العثور على جزيئات بلاستيك دقيقة في عينات دم بشرية

  • 3/26/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رصدت دراسة علمية وجود جزيئات بلاستيك دقيقة في عينات دم بشرية للمرة الأولى على الإطلاق، وهو ما يشير إلى إمكانية انتقال هذه الجزيئات إلى الأعضاء البشرية. وفي إطار الدراسة التي أجريت بتمويل من “الهيئة الوطنية الهولندية للأبحاث الصحية والتنمية والبحار المشتركة” وأوردت نتائجها الدورية العلمية “إنفيرومنت إنترناشونال”، اكتشف الباحثون وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة في عينات دماء 17 من بين 22 شخصا شاركوا في التجربة. وتتوافر جزيئات البلاستيك الدقيقة على نطاق واسع في البيئة، ويمكن رصدها في الكائنات البحرية ومياه الشرب والتربة وغيرها. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه لا توجد معلومات كافية لاستخلاص نتائج بشأن مدى خطورة هذه المواد على صحة البشر، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء. ويتم إنتاج أكثر من 300 مليون طن من البلاستيك كل عام، وينتهي الحال بـ14 مليون طن في مياه البحار والمحيطات حيث تتسرب هذه المواد إلى أجسام الكائنات البحرية، مما ينذر بدخولها في دورة الغذاء البشرية، بحسب الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. وشملت الدراسة خمسة أنواع شائعة من البلاستيك من بينها البوليثيلين تيرافثاليت الذي يدخل في صناعة الزجاجات البلاستيكية، ومادة البوليثيلين التي تدخل في مجال تعبئة المواد الغذائية. جزيئات البلاستيك الدقيقة تتوافر على نطاق واسع في البيئة، ويمكن رصدها في الكائنات البحرية ومياه الشرب ويستخدم البوليثيلين تيرافثاليت لتصنيع أحد أنواع ألياف النسيج الاصطناعي وقناني تغليف الماء والأطعمة والسوائل الأخرى، وفي تطبيقات تشكيل اللدائن بالحرارة، ومادة رابطة للألياف الزجاجية في المواد الهندسية. وتؤكد هذه الدراسة فرضية أن تعرض الإنسان لجزيئات البلاستيك الدقيقة يؤدي إلى امتصاصها في مجرى الدم، ولكن هناك ضرورة للمزيد من الدراسات لتحديد تأثير التعرض لهذه المادة، وما إذا كانت تنطوي على خطورة صحية. وتوصلت دراسة حديثة إلى أن جزيئات البلاستيك الدقيقة تسبب أضرارا للخلايا البشرية بالمستويات المعروفة والناس يبتلعونها عن طريق طعامهم. وشمل الضرر، الذي توصل إليه الباحثون في المختبر، موت الخلايا وردود الفعل التحسسية وتلف جدار الخلية، وتعد هذه الدراسة الأولى التي تُظهر أن هذا ما قد يحدث لجسم الإنسان عند التعرض للمستويات المحددة في الاستهلاك البشري من اللدائن الدقيقة. ومع ذلك، حذر الباحثون من أن التأثير الصحي الفعلي على جسم الإنسان ما يزال غير مؤكد لأنه من غير المعروف كم من الوقت تبقى اللدائن الدقيقة في الجسم قبل إفرازها. وأدى تلوث الجزيئات البلاستيكية الدقيقة إلى تلوث الكوكب بأكمله. ومن المعروف بالفعل أن الناس يستهلكون الجزيئات الدقيقة عن طريق الطعام والماء وكذلك استنشاقها. وحلل الباحثون، بقيادة جامعة هال، 17 دراسة سابقة تناولت التأثيرات السمية للجسيمات البلاستيكية الدقيقة على الخلايا البشرية في بيئة معملية. ثم قارن الفريق مستوى المواد البلاستيكية الدقيقة التي تلحق الضرر بالخلايا بالمستويات التي يستهلكها الناس عن طريق مياه الشرب الملوثة والمأكولات البحرية وملح الطعام. ووجدوا أنواعا معينة من الضرر، مثل موت الخلايا والاستجابة التحسسية والأضرار التي تلحق بجدران الخلايا، كانت ناجمة عن مستويات المواد البلاستيكية الدقيقة التي يتناولها الناس. كما أن مدى الضرر الخلوي يزداد مع كمية المواد البلاستيكية الدقيقة الممتصة. البلاستيك خطر يهدد سلامة الخلايا البشرية البلاستيك خطر يهدد سلامة الخلايا البشرية وقال إيفانجيلوس دانوبولوس من كلية هال للطب في المملكة المتحدة والذي قاد الدراسة إن التأثيرات الضارة على الخلايا هي في كثير من الحالات الحدث الأول للتأثيرات الصحية، و”يجب أن نشعر بالقلق، ففي الوقت الحالي لا توجد طريقة فعلية لحماية أنفسنا”. وأشار إلى أن البحث المستقبلي قد يجعل من