مدريد - تعهد رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز الأربعاء بإقامة علاقات أكثر متانة مع المغرب بعد أن أعلنت حكومته دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء تحت سيادة المملكة بوصفها بالحل الواقعي والقابل للتطبيق. ويأتي تعهد سانشيز بينما يتعرض لهجوم حاد على المستوى المحلي من قبل قلة تعارض تغيير الموقف الاسباني من نزاع الصحراء ومن الجزائر الداعم لجبهة البوليساريو الانفصالية والتي استدعت سفيرها من مدريد للتشاور. ودافع رئيس الوزراء الاسباني عن موقفه، قائلا "إننا ننهي أزمة" دبلوماسية مع الرباط، لكن "الأهم هو أننا نرسي الأسس لعلاقات أكثر متانة مع المملكة المغربية". وأوضح سانشيز أن قرار حكومته الذي أثار ردود فعل حادة من اليسار والمعارضة اليمينية على حد سواء، "يعزز الموقف الذي أعربت عنه بالفعل الحكومات الإسبانية السابقة و "ينسجم مع الموقف الذي أعربت عنه دول قوية أخرى مثل فرنسا وألمانيا". وكان المغرب الذي اعتمد دبلوماسية هادئة وفي نفس الوقت حازمة في ما يتعلق بمسألة تعتبر من الثوابت الوطنية، ينتظر المبادرة الاسبانية من أجل إنهاء القطيعة مع مدريد. قال سانشيز خلال زيارته لجيب سبتة المغربي المحتل الواقع على الساحل الشمالي للمملكة إنه "لم يكن من الممكن أن تكون علاقات إسبانيا مقطوعة" مع "دولة إستراتيجية مثل المغرب". وتابع "الاتفاق حول مبادرة الحكم الذاتي يشمل إسبانيا والمغرب فقط"، مضيفا أن "الاتفاق سيسهم في ضمان استقرار وأمن مدينتي سبتة ومليلية وسينهي الأزمة الكائنة بالثغرين بل سيفتح آفاقا جديدة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين". وقال أيضا "العلاقات ستشهد مرحلة جديدة ستعمق أواصر التعاون بين البلدين، خاصة على مستوى التجارة والاقتصاد والسياسة والأمن"، مؤكدا أيضا أن "الاتفاق يقوم على الاحترام المتبادل لسلامة أراضي البلدين معا". وعرض رئيس الوزراء الاسباني كذلك إلى ردّ فعل الجزائر وامتعاضها من التقارب بين الرباط ومدريد وإنهاء الأزمة الدبلوماسية. وقال سانشيز "مدريد تجمعها علاقات استثنائية أيضا بالجزائر"، مضيفا أنها (الجزائر) "بمعية المغرب يشكلان حلفا استراتيجيا لإسبانيا، إلى جانب حلفاء دوليين آخرين". وأشار إلى أن "الدبلوماسية الصامتة ستحقق أسس التقدم بالنسبة إلى مدينة سبتة"، مشددا على أن "الاستقرار والأمن عنصران مهمّان في العمل الدبلوماسي لتجاوز أزمة الهجرة بالمعابر الحدودية". وختم بالقول "الوضعية السياسية مع المغرب كانت في حاجة ماسة إلى إيجاد الحل النهائي في أسرع وقت ممكن، ما تطلب ضرورة تكثيف قنوات التواصل في الأشهر الأخيرة عندما كانت القطيعة بين البلدين". وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها سانشيز علنا عن هذا الموضوع منذ إعلان حكومته الجمعة دعمها موقف الرباط بمنح حكم ذاتي للمستعمرة الإسبانية السابقة. وبلغت الأزمة التي سببها استقبال مدريد لزعيم بوليساريو إبراهيم غالي في أبريل/نيسان 2021 لتلقي العلاج من كوفيد-19 ذروتها مع وصول أكثر من 10 آلاف مهاجر معظمهم من المغربيين في مايو/أيار من العام الماضي إلى جيب سبتة على الساحل الشمالي للمملكة المغربية وذلك بعد تخفيف مراقبة الحدود من الجانب المغربي. وكعنصر رئيسي بالنسبة لمدريد، أشار سانشيز إلى أن "تطبيع" العلاقات هذا مع الرباط سيسمح بـ"تعزيز ما من شأنه السيطرة على الهجرة" من جانب المغرب الذي يتوجه منه معظم المهاجرين إلى السواحل الإسبانية. ويرتبط المغرب وإسبانيا بشراكة إستراتيجية في عدة قضايا من بينها الهجرة ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وقد أقرت مدريد في السنوات الماضية بأهمية الدور المغربي في إرساء الاستقرار بالمنطقة. وعمل البلدان بتنسيق عال بينهما في مواجهة كل ممارسات من شأنها أن تمس بأمن واستقرار المنطقة وتنظر مدريد للرباط بوصفها شريكا موثوقا أثبت على مدى عقود التزامه بتعهداته وساعد إلى حدّ كبير في إحباط العديد من المخططات الإرهابية في أوروبا. وقد اثنت الدول الأوروبية على قرار الحكومة الاسبانية بإنهاء الأزمة مع المغرب من خلال الاعتراف بواقعية المقترح المغربي للحكم الذاتي كحلّ واقعي لإنهاء عقود من النزاع في الصحراء وهو أمر ترفضه الجزائر وتدفع لتقويضه بكل الوسائل. ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء المغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة تصنفها الأمم المتحدة بين "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي". وتقترح الرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80 بالمئة من أراضيها الصحراوية، منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، بينما تدعو بوليساريو إلى استفتاء على تقرير المصير.
مشاركة :