الطلبة المغاربة العائدون من أوكرانيا أمام مستقبل يكتنفه الغموض

  • 3/27/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يواجه الطلبة المغاربة العائدون من أوكرانيا بسبب الهجوم، الذي تشنه روسيا، مستقبلا أكاديميا غير واضح، حيث وجد هؤلاء أنفسهم أمام تعقيدات لاستكمال الموسم الدراسي في بلادهم. وتعاظمت مخاوف هؤلاء أكثر بعد الرفض الصريح الذي عبرت عنه اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان لإدماج الطلبة العائدين من الحرب، مع ما يتطلبه الإدماج من إجراءات معقدة، في وقت يقول الطلبة العائدون إن الدولة ملزمة بإيجاد حلول لوضعيتهم. وتصاعد الجدل بشأن وضعية هؤلاء الطلبة بعد أن قالت اللجنة إنه “نظرا للوضعية الحالية الصعبة داخل الكليات العمومية والمستشفيات الجامعية وما يعانيه الطالب من صعوبات في التكوين والتدريبات الاستشفائية تجعلنا ندعو إلى استبعاد إمكانية دمج طلبة أوكرانيا”. ولفتت إلى أن التدريبات الاستشفائية والمبدأ الدستوري لتكافؤ الفرص، خطوط حمراء لا ينبغي المساس بها تحت أي ذريعة كانت، بما في ذلك من طرف طلبة أوكرانيا. وأكد محمد قاسمي علوي رئيس اللجنة في تصريح لـ”العرب”، أنه “لا توجد لدينا مشكلة مع الطلبة الذين يدرسون في أوكرانيا، فهم قبل كل شيء مواطنون مغاربة، ومن الواجب إيجاد حل لمشكلاتهم. والبيان لم يقص أي أحد”. محمد قاسمي علوي: المشكلة ليست في إدماجهم، بل في الوضع الكارثي بالكليات وأضاف أن المشكلة المطروحة لا تكمن بالأساس في مسألة إدماجهم في الكليات المغربية بحد ذاتها فقط، بل في الوضعية التي وصفها بـ”الكارثية” التي تعرفها حالة الاكتظاظ وجودة ظروف التكوين بشقيه، النظري والتطبيقي، خصوصا في التدريبات التي كان توسيعها موضوع “نضال” منذ سنوات. وبخصوص مبدأ تكافؤ الفرص أشار علوي إلى أنه “إذا ما تم إدماج هؤلاء الطلبة فلن نضمن تكوينا جيدا لأي منا سواء الطلبة الحاليين أو طلبة أوكرانيا، والضحية أولا وأخيرا هو المواطن المغربي”، مشيرا إلى أنه لا يجب تجاوز مبدأ تكافؤ الفرص والاستحقاق في هذا الموضوع، موضحا أنه “خلال 2011، على سبيل المثال كان هناك مواطنون مغاربة يدرسون في الكليات العمومية التونسية المشهود لها بجودة التكوين، عندما طالبوا بالإدماج قوبلت مطالبهم بالرفض آنذاك بداعي القانون. فما الفرق بين الطرفين؟”. وأكد سمير وهو أحد الطلبة القادمين من أوكرانيا لـ”العرب”، أن “وضعيتنا جدّ معقدة ولم نختر هذا الواقع المفروض علينا فقد كنا نتابع دراستنا في تخصص الصيدلة بكل حيوية، ولم نكن ننوي العودة إلى المغرب إلا ونحن نحمل شهائدنا”. وطالب سمير السلطات المعنية بإيجاد حل لوضعيتهم التي أجبروا عليها وفق قوله، مشددا على أنهم لم يفهموا “موقف الطلبة المتواجدين بالمؤسسات التعليمية المغربية”. وتقول الحكومة إنها كانت سباقة لإنقاذ هؤلاء الطلبة من جحيم الحرب وتداعياتها على وضعيتهم، لكن البت في مستقبلهم الأكاديمي لا يزال قيد الدراسة وأن الأمر يتطلب مقاربة للمعالجة، حيث أشار مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إلى أن “هناك أيضا اجتماعات تعقد على المستوى الداخلي من أجل دراسة ملاءمة الدفاتر البيداغوجية لدراسة إمكانية التحاق هؤلاء الطلبة بالكليات المغربية”. وهناك حوالي 5000 طالب فروا من جحيم الحرب عائدين إلى المغرب ويواجهون مستقبلا يكتنفه الغموض. وقالت اللجنة إنها “تحتفظ بكل الحق في اتخاذ خطوات نضالية أخرى في حالة عدم الالتزام بتطبيق محضر الاتفاق، إذ أن تنزيله هو المدخل الأساس والضامن للعمل التشاركي بكل مسؤولية في قادم المشاريع”. وقال علوي إن “مبدأنا في اللجنة الوطنية هو الحوار، نبحث عن التوافق بكل مسؤولية ووطنية لما فيه مصلحة لبلدنا ولطلبة الكليات العمومية، ولقد تحملنا مسؤوليتنا التاريخية بموقفنا هذا، ويبقى على الحكومة ألا تختار الطريق الآخر الذي يدعو إلى التصعيد وتتحمل مسؤوليتها بتبني الوضوح والواقعية في تعاملها مع هذا الموضوع، وببحث طرق الحلول ليست على حساب ما تبقى من الكلية العمومية، وبتوسيع التدريبات الاستشفائية”. مصير مجهول مصير مجهول وتحتاج تسوية وضعية الطلبة العائدين من أوكرانيا إلى جهود وقرارات مرنة لإيقاف حالة الشدّ والجذب. وقالت مصادر لـ”العرب”، في وزارة المالية، إن “إدماج هذه الفئة في كليات الطب أو معاهد الهندسة، سيكلف الدولة مصاريف كبيرة لإعادة التكوين، مع وجود مخاوف كبيرة من فشل الإدماج”. وعلى مستوى الانتقاء فكليات الطب التي يدخلها الطلبة المغاربة والأفارقة والأجانب تمر عبر التسجيل بشروط واختبارات لانتقاء المرشحين لدخولها بالحصول على معدلات تفوق 17 أو 16 نقطة. وتقول ذات المصادر، إن قرار الإدماج لا بد أن تبت فيه عدد من القطاعات منها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمالية والميزانية والتعليم، ما يتطلب تكوين لجنة مختصة لحسم هذا الأمر. وفي محاولة لبث رسائل طمأنة أكد مكتب الطلبة المغاربة بأوكرانيا، أن هناك إمكانية متابعة هؤلاء لدراستهم في جامعات أوروبية وقد فتحت بالفعل رومانيا وألمانيا وغيرها، أبواب جامعاتها بشرط تقديم بطاقة إقامة أوكرانية ووثائق مدرسية. ورغم صعوبة هذا الشرط في ظل الظروف الحالية إلا أن منسقي الطلبة يحاولون البحث عن منافذ لحل هذه الإشكالية، وفي هذا الصدد اعتبر علوي، أنها بوادر إيجابية لإمكانية حل المشكلة دون هدم ما تبقى من الكلية العمومية. وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المغربية قد أحدثت منصة رقمية للتمكن من جرد الطالبات والطلبة العائدين من أوكرانيا، ورصد تخصصاتهم ومستوياتهم الجامعية، ودعت الوزارة الطالبات والطلبة المعنيين بالأمر، إلى تسجيل بياناتهم في هذه المنصة.

مشاركة :