الممكن تحديد الأطعمة الأكثر تلوثا وتجنبها، ولكن الحل الأمثل الآن هو وقف إنتاج النفايات البلاستيكية، “بمجرد أن يصبح البلاستيك في البيئة، لا يمكننا التخلص منه حقا”. وأضاف دانوبولوس أن الأبحاث حول التأثير الصحي للمواد البلاستيكية الدقيقة تتزايد بسرعة. وتابع “نتعرض لهذه الجسيمات كل يوم: نأكلها، نستنشقها. ونحن لا نعرف حقا كيف تتفاعل مع أجسادنا بمجرد دخولها”. وأظهرت الدراسة أن اللدائن الدقيقة غير المنتظمة تتسبب في موت الخلايا أكثر من تلك الكروية. وهذا مهم للدراسات المستقبلية لأن العديد من اللدائن الدقيقة التي يتم استخدامها في التجارب المعملية تكون كروية، وبالتالي قد لا تكون ممثلة للجسيمات التي يبتلعها الإنسان. وأوضح ستيف ألين الباحث في المواد البلاستيكية الدقيقة أن هذا العمل يساعد في تحديد المكان الذي يجب أن تبحث الدراسات فيه عن التأثيرات الواقعية. ومن المثير للاهتمام أن الشكل كان مهمّا جدا للسميّة، لأنه يؤكد ما يعتقد العديد من باحثي التلوث البلاستيكي أنه سيحدث، وأن المجالات النقية المستخدمة في التجارب المعملية قد لا تظهر تأثيرات العالم الحقيقي. وأشار دانوبولوس إلى أن الخطوة التالية للباحثين هي النظر في دراسات الضرر الذي يلحق باللدائن الدقيقة في حيوانات المختبر، حيث أن التجارب على البشر لن تكون أخلاقية. وتشير الأدلة الحديثة إلى أن البشر يستنشقون ويبتلعون جزيئات البلاستيك المجهري باستمرار، غير أن الخبراء لا يعلمون تأثير هذه الجزيئات الدقيقة على صحة الإنسان، كما أنها متناثرة وتتواجد في الأسماك والحشرات والحيتان والشعاب المرجانية وفي البراز، بل إنها تظهر في المشيمة البشرية. دراسات حديثة تشير إلى أن البشر يستنشقون ويبتلعون جزيئات البلاستيك المجهري باستمرار، غير أن الخبراء لا يعلمون تأثير هذه الجزيئات الدقيقة على صحة الإنسان ونظرا للتراكم المذهل لهذه الجزيئات البلاستيكية في جميع بيئات الأرض، إضافة إلى الدعوة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية عام 2019 بهدف إجراء المزيد من التقييم حول ما تحمله الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من تأثيرات محتملة على صحة الإنسان، فقد تعرضت مجموعة من المقالات العلمية الحديثة إلى المخاطر التي يحملها انتشار البلاستيك المجهري على صحة الإنسان، إذ كشفت النتائج الأولية عن أسباب تدعو للقلق. وحديثا نبه مقال صدر بدورية “ساينس” في الثاني عشر من فبراير الماضي إلى احتمالية تحول هذه الجسيمات الدقيقة إلى أزمة صحية ضارة. فرغم غياب الأدلة على كونها سموما فورية شديدة، فإن باحثي الدراسة يحذرون من تعرض البشر والكائنات الحية إلى تلك الجزيئات البلاستيكية الدقيقة لفترات طويلة. وحسب تقرير نشره موقع “ساينس ألرت”، فإن العلماء يُرجِعون الضرر الذي تحمله هذه الجزيئات إلى تعرض البشر على مدار أعوام بشكل مستمر ومتزايد لهذه المواد؛ مما يزيد تركيزها داخل الجسم. ورغم أن الجسم يتخلص من المواد البلاستيكية الأكبر حجما، فإن الجزيئات الأصغر هي التي تحمل السمية الأكبر على الجسد، كما أشار الباحثون. وفي ورقة بحثية سابقة نشرت في دورية “إيكولوجيكال أبليكيشنز عام 2020″، أشار العلماء أيضا إلى أن الدراسات التي سترتكز على الجسيمات البلاستيكية الأصغر قد تكتشف تأثيرات ضارة. وأفاد تقرير نشره موقع “ذا كونفرزيشن” بأن خطورة هذه الجزيئات تعود إلى سهولة نفاذها عبر غشاء الخلية، ومن ثم تسببها في آثار ضارة مثل الالتهاب، كما يسهل استهلاكها من قبل الكائنات الحية الصغيرة. وأشارت الدراسات، التي أُجريت على الخلايا البشرية المُستزرعة معمليا وعلى القوارض والأنواع المائية، إلى سهولة انتقال الجزيئات البلاستيكية الأقل من 10 مايكرومتر من تجويف الأمعاء إلى الجهاز اللمفي والدورة الدموية؛ مما يتسبب في زيادة تراكم هذه الجزيئات داخل أنسجة الجسم مثل الكبد والكلى والدماغ. كما خلُصت مراجعة حديثة نشرت في دورية “نانوماتريالز” إلى خطورة تحلل جزيئات البلاستيك المجهرية داخل الجسم جراء تفاعلها بشكل مختلف تماما عما تفعله خارجه.

مشاركة :