رأى محللون فلسطينيون، أن المنافسة التي شهدتها الانتخابات المحلية (البلدية)، بالضفة الغربية في مرحلتها الثانية والأخيرة، مؤشر على وجود حالة استقطاب سياسي بين حركتي فتح وحماس، رغم عدم مشاركة الأخيرة رسميا. وأوضح المحللون أن تلك الانتخابات وبالرغم من أنها عقدت في الضفة الغربية دون قطاع غزة، تؤسس لانتخابات تشريعية (برلمانية)، ورئاسية، ومجلس وطني (برلمان منظمة التحرير). والسبت عقدت المرحلة الثانية والأخيرة من الانتخابات البلدية في 50 هيئة محلية بالضفة الغربية بما فيها ضواحي القدس. ورسميا، تقاطع حركة حماس هذه الانتخابات، ولم تعقد في قطاع غزة الذي تحكمه الحركة منذ عام 2007، غير أن كوادرها ونشطاءها بالضفة شاركوا في المرحلة الثانية ضمن قوائم مستقلة. سليمان بشارات: الانتخابات البلدية أعادت الاستقطاب بين فتح وحماس وكانت حماس قد أعلنت رفضها المشاركة بالانتخابات المحلية وطالبت بعقد انتخابات شاملة تشمل الرئاسية والتشريعية، والمجلس الوطني، متهمة الرئيس محمود عباس بتعطيل إجرائها. ووفق مرسوم رئاسي، كان من المقرر أن تُجرى الانتخابات الفلسطينية الشاملة على 3 مراحل خلال عام 2021: تشريعية (برلمانية) في الثاني والعشرين من مايو، ورئاسية في الحادي والثلاثين من يوليو، وانتخابات المجلس الوطني في الحادي والثلاثين من أغسطس. لكن الرئيس الفلسطيني قرر في نهاية أبريل 2021، تأجيلها إلى حين ضمان سماح إسرائيل بمشاركة سكان مدينة القدس المحتلة. وتعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي منذ عام 2007، حيث تسيطر حماس على قطاع غزة، في حين تدير الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة فتح، الضفة الغربية. وقالت حركة فتح التي يتزعمها عباس، إنها حققت مع شركائها فوزا “ساحقا” في الانتخابات المحلية بالضفة الغربية. وأضافت الحركة في بيان، أن قوائمها “منفردة ومع شركائها من القوى الوطنية والاجتماعية، حققت فوزا ساحقا في انتخابات الدورة الثانية لانتخابات المجالس المحلية”. وتابعت أن “نجاح العملية الانتخابية هو إنجاز وطني، وتجسيد للسيادة على الأرض الفلسطينية، وخطوة مهمة في إنجاز الاستقلال في إطار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”. وأعربت الحركة، عن “أسفها الشديد من قرار حركة حماس بمنع إجراء الانتخابات في قطاع غزة”. وتضم المرحلة الثانية من الانتخابات المدن الكبرى بالضفة الغربية وهي: رام الله والبيرة والخليل ونابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية وأريحا وبيت لحم وطوباس وسلفيت. ورأى الكاتب والمحلل الفلسطيني طلال عوكل، أنه وبالرغم من أن انتخابات البلديات خدماتية غير أنها أخذت طابعا تنافسيا سياسيا. وقال إن حركة فتح لا تزال قوة كبيرة في الشارع الفلسطيني، وتستطيع أن تحقق نجاحا بأي انتخابات. وأضاف “وبالرغم من قوة فتح لكن هناك منافسة كبيرة وقوية من فصائل أخرى كحركة حماس التي خاضت الانتخابات في قوائم مستقلة، وهذه المنافسة حميدة كونها تعمل على تحسين الخدمات التي تقدمها البلديات للمواطن”. وقال “أن تُجرى الانتخابات من حيث المبدأ أمر جيد ومؤشر على إمكانية أن تكون هناك انتخابات في قطاع غزة، وتؤسس إلى انتخابات تشريعية (برلمانية)، ورئاسية، ومجلس وطني (برلمان منظمة التحرير)”. لكن الكاتب الفلسطيني أرجع تدني نسبة المشاركة العامة في الانتخابات، وخاصة بالمدن الرئيسة، إلى وجود حالة من عدم ثقة بالعمل السياسي والفصائلي، وإلى وجود أزمة علاقة بين المجتمع والمستويات السياسية، وتتجلى هذه الأزمة بأكثر من شكل بينها عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وتابع “المواطن يشعر بأنه لا قيمة كبيرة لهذه الانتخابات بالرغم من أن المواطن الفلسطيني واع بأهمية صوته، لكنه يشعر بألا أهمية لتك الانتخابات حاليا”. Thumbnail والسبت، أعلن رئيس لجنة الانتخابات الفلسطينية (حكومية) حنا ناصر، أن “نسبة المشاركة بلغت 53 في المئة، في الانتخابات المحلية في مرحلتها الثانية”. ويرى مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن الانتخابات البلدية جرت في مرحلتيها الأولى والثانية بالضفة الغربية بما فيها ضواحي القدس، بنجاح، وسط تنافس عشائري (في البلديات الصغيرة)، وسياسي حزبي في المدن الرئيسية. وقال “نعم الانتخابات العامة بحاجة إلى قرار سياسي وتوافق فصائلي، وهذا أيضا ممكن إذا ما توفرت الإرادة لدى الكل الفلسطيني”. ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني تواق للتغيير، وممارسة مواطنته. وأشار عوض إلى أن المرحلة الثانية من الانتخابات أظهرت وجود شد وجذب وتنافس قوي بين حركة فتح، وقوائم دعمتها حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى. ومن جهته، رأى سليمان بشارات مدير مركز يبوس للدراسات السياسية (خاص)، أن الجولة الثانية من الانتخابات البلدية أعادت مفهوم المنافسة والاستقطاب الرئيسي ما بين تيارين أو كتلتين (فتح وحماس) تتنافسان سياسيا وفكريا حتى وإن حاولت كل منهما استخدام عباءة الكفاءة والمهنية. ولفت بشارات إلى أن الحزبية ظهرت في المدن الرئيسية أكثر منها في البلدات والقرى الصغيرة، والتي تعتمد أكثر على البعد العائلي. وقال إن “هذه الانتخابات تشير إلى أن أي انتخابات قادمة إن جرت سواء تشريعية أو رئاسية ستشهد منافسة قوية بين كتلتين رئيسيتين هما حركتا فتح وحماس، ولن يكون هناك نصيب للقوائم والفصائل الصغيرة”. وتابع “نتائج الانتخابات بصورة أو بأخرى ستكون تحت المجهر لدى حماس وفتح”. وعن نسبة المشاركة في الانتخابات قال بشارات، إنها “تدلل على أن الشارع الفلسطيني قد يعزف عن المشاركة في الانتخابات نتاج فقدان الثقة بالسياسيين والأحزاب، واستمرار حالة الانقسام الفلسطيني”.
مشاركة :