«أوبك» تحدد بوصلة الذهب الأسود في اجتماع يترقبه العالم

  • 12/1/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وسط ترقب عالمي بالغ بمستقبل النفط من حيث الحصص والأسعار، تتجه الأنظار يوم 4 ديسمبر (كانون الأول) إلى العاصمة النمساوية فيينا لمتابعة اجتماع أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، والذي سيتحدد على أثره بوصلة الأسعار والحصص خلال الفترة المقبلة. ويأتي الاجتماع وسط تلميحات تقودها الدول من خارج المنظمة على وجه الخصوص، بأن أوبك تشعل «حرب أسعار» من خلال سياسة الإبقاء على مستوى الإنتاج للحفاظ على الحصص السوقية، لكن أغلب المراقبين يرون أن التوجه التاريخي لسياسات المنظمة، الذي قادته السعودية بدعم من غالبية الأعضاء المؤثرين في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، هو القرار الأصوب من أجل الحفاظ على المنظومة الدولية لتداول النفط، رغم آثاره المتشعبة على الدول الأعضاء. ويرى خبراء دوليون في مجال النفط، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم خلال الفترة الماضية، أن «منظمة أوبك تؤكد إصرارها على المضي قدما في استراتيجية الحفاظ على الحصص السوقية، ولا ترضخ لمطالب خفض الحصص من أجل رفع السعر. ورغم أن البعض ينتقد ذلك فإن القرار في نهايته صحيح، لأن المنظمة لو خفضت إنتاجها فسوف تخسر جانبا من الأسواق من جهة، كما أن السعر سيظل عند مستواه نفسه لأن الدول من خارج المنظمة ستوفر الاحتياج، ما يعني أن خفض إنتاج الدول الأعضاء لن يضير غيرها بالأساس». ويقول الخبراء كذلك إن تنسيقًا بين أكبر منتجين في العالم، السعودية وروسيا، من شأنه تعديل بوصلة السوق وبالتالي الأسعار، لتأخذ منحى صعوديا يتوقع البعض وصوله إلى 80 دولارًا خلال عام 2016، مدعومًا بتراجع إنتاج النفط الصخري الأميركي بعد تخفيض منصات الحفر في الولايات المتحدة إلى ثلث عددها، فضلاً عن تراجع الاستثمارات في القطاع بقيمة مائتي مليار دولار. وبينما تسود توقعات بإبقاء الإنتاج دون تغيير خلال اجتماع أوبك، يظهر اتجاهان بداخل المنظمة. الأول يرى إبقاء السياسة الحالية دون تغيير، بينما يدعو الفريق الآخر لتخفيض الإنتاج. وشهدت الأيام القليلة الماضية بالفعل تصريحات لمسؤولين ترمي في اتجاه إبقاء سياسة المنظمة دون تغيير في الاجتماع المقبل، بينما أبدى منتجون صغار وأعضاء من خارج أوبك آمالا في الاستجابة لوجهة نظرهم التي تصب في اتجاه دعم موازنات دولهم. وكان من أبرز الموافقون على استراتيجية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة التي دافعت من خلال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي قائلاً: «لسنا نادمين على القرار الذي أخذناه. لم يكن لدينا أي خيار. نعم هو مؤلم لكثير من المنتجين في مختلف أنحاء العالم ونحن نتقاسم هذا الألم، لكن هذا لا يعني أننا مضطرون لعمل شيء ليس مستدامًا». وقال المزروعي إن قطاع النفط بحاجة لمراقبة العرض والطلب، وإنه لا يجب السماح لتخمة المعروض بتشويه السوق. وأبدى ثقته من أن السوق ستستقر من تلقاء نفسها وأنه يرى إشارات على هذا الاستقرار. وقال وكيل وزارة الطاقة الإماراتي مطر النيادي: «نعتقد أن سياسة أوبك سياسة صائبة.. وسيشهد العام المقبل تحسنًا في الأسعار. في 2016 قد نشهد بعض التصحيح في السوق». شاركه في الرأي الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الحكومية نزار العدساني متوقعًا أن الطلب على النفط الخام سيتحسن في نهاية المطاف مع انتعاش النمو الصيني في السنوات القليلة المقبلة بما يدعم الأسعار. وقال العدساني خلال مؤتمر في دبي: «سينتعش الطلب وسيستقر المعروض في ضوء نقص الاستثمارات، ومن ثم ستجد الأسعار دعمًا». وأضاف «أعتقد أن نمو الطبقة الوسطى في الصين والإنفاق على البنية التحتية يعني زيادة السيارات وارتفاع الطلب على الغاز ومنتجات أخرى، وسيواصل هذا الطلب النمو في نهاية المطاف». متوقعا استمرار المنافسة بين منتجي أوبك والمنتجين المستقلين. كما أعلنت الكويت مؤخرًا عن إنفاق رأسمالي قدره 120 مليار دولار على الطاقة في السنوات الخمس القادمة، وجرى تخصيص 50 مليار دولار من هذا المبلغ بالفعل لمشروع مصفاة الزور للوقود النظيف وبعض أنشطة المنبع ومشروعات البتروكيماويات. على الجانب الآخر، قادت إيران أطراف المعارضة من داخل أوبك يدعمها بعض صغار المنتجين في المنظمة، ومن خارج المنظمة روسيا، وفنزويلا التي ستعود للعضوية في الاجتماع المقبل. كما نقلت تصريحات ليبية وعراقية وجزائرية وجهة نظر المطالبين بتخفيض الإنتاج لرفع الأسعار، وهو ما يتماشى مع آراء تجار النفط الذين يهاجمون استراتيجية المنظمة، زاعمين أنها لا تضطلع بدورها الحقيقي. رئيس مركز الإعلام الاقتصادي العراقي ضرغام محمد علي، والمتخصص في قطاع النفط، طالب أوبك بتفعيل سياسة الحصص السوقية، لتعبر بشكل حقيقي عن مصالح الدول المنتجة، متوقعًا عدم تغيير في سياسة المنظمة الاجتماع المقبل. وتوقع محمد علي «أن يرتفع سعر النفط العام المقبل، لكن بحدود ضئيلة، لأن النمو في الطلب لا يزال أقل من المعروض، وهو ما لا يوفر الأجواء لارتفاعات كبيرة، لكن تعافي الاقتصادات العالمية قياسًا بالعام الماضي يعطي أملاً بانتعاش نسبي لسوق النفط، خصوصًا إذا ما تم تحجيم التهريب من قبل (داعش)». وأضاف: «لا أتوقع ولا يلوح في الأفق أي سعي لتقليل الإنتاج»، موضحا أن «السعر العادل للدول المنتجة هو بين 75 و85 دولارًا»، بحسب رأيه. * الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»

مشاركة :