحدد لا يمثل ربطا سياسيا، لكنه دليل على العناية بمصالح الغالبية العظمى، وهو ما جعله يحرص على إخلاء النقابة من الشعارات السياسية، مؤكدا “لن تنخرط نقابة المهندسين في أي عمل سياسي أو حزبي، وقد يغضب البعض من كلامي، فمن خلال اهتمامنا بالمهنة ومصالح المهندسين نؤدي عملا جليلا للوطن من دون انخراط في مناقشة الأفكار السياسية والاختلاف حولها”. وشدد النبراوي على أن هذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إليه، فإذا أعلن عن لونه السياسي أو الحزبي وعمل بناء على التوجه حتما سيكون قريبا من زملاء ومعاديا لآخرين في نفس المهنة لأنهم يحملون انتماءات مختلفة، من هنا على الجميع أن يخلع الرداء الحزبي قبل دخول النقابة. يعد النبراوي أحد رموز الحركة الوطنية المصرية الحريص على أن يكون مستقلا في مواقفه وتوجهاته، ولأنه ليس محسوبا على النظام الحاكم شن منافسوه في الانتخابات الأخيرة حملات شرسة ضده، تارة باتهامه بأنه معاد لمؤسسات الدولة ولن يستطيع التفاهم معها، وأخرى بأنه ينتمي لجماعة الإخوان، على الرغم من أنه أحد الـ176 الذين دعوا إلى عقد جمعية عمومية غير عادية أنهت سيطرة الإخوان على نقابة المهندسين، وتم إجراء انتخابات بناء على قراراتها عام 2014. معاداة النظام الحاكم طارق النبراوي النقابة استشاري للدولة وهذا أمر لا مناقشة فيه، ومارست هذا الدور سابقا وسأعيد ممارسته بشكل كامل طارق النبراوي: النقابة استشاري للدولة وهذا أمر لا مناقشة فيه، ومارست هذا الدور سابقا وسأعيد ممارسته بشكل كامل واجهت “العرب” النبراوي بما يتردد حول موقفه السياسي، فقال “حاول الخصوم استخدام سلاح التشويه عندما تقدمت بشكل كبير في المعركة الانتخابية، في البداية اتهموني بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين وأنني بالتالي معاد للدولة، ثم زعموا أنني ضد قطاعات من المهندسين وسأتخذ إجراءات ضدهم عند الفوز بالانتخابات”. وذكر “أن هذه الذرائع سقطت وانتهت كل الاتهامات السياسية عندما صوت لي المهندسون وأولوني ثقتهم، فكان الرد على تلك المزاعم يسيرا، خاصة أن تجربتي في السنوات الأربع التي توليت فيها منصب نقيب المهندسين تدحض هذه الاتهامات، إذ كان التواصل مع مؤسسات الدولة في أفضل حال، وأثق في قدرتي على دعم العلاقة معها بما يحقق مصالح المهنة والمهندسين”. وقال “على العكس، لم تعر الدولة نقابة المهندسين اهتماما في الفترة الماضية لأسباب تخص عيوبا فيها والقائمين على إدارتها في المجلس السابق، وإذا نجحنا في إزالة هذا العوار عن طريق الجمعيات العمومية القوية والملتفة حول قيادتها وعدم وجود انشقاقات، ستحترم الدولة النقابة وسيكون التفاهم معها جيدا للغاية”. وتعتبر نقابة المهندسين الاستشاري الأول للدولة في المشروعات الهندسية، لكن حدثت فجوة في أثناء المجلس السابق الذي ترأسه ضاحي، وسحبت الدولة من النقابة قانون التصالح على المباني. وعن خطة النبراوي لإزالة الاحتقان بين النقابة وأجهزة الدولة، قال “إن النقابة استشاري للدولة وهذا أمر لا مناقشة فيه، ومارست هذا الدور سابقا وسأعيد ممارسته بشكل كامل وأمتلك أفكارا عدة بشأن كيفية تقديم استشاراتنا الهندسية للدولة، ومن المؤسف أن العلاقة بين الجانبين توترت الفترة الأخيرة”. وأشار إلى أن ثمة أزمة بسبب سوء الإدارة في ملفات عدة، ناتجة عن أن الدولة قدمت هدية كبيرة للنقابة ولها دور متميز في تنفيذ قانون التصالح على مخالفات البناء، لكن النقابة لم تتعامل بشكل مناسب مع هذا الملف وأهدرت الفرصة بما ترتب عليه خلاف رئيس الوزراء ووزير الإسكان مع النقابة، واستتبع ذلك إسناد هذه الأعمال لجهة أخرى غير النقابة. وأوضح أنه سيعمل على إعادة التواصل بين النقابة والدولة وسيقدم نموذجا مختلفا في الإدارة والمتابعة لكل ما يخص الدولة وثقته قوية في النجاح وإعادة اللحُمة بين المهندسين، وبين نقابة المهندسين والدولة. مجلس غير موال للنقيب النبراوي كشف أن ملفات الشباب ستكون على رأس الأولويات، وبينها التوظيف والتعليم الهندسي والتدريب ورقمنة النقابة وملف الإسكان جاء أعضاء مجلس نقابة المهندسين الجدد من خارج قائمة النبراوي ويبدو مجلسا غير موال له، وربما يواجه عقبات في إداراته للنقابة، حيث يرى متابعون أنه سيواجه صعوبة في التعامل مع بعضهم في اتخاذ القرارات المناسبة. لكنه أكد لـ”العرب” أنه يثق في عدم وجود مشاكل لأن أعضاء المجلس المنتخبين مهندسون ولهم أدوار مهنية ومنهم شباب يتطلعون للمستقبل، وكان يهمه أن ينجح أعضاء قائمته، ومع ذلك لن توجد مشكلة مع المجلس الجديد، حيث يحرص على العمل والتعاون معهم بما يحقق مصالح النقابة والمهندسين. ويعمل النبراوي على لمّ شمل المهندسين وتجنب الدخول في مشاحنات أو خلافات فرعية، ودعا المرشحين السابقين لمنصب النقيب ومن لم ينجحوا في الانتخابات للانضمام إليه والاستفادة من الأفكار المميزة في برامجهم، ووعد بإسناد مهام لهم. وتفاهم بعد نهاية الجولة الأولى مع مجموعة من المرشحين على منصب النقيب وتم الاتفاق على دمج البرامج وسيقوم بتنفيذ البرامج التي حازت على ثقة المهندسين بجانب برنامجه وتحقيق التكامل لصالح المهنة والمهندسين. وكشف أن ملفات الشباب ستكون على رأس الأولويات، وبينها التوظيف والتعليم الهندسي والتدريب ورقمنة النقابة وملف الإسكان، خصوصا أن ثمة مشكلات في كل مشروعات الإسكان وسيعمل على حلها سريعا، كما يحظى تحسين مشروع الرعاية الصحية بأولوية، بجانب تنمية موارد النقابة. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :