نصف ساعة تجمع أوباما وبوتين والخلاف يستمر على مصير الأسد

  • 12/1/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

شهد مقر المؤتمر، أمس، لقاءات أساسية على هامش فعاليات قمة «كوب 21»، أهمها ما جرى بين الرئيسين؛ الأميركي والروسي، اللذين اجتمعا لمدة نصف ساعة وفق أوساط الكرملين. وإذا كان الاجتماع تناول الملفين الخلافيين الرئيسيين بين موسكو وواشنطن، وهما سوريا وأوكرانيا، فإن الملف السوري قفز إلى الواجهة. وسعى الكرملين إلى إبراز إيجابيات اللقاء «المغلق» حيث توافق أوباما وبوتين على الحاجة «لانطلاق مسار التسوية السياسية»، بينما شدد البيت الأبيض على ضرورة «إحراز تقدم» على طريق تنفيذ خريطة الطريق التي تقود إلى الحل السياسي، والتي تم الاتفاق عليها في فيينا نهاية الشهر الماضي. وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض إن الرئيس أوباما عبر عن أسفه حول إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي دخلت المجال الجوي التركي من سوريا، وطالب كلا من روسيا وتركيا بتخفيف حدة التوتر. وأشار إلى أن الزعيمين ناقشا الأزمة السورية وأهمية التوجه نحو إطلاق عملية تسوية سياسية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. وأضاف المسؤول أن «أوباما قال لبوتين إن الرئيس السوري بشار الأسد يجب عن يتنحى عن السلطة، كجزء من عملية الانتقال السياسي في سوريا. كما دعا أوباما إلى أن تقوم روسيا بتوجيه ضرباتها الجوية في سوريا ضد معاقل تنظيم داعش، ووقف الضربات ضد المعارضة السورية التي تقاتل نظام الأسد». وأضاف: «ناقش الرئيسان ضرورة تحقيق تقدم في عملية فيينا لوقف إطلاق النار والتوصل لحل سياسي للحرب الأهلية». من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في موسكو لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيسين أكدا عمليا ما جرى الاتفاق عليه حول اللقاء الأخير الذي جرى في فيينا على مستوى وزراء الخارجية بشأن التركيز على «التسوية السياسية». وأشارت المصادر إلى أن الطرفين يتفقان في الرأي حول ضرورة سرعة بدء الحوار بين وفد المعارضة السورية مع الوفد الحكومي من أجل تشكيل الحكومة المؤقتة، تمهيدا للإعلان لاحقا حول موعد الانتخابات الرئاسية، وطرح الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي. وأضافت أن الأطراف المعنية تنطلق في العملية السياسية من مبادئ إعلان جنيف الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012، وكذلك البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية الأخير في فيينا في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بينما أكدت ضرورة التنسيق مع المعارضة الوطنية المسلحة ضد تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية في سوريا. أما عن مستقبل الرئيس السوري الأسد وما قاله الرئيس الأميركي حول أنه يجب أن يرحل، قالت المصادر الروسية إن موسكو سبق وأعربت عن موقفها بهذا الشأن أكثر من مرة. واستشهدت بما قاله الرئيس بوتين يوم الخميس الماضي في مؤتمره الصحافي الذي عقده في الكرملين مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند. وكان بوتين أشار إلى «أن مستقبل الرئيس الأسد رهن إرادة شعبه». وقال: «إننا جميعا على يقين من أن نجاح مكافحة الإرهاب في سوريا مستحيل من دون عمليات أرضية، وليس هناك أية قوى أخرى للقيام بذلك ضد (داعش) و(جبهة النصرة) وغيرهما من التنظيمات الإرهابية غير القوات الحكومية في سوريا. ولذا فإنني أعتقد أن جيش الرئيس الأسد، وهو نفسه، يعتبران الحلفاء الطبيعيين في النضال ضد الإرهاب». وقال بوتين كذلك إنه توجد قوى أخرى على استعداد لمكافحة الإرهاب، بل وكشف عن الاتفاق بالفعل مع بعضها. وفي كلمته لدى تسلم أوراق اعتماد عدد من السفراء الأجانب في الكرملين أعرب بوتين عن أمله «في أن يتم في نهاية المطاف تشكيل تحالف واسع بالفعل، يتصدى للإرهاب بصورة منسقة، كقوة موحدة فعالة، ويدعم العسكريين الروس الذين ينفذون عمليات عسكرية ناجحة ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا». وإذا كانت التحفظات الأميركية «تلجم» اندفاعة باريس، فإن الخلاف الروسي - التركي الذي أعقب إسقاط المقاتلات التركية قاذفة روسية من نوع سوخوي 24، زاد من ارتباكها. وقد رفض الرئيس بوتين لقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة المناخ، مما يؤشر لعزم روسيا على السير بعيدا في خلافها مع تركيا. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده مستعدة للوساطة بين البلدين التي ترى فيها مصلحة خاصة لأنه سيكون من الصعب على باريس أن تسير بخطة إنشاء تحالف موحد بمواجهة «داعش» إذا كان التوتر والاتهامات المتبادلة مستمرين بين موسكو وأنقرة. من جهة أخرى، ضم عشاء ثنائي، مساء أمس، الرئيسين؛ هولاند وأوباما. ومن المتوقع أن يكون هولاند قد أطلع أوباما على نتائج اتصالاته مع الجانب الروسي ومع الأطراف الأخرى، بحثا عن تحقيق مبادرته الخاصة بالتحالف العريض الذي لم يحصل منه حتى الآن إلا على وعود بالتنسيق وتبادل المعلومات. وقد اعتبر هولاند أنه حصل على تنازل من بوتين الذي وعد بوقف قصف المعارضة «الشريفة»، شرط أن تقدم له باريس خريطة بأماكن وجودها. بيد أن هذا الخلاف لم يمنع الوزير فابيوس من الاستمرار في رمي شباكه والحديث عن إمكانية التعاون مع جيش النظام. وبعد أن كان قد أعلن هذا الأسبوع أن محاربة «داعش» التي تحولت إلى الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه باريس، يمكن أن تضم الجيش السوري الحر و«قوات سُنية» لم يحدد شكلها ومصادرها والقوات الكردية وقوات من النظام، تراجع نصف خطوة ليربط هذا التحول الذي أثار الاستهجان بحصول عملية انتقال سياسي؛ «حيث لا يمكن أن يكون الأسد مستقبل سوريا». وعاد فابيوس أمس ليطرح الإشكالية، ولكن بكلمات جديدة إذ أعلن لإذاعة «فرانس أنتير»، في تصريح صحافي، أن التعاون مع الجيش السوري النظامي سيكون «ممكنا ضد الإرهاب في حال وصولنا إلى عملية انتقال سياسي، إذا لم يعد بشار هو من يقوده». وأضاف فابيوس إلى أنه «من الواضح أن الجيش لن ينخرط (في الحرب) إلى جانب المعارضة المعتدلة إذا كانت الكلمة العليا للأسد». وينطلق فابيوس من مسلمة مفادها أن القضاء على «داعش» لن يتم فقط عن طريق القصف الجوي، وأنه لا بد من قوى أرضية تتمم العملية. وتريد باريس أن يتم توجيه الجهود لاستعادة مدينة الرقة من «داعش». ولذا، فإن المنطق الفرنسي «الجديد» يرى أن هناك حاجة لجيش النظام؛ إذ إن باريس أو أية بلدان أخرى لا تريد حتى الآن المحاربة ميدانيا والاكتفاء بالحرب الجوية. وبما أن الإرهاب أصبح «العدو الأول» لفرنسا وأن أولوية محاربته تتقدم على كل اعتبار، فإن السياسة الفرنسية أخذت تنزلق شيئا فشيئا مبتعدة عن المواقف السابقة لباريس التي كانت الأكثر تشددا في موضوع النظام والأسد. وتجد باريس اليوم في الطرف الألماني حليفا يسير في ركابها. فقد أعربت وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون در ليان، عن الانفتاح على مشاركة قوات النظام السوري في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، مشيرة إلى ما حصل في العراق. لكن الوزيرة الألمانية كما في حالة فابيوس، رأت أن «لا مستقبل للأسد. هذا شيء واضح». لكن الناطق باسم الحكومة الألمانية صحح تصريحها بقوله إنه «لا تعاون مع الأسد ولا تعاون مع قوات يقودها الأسد»، مما يلتقي مع الموقف الفرنسي.

مشاركة :